إسماعيل ياشا - أخبار تركيا
الحوار والتسامح والاعتدال والخدمة والدعوة والتعليم والتربية وما إلى ذلك من الشعارات البراقة والفعاليات الدعائية كانت تغطي على أعمال لا يمارسها إلا شبكات المافيا والجرائم المنظمة مثل القتل والسرقة والسلب والنهب والابتزاز والتهديد والتنصت والتجسس، وعندما رفع الغطاء انكشف كل ما يخفي تحته من أعمال قذرة فاجأت الجميع.
صحيفة يني شفق التركية نشرت في عددها الصادر يوم الأربعاء تقريراً حول قيام “الكيان الموازي” بسرقة أسئلة الاختبارات التي تم تنظيمها في 2010 لقبول الموظفين وتعيينهم. ويشير التقرير إلى أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً بعد أن نشرت وسائل الإعلام تقارير تفيد بأن الأسئلة تم تسريبها قبل الاختبارات، وقامت قوات الأمن في إطار التحقيق بمداهمة بيوت المشتبه بهم ومصادرة أجهزتهم ووجدت في كمبيوتر أحدهم ملفات تحتوي على أسئلة الاختبارات المذكورة وتبين أن تلك الملفات تم إنشاؤها قبل الاختبارات بخمسة أيام.
عندما أعلنت نتائج الاختبارات في علوم التعليم وأسماء الناجحين في 2010 ، اتضح أن كثيراً من المتفوقين فيها بينهم صلة القرابة، ما أثار الشكوك وعلامات الاستفهام حول احتمال تسريب الأسئلة أو سرقتها قبل الاختبارات، وتم إلغاء النتائج وإجراء الاختبارات من جديد.
جماعة كولن كانت تستخدم تسريب الأسئلة إلى المنتمين لها في اختبارات التوظيف كوسيلة للتغلغل في أجهزة الدولة وزرع رجال “الكيان الموازي” في المؤسسات الرسمية التي تسعى إلى السيطرة عليها. وعن طريق سرقة الأسئلة وتسريبها إلى المنتمين للجماعة توظف خلال السنوات الماضية آلاف من رجال الجماعة دون أن يستحقوا تلك الوظائف وتقاضوا رواتب شهرية، في الوقت الذي بذل متقدمون آخرون جهوداً كبيرة للنجاح في الاختبارات ولكنهم لم ينجحون ولم يتم تعيينهم في تلك الوظائف لأنهم لم يكونوا منتمين للجماعة ولم يقم أحد بتسريب الأسئلة إليهم. ثم يزعم رجال الجماعة أنهم لم يسرقوا شيئا من المال العام ولم يأكلوا مالاً حراما. ويبدو أنهم لا يرون بأسا في الغش للحصول على وظائف هي في الحقيقة من حق الآخرين.
سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله: “يقوم بعض الطلبة بالغش في أثناء الاختبارات، فما الحكم؟”، وكان جوابه كالتالي: “لا يحل للطالب أن يغش في أثناء الامتحانات، لأن الغش من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من غش فليس منا”، ولأنه يترتب على غشه أن ينجح أو أن يعطى ورقة النجاح وهو غير جدير بذلك ثم يتولى مناصب في الدولة لا تصلح إلا لمن يحمل الشهادة وإذا كانت هذه الشهادة مبنية على غش فإنه يخشى أن يكون ما يأخذه من الرواتب حرام عليه لأنه يأخذه وهو غير مستحق له حيث إنه لم ينل حقيقة الدرجة أو بالأصح لم يصل في الحقيقة إلى الدرجة التي تؤهله لهذا المنصب فيكون أخذه للراتب من أكل المال بالباطل.”
رئيس نادي فناربحتشه “عزيز يلدريم” حكم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام وثلاثة أشهر في 2012 بعدما أدين بالتلاعب في النتائج في الدوري التركي الممتاز وأمضى عاماً في السجن قبل إخلاء سبيله، وما زالت القضية مستمرة. وذكر رئيس نادي غلطة سراي “دويغون يورسوات” في حديثه للكاتب التركي “آتيلا غوكتشه” أن جماعة فتح الله كولن طلبت من “عزيز يلدريم” 50 مليون دولار، وأن يلدريم رفض هذا الطلب ولم يدفع إلى الجماعة أي مبلغ وأن قضية التلاعب في النتائج أثيرت بعد رفض يلدريم ما طلبت منه الجماعة. ويضيف “آتيلا غوكتشه” في مقاله المنشور في الـ17 من ديسمبر / كانون الأول بصحيفة “ملليت” التركية أن رئيس نادي فناربحتشه أخبر بعد إخلاء سبيله، “أرتوغرول أوزكوك”، الكاتب في صحيفة حرريت”، أن القضية التي يحاكم فيها تقف وراءها جماعة كولن.
جماعة “التحشية” من الجماعات المحسوبة على المدرسة النورسية وكان زعيمها “محمد دوغان” انتقد بشدة فتح الله كولن بسبب بعض أرائه، وكانت النتيجة اعتقال الرجل ومحاكمته بتهمة الارتباط بتنظيم القاعدة، وهو بعيد كل البعد عن التهمة الموجهة إليه، في مؤامرة حاكها “الكيان الموازي” لمعاقبة “محمد دوغان” وجماعته.
هذه بعض أعمال جماعة كولن و”الكيان الموازي”، ولا شك في أن مثل هذه الأعمال ليست من أعمال جماعة دينية دعوية، ولعل الأيام القادمة ستكسف لنا جرائم أخرى كانت مستورة، لأن جدار الخوف الذي بناه “الكيان الموازي” قد انهار، وهناك كثير من الشهود مستعدون للإدلاء بشهاداتهم ضد الجماعة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس