ياسر التركي - خاص ترك برس
افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الثلاثاء، بمشاركة نظرائه الأذري إلهام علييف، والجورجي جيورجي مار غفيلاشفيلي، والصربي ألكسندر فوتشيتش، والأوكراني بترو بوروشنكو، وقبرص التركية مصطفى أكينجي، خط أنابيب نقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر تركيا "تاناب" الذي يوصف بـ"طريق الحرير" للطاقة، حيث جرت المراسم في ولاية إسكي شهير وسط تركيا، بمشاركة واسعة من ممثلي الدول.
تعريف بالمشروع
أُعلن عن المشروع في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 في القمة الثالثة لطاقة واقتصاد البحر الأسود التي انعقدت في إسطنبول، إذ سيتولى خط الغاز (تاناب) نقل غاز أذربيجان المستخرج من حقول بحر قزوين إلى تركيا وأوروبا. وفي 26 حزيران/ يونيو عام 2012 تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الحكومة التركية والحكومة الأذربيجانية في مدينة إسطنبول لإنشاء ائتلاف شركات لبناء وتشغيل خط الأنابيب.
ويتكون المشروع من ثلاثة أقسام:
ـ القسم الأول، هو القسم الرابط بين أذربيجان وتركيا، ويُسمى خط جنوب القوقاز "SCP".
ـ القسم الثاني، هو القسم المار عبر تركيا، ويُسمى خط أنابيب الغاز العابر للأناضول "TANAP". الذي يمتد بطول 1850 كم من الحدود التركية الجورجية في الشرق إلى الحدود التركية اليونانية في الغرب ماراً من 20 ولاية تركية.
ـ القسم الثالث، هو القسم الرابط بين تركيا واليونان، ويُسمى خط الأنابيب العابر للأدرياتيكي "TAP".
أهمية المشروع بالنسبة لتركيا
تمتلك أذربيجان 1.2 ترليون متر مربع من احتياطي الغاز الطبيعي المستخرج من بحر قزوين ومن خلال خط تاناب سيتم توصيل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر تركيا، الأمر الذي سيحول تركيا إلى مركز لعبور الطاقة من آسيا إلى أوروبا. وتكمن أهمية المشروع بالنسبة إلى تركيا في عدة نقاط منها:
1- تأتي تركيا في المرتبة الثانية بعد الصين من حيث ارتفاع معدل استهلاك الغاز الطبيعي. وبالتالي، يعد خط أنابيب الغاز العابر للأناضول "تاناب" ذا أهمية بالغة فيما يتعلق بتلبية احتياجات تركيا من الغاز، فضلا عن السعر التنافسي الناتج عن تنويع مصادر الطاقة الذي سيوفر للمواطن التركي مصدر طاقة بسعر مناسب.
2- استقطاب شركات محلية وأجنبية للاستثمار الناتج عن العدد الكبير للمحطات التي تحتاج متابعة عمل الخط لتشغيلها ومتابعة عملية صيانتها إذ تحتوي كل محطة على أكثر من 500 مهندس وتقني، وهذا يعني استقطاب أموال استثمارية لتركيا، فضلا عن فرص العمل الهائلة التي ستوفرها هذه المحطات للمواطنين الأتراك.
3- توفير دخل ضريبي كبير لتركيا من خلال الضرائب المتمثلة بالجمارك ورسوم العبور، والبيع والشراء، فتركيا تعتبر دولة موزعة وذلك يعني أنها ستشتري الغاز وتبيعه وفقاً للأسعار الدولية.
4- تعزيز مكانة خاصة لتركيا في مجال الطاقة العالمي. إذ يمكن اعتبار المشروع حقبة جديدة بين أذربيجان وتركيا لجعل البلدين الشقيقين بلدان رئيسية في إمدادات الطاقة إلى الأسواق الأوروبية. كما سيسمح لتركيا بلعب دور الشريك الذي لا بديل له بالنسبة لكل من أوروبا وأذربيجان.
5- المشروع سيدفع عدة دول إقليمية كإسرائيل، لزيادة رغبتها وتعجيلها لعملية إبرام اتفاقية نقل الغاز مع تركيا، فضلاً عن تأييدها لعمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي، التي تجريها تركيا في البحر المتوسط، وتبادل التجارب والخبرات في مجال التنقيب عن الغاز الطبيعي مع أنقرة.
6- سيزيد المشروع من أهمية تركيا الاستراتيجية في المنطقة وزيادة تعامل أوروبا مع تركيا على حساب روسيا بسبب أن المشروع يمثل الخط الأمثل لإمداد الدول الأوروبية بالكميات التي تحتاجها من الغاز الطبيعي دون انقطاع. حيث تواجه الدول الأوروبية مشكلات في إمداد الغاز الطبيعي بسبب تبعيتها الشديدة للغاز الروسي. إذ أنها تعاني من الأسعار الباهظة للغاز الروسي بالإضافة إلى ظهور مشاكل سياسية أحياناً تؤثر على إمدادات الغاز، فضلا عن المشاكل التي تتعرض لها دول غرب أوروبا بسبب العوائق البنيوية التي تزهر داخل أراضي الدول الناقلة للغاز الروسي والتي تؤدي إلى قطع الغاز لفترات من الزمن، الأمر الذي يضطر تلك الدول للبحث عن بديل مكمل للغاز الروسي.
7- توسيع علاقات تركيا مع موردي الطاقة في المنطقة على نحو يجعلهم جميعا في حالة اعتماد كامل على تركيا، حيث تعمل تركيا على تنويع مصادرها من الغاز ومن الممكن جذب مشروع خط الغاز العربي القادم من مصر وقطر والعراق إلى الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية.
8- أصبح بإمكان تركيا أن تبدي رأيها في النزاعات القائمة بين دول بحر قزوين، حيث يمكن أن تهدد تركيا بتجميد مشروع السيل التركي، والتوجه نحو طهران التي تريد بدورها الحصول على منفذ للأسواق الأوروبية. حيث أن طهران تعد طرفا في المفاوضات السرية بشأن السيل التركي، ولا تريد أنقرة أن تحتكر شركة غازبروم وحدها مسألة تزويد هذا الخط من الأنابيب.
ومن خلال ما ذكرنا من النقاط أعلاه نرى أن مشروع تاناب سينقل تركيا من حال إلى حال، حيث سيخولها لتصبح مركزًا عالميًا لتجارة الغاز من آسيا والمنطقة العربية لاحقًا لتصديره إلى أوروبا، الأمر الذي يسرّع تركيا من تحقيق أهدافها الاستراتيجية المرتكزة في أن تصبح واحدة من أكبر عشرة اقتصادات في العالم في مئوية تأسيس الدولة التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس