ترك برس
نشرت صحيفة "إزفستيا" الروسية، مقالًا لمدير البرنامج السياسي في مركز دراسة تركيا المعاصرة يوري مافاشيف، حول الأسباب التي دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للإعلان عن انتخابات مبكرة، ودور عملية "غصن الزيتون" في ذلك.
ويرى مافاشيف أن الأنباء عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في تركيا في يونيو/ حزيران القادم، قد هزت المجتمع الدولي، إلا أن ثمة حسابا سياسيا رصينا واضحا أيضًا في هذا القرار الذي أصدره الرئيس بتقديم موعد الانتخابات عاما ونصف العام.
وأضاف، بحسب وكالة "RT"، أنه في الآونة الأخيرة، لا يفصل العديد من الخبراء والصحفيين الأتراك عملية "غصن الزيتون" في سوريا عن العمليات السياسية الداخلية في الجمهورية، مدركين تمامًا أن الحزب الحاكم والرئيس والحكومة الحالية يمكن أن يرسمِلوا الانتصارات الخارجية ويحولوها إلى أصوات انتخابية. وتعود الحاجة إلى مثل هذه التكتيكات إلى عدة أسباب:
عندما جرى الاستفتاء التاريخي في أبريل 2017 في تركيا حول مسألة الإصلاح الدستوري الذي ينص على الانتقال إلى الشكل الرئاسي للحكم، فإن الزعيم الحالي والموحي بهذا الاستفتاء لم يحصل إلا على جزء من السلطات الرئاسية الجديدة. وتم تأجيل التعديلات المتبقية حتى الانتخابات المقبلة، التي لم تكن لتعقد قبل نوفمبر 2019.
في الوقت نفسه، "في البقية الجافة"، فإن رئيس الدولة الحالي، الذي تولى منصبه في العام 2014، حصل في العام 2017 على مشاكل وتحديات وتناقضات دولية ومحلية جديدة لفترة رئاسية وبرلمانية انتقالية كانت ستستمر حتى العام 2019.
في هذه الأثناء، مع تزايد التوتر الدولي، أصبح الكثيرون في المؤسسة التركية أكثر اقتناعا بأن رص الصفوف لحل المشاكل العاجلة ممكن فقط من خلال شكل رئاسي كامل للحكم.
لذلك، فالآن وبعد أن تم الانتهاء بنجاح من عملية "غصن الزيتون" في شمال سوريا، فقد أعلنت أنقرة مع موسكو وطهران عن مصالحها المشروعة أمام الغرب، ممثلا بالولايات المتحدة وفرنسا، بوصفها واحدة من الضامنين للتسوية السلمية السورية.
وهكذا، فالآن وفقط الآن، حان موعد حصاد النتائج المتحققة. فقد أدرك أردوغان أن تركيا ليس لديها وقت للانتظار حتى العام 2019. فاليوم، لتحقيق النجاح، لا يكفي أن تركض أمام القاطرة، إنما ينبغي أن تصبح أنت القاطرة.
في سياق متصل، يرى الباحث في العلاقات الدولية "علي حسين باكير"، أنه بالرغم من أن الدوافع الرئيسية لتقديم موعد الانتخابات هي دوافع داخلية، فإن ذلك لا يعني أن العوامل الخارجية كانت خارج الحسابات الكلية لحزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب أردوغان، وكما شرح الرئيس التركي في المؤتمر الصحافي قبل بضعة أيام، فقد بات من الضروري لتركيا تجاوز حالة الغموض في أسرع وقت ممكن، الضغوط الاقتصادية والاستقطاب السياسي، بالإضافة إلى وضعية "البطة العرجاء" لا تترك آثارها على الوضع الداخلي فقط، وإنما تحمل معها كذلك انعكاسات كبيرة على سياسة تركيا الخارجية.
واعتبر باكير أن أنقرة تعي أنها إذا كانت تريد أن تبقى على طاولة المفاوضات مع القوى الكبرى، فإن قواتها المسلحة يجب أن تبقى في المسارح الإقليمية قدر المستطاع، مثل هذا الجهد يحتاج إلى اقتصاد قوي، وإلى وضع سياسي داخلي متماسك، وإلى سياسة خارجية قادرة على امتصاص الصدمات، وحتى الرد إن تطلب الأمر ذلك، الانتظار حتى نوفمبر 2019م ما كان ليخدم هذه الأهداف بتاتاً، لا سيما مع أخذ الجانب التركي بالحسبان ضرورة استمرار العمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق على المدى المنظور.
وأضاف باكير في مقال بصحيفة العرب القطرية: من الناحية السياسية، فإن العلاقة مع القوى الكبرى في وضع جيوبوليتيكي معقّد ومتداخل، يغلب عليه الطابع التنافسي والصدامي، تحتاج إلى حسابات خاصة لا يمكن لها أن تسود، فيما لو أن الوضع الداخلي التركي ضعيف، أو غير متماسك، أو تشوبه حالة من الضبابية.
وأشار إلى أنه كان أمام صانع القرار التركي خياران، إما الانتظار حتى 2019 مع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية على الحكومة في العام الأخير المتبقي، الأمر الذي يقيّد رئيس الجمهورية، ويقلّص من خياراته، وقد يضطره للتنازل أمام الولايات المتحدة، وإما تقديم موعد الانتخابات لقطع الطريق على هذا السيناريو، ولإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية في وقت تكون فيه التوجهات الجديدة لوزير الخارجية الأميركي وكذلك مستشار الأمن القومي قد اتضحت تماماً، وهذا ما تسعى إليه الحكومة من خلال الانتخابات المبكرة في البلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!