ترك برس
أكد تحليل سياسي نشره موقع "ذا هيل" الأمريكي، المقرب من الكونغرس، أن الولايات المتحدة وتركيا بحاجة ماسة إلى بعضهما البعض لأسباب ومصالح استراتيجية خاصة بهما، على الرغم من تصاعد التوتر بين البلدين في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن حملة الكونغرس لوقف تسليم مقاتلات إف 35 لتركيا لن تنجح.
وقال الموقع إن السبب الرئيس في محاولة بعض أعضاء الكونغرس وقف تسليم المقاتلات المتطورة إلى تركيا يرجع إلى سجن تركيا القس الأمريكي، أندرو برونسون، لأكثر من عام، ويزعم البعض في الكونغرس أن تركيا تريد احتجازه رهينة مقابل تسليم الولايات المتحدة لفتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الساقط في يوليو/ تموز 2016 وترفض الولايات المتحدة تسليمه.
وأضاف التحليل الذي كتبته حياة ألفي الأستاذة في كلية الحرب البحرية، أن هناك أسبابا اخرى لتحرك الكونغرس، منها الخوف من وصول الروس إلى المقاتلة الأمريكية ومعرفة أسرارها، بعد أن أصبحت
تركيا أكثر قربًا من روسيا، علاوة على شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400.
واستعرض التحليل أسباب الخلاف الأمريكي التركي في السنوات الأخيرة، وأولها صعود أردوغان وحزبه "الإسلامي" في تركيا العلمانية، وسياسته الداخلية والخارجية التي أثارت قلق الغرب.
وثاني الأسباب وفقا للتحليل، أن التداعيات الناجمة عن الحرب في سوريا غيرت تشكيل تحالفات المنطقة ومصالح مختلف الجهات الفاعلة. وقد أثرت بعض هذه التداعيات في تركيا تاثيرا مباشرا، وأدت في النهاية إلى انفراج بين تركيا وروسيا وإيران الداعمين للنظام السوري.
وعلاوة على ذلك انحازت تركيا إلى جانب دولة قطر ودعمتها في خلافها مع دول الحصار العربية المجاورة، إضافة إلى أن القوى الغربية غاضبة من دعم أردوغان للفلسطينيين، وخاصة في غزة، ما أفسد العلاقات التركية الإسرائيلية.
ولكن كاتبة التحليل تستدرك أنه رغم الخلافات فإن هناك أسباب مقنعة تجعل الولايات المتحدة تتمسك بالعلاقات مع تركيا والعكس صحيح.
وأوضحت أن للولايات المتحدة مصالح عسكرية وقواعد ومبيعات أسلحة مربحة مع تركيا، كما أن عضوية تركيا في حلف الناتو مهمة للغاية بالنسبة للمصالح الغربية وأجنداتها المتعلقة بالشرق الأوسط، والقوقاز، وآسيا الوسطى، وجنوب آسيا، وحتى أجزاء من الشرق الأقصى.
وأردفت أن تركيا جغرافيًا هي بوابة الشرق، وخسارتها تعني خسارة الوصول إلى الشرق الأوسط والشرق الأقصى، وربما آليات التأثير غير المباشر في تلك المناطق.
وعلاوة على ذلك، تشمل العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا الأنشطة التجارية والاقتصادية. ووفقًا لمكتب الممثل التجاري الأمريكي، فإن تركيا تمثل الشريك التجاري الثاني والثلاثين للولايات المتحدة حيث بلغ إجمالي تجارة السلع 17.4 مليار دولار أمريكي خلال عام 2016، بينما بلغ حجم التجارة في الخدمات بين البلدين 5 مليارات دولار.
أما بالنسبة إلى تركيا، فإن الولايات المتحدة مهمة لتسليم غولن، ولدعمها الطويل لطموحات تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي العلاقات التجارية والاقتصادية، وفي إبقاء الميليشيات الكردية في العراق وسوريا تحت السيطرة.
كما أن عضوية تركيا في حلف الناتو لا تقدر بثمن لمصالحها الخاصة، لا سيما من حيث عضويتها في الدفاع الجماعي المشترك لحلف الناتو الذي ينص على أن الهجوم على أحد أعضاء الناتو يشكل هجومًا على الجميع. وتحتاج تركيا إلى هذا الدعم الأمني؛ لأنها تعيش في منطقة صعبة وتواجه تهديدات أمنية وطنية كثيرة.
وخلصت الكاتبة إلى أن حملة الكونغرس لوقف تسليم مقاتلات F-35 إلى تركيا لن تنجح، وأن البلدين رغم الخلافات والنزاعات العلنية بينهما ما زالا في حاجة ماسة إلى بعضهما البعض.
واقتبست في ختام تحليلها مقولة الكاتب والصحفي الأمريكي المخضرم، ستيفن كينزر، الذي وصف العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا: "على مدى عقود، كان ينظر إلى تركيا على نطاق واسع على أنها حليف يمكن الاعتماد عليه في الناتو. قد يكون حليفا صعب المراس في بعض الأحيان، ولكنه بأمان في زاوية أمريكا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!