ترك برس
اهتم الإعلام العربي على نطاق واسع بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في تركيا وسط أجواء ديمقراطية، يوم الأحد 24 حزيران/ يونيو 2018، مؤكّدًا على أهمية النتائج التي جاءت لصالح الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية.
شبكة الجزيرة القطرية، نشرت تقريرًا بعنوان "فوز أردوغان.. انتصار عابر للقارات"، مشيرة إلى أن الفوز القوي الذي حققه الرئيس التركي وحزبه المتحالف مع الحركة القومية، لم يكن فوزا ضد خصوم محليين فحسب، بل كان انتصارا مزدوجا وفوزا مركبا ذا أبعاد محلية وإقليمية ودولية تجعل منه انتصارا تاريخيا.
وقالت الجزيرة إن يوم 24 من يونيو/حزيران 2018 سيكون يوما من أيام التاريخ التركي والإقليمي؛ حيث كتبت الانتخابات الرئاسية والتشريعية صفحة جديدة في مستقبل تركيا، ووجهت صفعات قوية إلى قوى دولية راهنت على سقوط أردوغان.
المفاجآت التي حملتها نتائج هذه الانتخابات المبكرة ستفرض نفسها على جدول أعمال الجميع، فبقدر ما أثارت ارتياحا وابتهجا في أوساط عديدة، بقدر ما أثارت حسرة وغيظا وخيبة أمل عميقة بين العديد من قادة دول المنطقة.
وأشارت نتائج أولية غير رسمية إلى حصول أردوغان على 53% من الأصوات، متقدما على منافسه الرئيسي محرم إنجه الذي نال قرابة 31% من الأصوات. كما أشارت النتائج ذاتها إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد تجاوز عتبة 10% من الأصوات ليضمن بذلك دخول البرلمان.
وكان لافتا أن نسبة المشاركة قاربت 90% وهي نسبة نادرة حتى على مستوى الانتخابات في الدول الغربية، وتؤشّر من بين أمور أخرى على حدة الاستقطاب وضراوة المواجهة الانتخابية التي انجلت عن فوز أردوغان وحزبه.
والأكيد أن فوز تحالف الشعب بقيادة الرئيس أردوغان لم يكن شأنا تركيا خاصا؛ بل إن الانتخابات كانت دولية وإقليمية في أبسط تأثيراتها الخارجية، وكتب الانتظار والترقب لوحة الاهتمام العربي بهذه الانتخابات بين شعوب ترى فيها أملا وأنظمة تعمل منذ سنوات من أجل تعثر الفارس التركي.
وفي تركيا ذاتها عاش نحو 5 ملايين عربي على أعصابهم في انتظار يوم الفوز الأكبر، وكان أغلبهم ممن قذفت بهم صراعات واضطرابات ما بعد الربيع العربي طوعا أو كرها إلى تركيا، ومن بينهم أكثر من 3 ملايين سوري، عاشوا على وعيد مؤلم من منافس أردوغان محرم إينجه بطردهم وإبعادهم إلى الأرض التي فروا منها خلال السنوات الماضية.
وإذا كانت الحسابات الذاتية حاضرة بدرجة أو بأخرى في دعم عرب الداخل (داخل تركيا) لأردوغان وحزبه؛ فإن الملاحظة أن تأييد الرجل كان حاضرا وبقوة على مستوى الشارع العربي مشرقا ومغربا، ولم يقتصر في الغالب على أطياف سياسية أو أيديولوجية معينة بل كان سمة غالبة جعلت من الاستحقاق الانتخابي التركي شأنا داخليا في كل دولة عربية.
وتحولت منصات التواصل الاجتماعي في معظم الدول العربية إلى ساحة معارك حزبية وسياسية بين أنصار أردوغان وخصومه، كما امتلأت مجموعات الواتساب ومنتديات التواصل الاجتماعي بالقصائد والأدعية والابتهالات التي تتضرع بالدعاء لنَصر لأردوغان.
وقد رأى الكاتب والمدون أسامة رشدي أن "ما يدمر أعصاب الطغاة وسدنة الاستبداد والفساد والانقلابات في بلادنا هو بروز النموذج الذي يعري أكاذيبهم وباطِلهم ولذا تراهم ينفقون عشرات المليارات لتمويل المؤامرات والانقلابات لهدم هذه النماذج الملهمة للشعوب كما فعلوا مع مصر التي خربوها بتآمُرهم".
ولم يبتعد أستاذ الأخلاق السياسية محمد بن المختار الشنقيطي عن المسار ذاته عندما غرد في تهنئة للشعب التركي ولكل أحرار العالم "على الفوز المظفَّر للرئيس أردوغان وحزبه وحلفائه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا. والحسرة على من وصفهم بقادة الليكود العربي، والثورة المضادة، والقوى الدولية المنافقة الساعية إلى منع انبعاث الحضارة الإسلامية بكل وسيلة".
على أن قائمة الخاسرين من الانتخابات التركية تشمل دولا عربية تناصب أردوغان العداء في سياساتها ومواقفها وتحالفاتها، وبعضها وُجّهت إليه أصابع الاتهام بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2015، ولاحقا قبيل الانتخابات الحالية بقليل.
ولا تتوقف قائمة الخاسرين عند بعض الدول العربية؛ فقد تابعت دولة الاحتلال الإسرائيلي الانتخابات وسط آمال عراض عبّر عنها السياسيون والكتاب وضجت بها الصحف والمواقع الإسرائيلية بفرج إلهي يضع حدا لانتصارات أردوغان المتواصلة منذ 13 عاما.
ومع أن التوقعات بخسارة أردوغان كانت حاضرة في تحليلات وتوقعات الإسرائيليين وهي توقعات تمتزج أحيانا بالأمنيات فقد طلبت مُحللة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة يديعوت أحرونوت من الجميع عدم الإسراع في نعي الرئيس أردوغان من الناحية السياسية.
مع الرابع والعشرين من يونيو تأخذ تركيا سياقا جديدا يعزز مكتسبات العدالة والتنمية، ويفتح آفاقا جديدة أمام رجب الطيب أردوغان لإعادة تشكيل الساحة السياسية في تركيا، ووضع بصمات جديدة على المشهد الإقليمي، فيما تتآكل عواصم عربية حنقا وترقبًا من المستقبل التركي.. ولسان حال الناصح لهم يردد: اترك الترك ما تركوكم، وإلا فالبادِئ أظلم، حسب تعبير الجزيرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!