رسول طوسون – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
ذكرنا مسبقاً أن الانتخابات المبكّرة قد أفسدت جميع السيناريوهات المُخططة ضد تركيا، وجاء الرد على ذلك من أمريكا، إذ صرّحت واشنطن بأنها تشعر بالقلق حيال إجراء انتخابات مبكّرة في ظل حالة الطوارئ المستمرة في تركيا.
مرّت سنة ونصف على انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب، ومع ذلك لم تنته المشاكل حول تلك الانتخابات إلى الآن، وما زالت الإشاعات حول وجود احتمال عزل ترامب عن منصبه منتشرة في أمريكا، لكن يبدو أن الخارجية الأمريكية لا تستطيع رؤية عيوبها الكبيرة وتنشغل بالتنقيب عن عيوب الآخرين بدلاً من ذلك.
في الواقع إن أمريكا لا تقلق بسبب الانتخابات بحد ذاتها، بل تشعر بالقلق تجاه تركيا الجديدة التي غدت تعتمد على نفسها وتتخذ قراراتها لوحدها ولا تترك لأمريكا مجال تنفيذ مخططاتها الإمبريالية، وفي هذا السياق من الطبيعي أن تقلق واشنطن بشأن هذه الانتخابات، لأنها ليست مجرد انتخابات رئاسية تقليدية، إنما سيتم اختيار رئيس الجمهورية والنوّاب إضافةً إلى تغيير نظام الحكم خلال هذه الانتخابات، وللتوضيح أكثر نذكر أن الحكومة التركية ستنتقل لنظام الحكم الرئاسي وبالتالي ستزداد قوتها بشكل ملحوظ، وهذه النقطة بالتحديد تدفع واشنطن للقلق.
أما السبب الثاني للقلق الأمريكي فهو إدراك واشنطن بأن أردوغان سينجح في الانتخابات، وأنها لن تتمكّن من الوقوف في وجه تركيا بعد الآن، وفي جميع الأحوال لا أؤمن بوجود شيء لا تشعر أمريكا بالقلق تجاهه، إذ دعمت أمريكا محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو وعند فشلها صرّحت بأنها تشعر بالقلق، وعند القبض على عملائها أفادت بالتصريح ذاته أيضاً، وكذلك شعرت بالقلق حيال عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات أيضاً، والآن تزعم أنها تشعر بالقلق تجاه الانتخابات المبكّرة متحجّجةً بأن إجراء انتخابات رئاسية في فترة تطبيق حالة الطوارئ هو قرار غير صائب.
لنفرض أن واشنطن محقّة في خصوص هذه المسألة، لكن لماذا لم تشعر بالقلق تجاه الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في فرنسا العام السابق على الرغم من تطبيق حالة الطوارئ في البلاد؟ ما الذي تغيّر ودفع واشنطن للقلق في هذه المرة؟
يتبيّن من خلال تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن لن تشعر بالقلق في حال إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الرسمي، لكن عند النظر إلى التطورات الأخيرة يمكننا إدراك السبب الحقيقي لهذا القلق.
وكذلك إن أحد الأسباب التي تدفع واشنطن للقلق هو الجيش العربي المؤلف من 60 ألف عنصر والذي تسعى لتأسيسه في الشمال السوري، لا تعطوا الكثير من الاهتمام لكلمة "العربي" لأنه في الواقع سيكون تحت إدارة أمريكا، كما هو الحال بالنسبة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي ساهمت أمريكا في تأسيسها من خلال توحيد عناصر بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي في جبهة واحدة ضد تركيا.
كانت أمريكا تسعى لإنهاء تأسيس هذا الجيش إلى أن يأتي موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا، ومع اتخاذ قرار إجراء الانتخابات المبكّرة بدأ القلق بالانتشار في واشنطن، لأن نجاح أدروغان في الانتخابات سيزيد من صعوبة تأسيس جيش عربي تحت إدارة أمريكية في سوريا، حتى وإن استطاعت تأسيس هذا الجيش فإنها ستتعرض للهزيمة كما حصل في مناطق الباب وعفرين التابعة لولاية حلب السورية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس