كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
أذكر جيدا السنوات التي بدأت فيها مهنتي كصحفي، كنت أشعر بالغبطة تجاه الكثير من الصحفيين والكتاب. وعندما أصبحت مراسلا تلفزيونيا كنت أراقب كبار وقدماء الصحفيين بإعجاب كبير. ثم رفعت السقف لأتابع صحفيي البلاد الأجنبية. وكانت الصحافة الحرة تتراءى لي وتتمثل أمام عيني كحلم برّاق.
حلم صحافة الغرب الحرة
ولكن مع مرور الزمن ودخولي إلى هذا العالم وتعرفي عليه عن كثب خبا بريق هذا الحلم بل وتحول إلى مشهد مرعب.
فالعلاقات الوسخة وخداع القراء يختبئ وراء أكثر مؤسسات الإعلام بريقا ولمعانا والعلاقات المالية تنتهك شرف المهنة.
عندما ترون الأخلاق الصحفية وهي تقتل على يد أكبر مؤسسات الاعلام وأكثرها احتراما يتهاوى إعجابكم بهذه المهنة.
النظام الإعلامي شبيه بماكينة الكذب
تتسابق الي بي سي والسي إن إن ورويترز وفيغارو وغارديان إلى غيرها من الماركات العالمية لإعطاء دروس في أخلاق الصحافة. أقلامهم حادة ورؤوسهم مرفوعة وقلوبهم جريئة أو هكذا يبدو عليهم، يظهرون وكأنهم يرمون الأحكام كيف ما يريدون، ولكن عندما يتصل مديرهم يوما ما ليقول لهم "تغاضوا عن هذا الأمر" عندها تتبدد هالة السحر وترفع الستائر.
في الحقيقة إن نظام الإعلام في العالم فاسد ووسخ ومبني على المصالح وهو أشبه ما يكون بماكينة الكذب الصدئة.
تهجم إسرائيل على غزة وتقتل الأطفال الأبرياء فيكتبون هذا تحت عنوان "الحق المشروع في الدفاع عن النفس".
يحدث انقلاب وتقتل دبابات السيسي المدنيين فيتساءلون هل كان هذا انقلابا أم لا؟ متناسين موت المدنيين.
تقتل أسلحة الأسد الكيميائية الأطفال الرضع في الغوطة في الشام فيبدأ نقاش "كيف كان مسار القنابل التي رميت" ويدفن الأطفال بدون كفن دون أن يراهم أحد.
وتقتل قبائل أفريقية بعضها البعض من أجل مصالح فرنسا وبلجيكا وإنكلترا ويصل عدد القتلى إلى المليون ولكن الإعلام يتكلم عن مرض الإيدز.
ولا يكتفي الإعلام الغربي بجريمة إخفاء كل هذا بل يرتكب جرما أبشع بقلب الحقائق لصالح الظالم. إن ما تحمله الصحافة من وزر وآثام ليرعب حتى زبانية جهنم.
حق الحياة لا يمنح لمن يعملون بشرف
لا مكان للشرفاء الذين يريدون العمل بأخلاق، لا يمنح حق الحياة لمن يريدون العمل في هذه المهنة دون الخوض في الكذب والافتراء.
قناة السي إن إن التي لا تفتأ تتكلم عن عدم وجود حرية الإعلام في تركيا والتي قامت بعمل بث لساعات طويلة من ساحة تقسيم، طردت قبل ذلك بيومين فقط مذيعها جيم كلانسي الذي يعمل فيها منذ 34 سنة لمجرد أنّه انتقد إسرائيل. ولم يتكلم أحد.
الإعلام الذي تحرره الشياطين تضرب فيه الملائكة بالحجارة
لا نريد أن نسمع أحداً يكلمنا عن موضوعية وأخلاقية واحترام قواعد الصحافة. فقد رأينا ما فعلته أمام الإرهاب الذي لا ينتهي في الشرق الأوسط والظلم والإبادة التي تحدث في أفريقيا.
إنهم الآن يجلسون على مقاعدهم الصدئة ينتقدون تركيا ويحاسبونها سائلين: "لماذا لا توجد حرية صحافة في تركيا". ويكتبون نقارير في البرلمان الأوروبي عن إسكات الصحافة في تركيا وسجن الصحفيين ويصرخون كذبا بحجة استيلاء الحكومة على الإعلام.
مع أن 60 بالمئة من الإعلام في تركيا هو إعلام معارض وكل يوم تصدر جريدة جديدة لتسب رئيس الجمهورية وتشتم رئيس الوزراء. بينما هم يصورون أن غالبية الإعلام يدعم الحكومة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس