مراد كيلكيتلي أوغلو – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
وضعت تركيا استراتيجيةً جديدةً حيال مكافحة الإرهاب من خلال العمليات التي بدأت في 24 تموز/يوليو 2015، وكانت هذه الاستراتيجية تعتمد على القضاء على منابع الإرهاب داخل الحدود التركية وخارجها.
وبناء على هذه الاستراتيجية نفّذت القوات المسلحة التركية العديد من العمليات العسكرية في الداخل، على سبيل المثال العمليات المنفّذة ضد القوى الإرهابية التي تحتمي ضمن خنادق محفورة في منطقة جيزرة، وبذلك بدأت تركيا بالقضاء على الإرهاب من الداخل نحو الخارج.
عقب الانتهاء من الإرهاب الموجود في الداخل التركي توجّهت الأنظار نحو خطر داعش الذي يهدد أمان تركيا، وفي هذا السياق بدأت عملية درع الفرات في منطقة الباب السورية، وتم تحرير مناطق واسعة تمتد من الباب إلى جرابلس، واليوم تعود إدارة تلك المناطق لأصحابها الحقيقيين أي لشعب المنطقة.
مع نجاح عملية درع الفرات اتخذّت تركيا خطوة جديدة ضد التنظيمات الإرهابية، وبدأت عملية غصن الزيتون في عفرين ضد بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية، وتمكّنت القوات التركية من القضاء على الإرهاب الموجود في المنطقة وبالتالي استطاعت تحويل معظم حدودها الجنوبية لمناطق آمنة خالية من التنظيمات الإرهابية، واستمرّت أنقرة في مسيرتها في إطار مكافحة الإرهاب من خلال الوصول لاتفاق دولي في خصوص الدخول إلى منبج، وبدأت بإجراء الاتصالات الدبلوماسية من أجل الوصول إلى اتفاق حول الدخول إلى جبل قنديل ومدينة سنجار في العراق.
لكن السؤال الهام في هذه النقطة هو أين كانت قوى المعارضة عندما تمكّنت تركيا من تحقيق هذه الانتصارات من خلال تعاون الشعب والحكومة والجيش التركي في إطار مكافحة الإرهاب؟
بدأ حزب الشعب الجمهوري بإعداد التقارير التي تزعم أن العمليات العسكرية المنفّذة ضد المراكز الإرهابية في الداخل التركي عبارة عن تصرّف إرهابي صادر عن الدولة التي يرأسها أردوغان، وكذلك عارض حزب الشعب الجمهوري عملية غصن الزيتون أيضاً، وبدأ بالتحذير من الدخول للمنطقة وأفاد بأن نتائج هذا التدخّل ستكون مؤلمة بالنسبة إلى تركيا.
ورداً على موقف حزب المعارضة أصدر الرئيس أردوغان تصريحاً كان مضمونه على النحو التالي: "إن مسير الحكومة بناء على آراء ومواقف حزب الشعب الجمهوري لربما كان سيؤدي إلى احتلال التنظيمات الإرهابية للبعض من القسم الجنوبي للبلاد"، مشيراً من خلال هذا التصريح إلى أن مواقف المعارضة تشكّل خطراً كبيراً تجاه أمان ووحدة الأراضي التركية.
والآن نعود للتطورات التي نشهدها في الوقت الحالي، يزعم مرشّح حزب الشعب الجمهوري "محرّم إينجه" أن تركيا لن تتمكّن من الدخول إلى جبل قنديل دون موافقة إيران وأمريكا على هذا القرار، من الغريب أن تصدر هذه العبارات عن مرشّح يسعى للوصول إلى سلطة البلاد، لأن هذه التصريحات تشير إلى أنه لا يدرك أن القوات المسلحة التركية تمكّنت من التقدّم ضمن مناطق واسعة في الشمال العراقي من خلال العمليات العسكرية التي بدأت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، أو أنه يتجاهل هذا الواقع ويُصدر إشاعات كاذبة لتكون ورقةً يحاول من خلالها التقليل من شأن وقوة الدولة التركية -حكومة أردوغان- في ظل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
يبدو أن قضاء تركيا على مراكز الإرهاب يتسبّب بانزعاج إينجه، أو أن الأخير سيشعر بالسعادة في حال فشل إحدى العمليات العسكرية التي تنفذها تركيا ضد الإرهاب، وفي هذا السياق يجب علينا التساؤل عن هوية الأشخاص أو الجهات التي تدفع إينجه للتصريح بمثل هذه العبارات، وأعتقد أننا سنتمكّن من الوصول لحقيقة هذه المسألة في القريب العاجل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس