ترك برس
يرى المحلل السياسي، سنان أوغان، أن من الصعب أن تقطع تركيا كل علاقاتها مع الغرب، ولكن النبرة الأمريكية القاسية يمكن أن تتجه بالعلاقات بين البلدين إلى طريق مسدود، بحيث تواصل تركيا السعي إلى طرق بديلة عن الغرب، مثل الانضمام إلى تجمع بريكس، وقد يصل الأمر إلى تعطيل عمل حلف الناتو وإغلاق قواعده في تركيا.
واستعرض أوغان في تحليل نشره مركز "Valdai Discussion Club" البحثي الروسي، مظاهر الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة، وأولها تباين وجهات النظر بينهما حول الإرهاب. فقد أرسلت الولايات المتحدة شاحنات أسلحة ومعدات إلى وحدات حماية الشعب الكردي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الإرهابي.
وأضاف أن واشنطن تبدو مترددة بشأن تسليم فتح الله غولن زعيم تنظيم فيتو الإرهابي الذي يعيش في بنسلفانيا، والمتهم بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الساقط ا في 15 يوليو/ تموز التي أدت إلى تعميق أزمة الثقة بين تركيا والولايات المتحدة.
وفي الوقت الحالي، تركز الاستراتيجية الأمريكية في سوريا على الحد من الوجود الإيراني، ويصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض عقوبات جديدة ضد إيران. وفي المقابل أعلنت تركيا أنها لن تلتزم بعقوبات من جانب واحد ضد إيران. وصحيح أن البلدين اتفقا على آلية حوار حول مدينة منبج، لكن لا يوجد تفاهم بينهما حول الوضع العام في سوريا.
أما فيما يتعلق بعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي، فلا يوجد تطور في مفاوضات انضمام تركيا التي تقدمت بطلب الانضمام منذ أكثر من من نصف قرن. وكانت القضية الوحيدة التي ناقشها الجانبان هي قضية "اللاجئين في تركيا" التي تضيف ما يقرب من 5 ملايين لاجئ، ويريد الاتحاد بقاءهم في تركيا ولذلك قدم لها دفعة مالية ثانية بقيمة 3 مليار دولار.
ويشير أوغان إلى أن هذه الاسباب دفعت تركيا إلى البدء في البحث عن شركاء بديلين، فبدأت عملية تقارب مع روسيا، ووقعت معها اتفاقيات للطاقة وللتعاون العسكري، واتفق البلدان على مشاريع استراتيجية مثل محطة الطاقة النووية "أك كويو"، وخط أنابيب السيل التركي، وشراء منظومة الصواريخ الروسية S-400.
وعلاوة على ذلك، بدأت تركيا في تعزيز علاقاتها التجارية مع الصين التي صُنفت بأنها أكبر منافس للولايات المتحدة. وقدم البنك الصناعي التجاري الصيني قبل بضعة أيام قرضًا بقيمة 3.6 مليار دولار إلى تركيا.
ووفقا لأوغان، أثار التوجه التركي نحو روسيا والصين قلق الولايات المتحدة، فأقر مجلس الشيوخ مشروع قانون لمنع تسليم طائرات F-35 إلى تركيا، ردا على اتفاقية S-400. ثم فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ووزير العدل عبد الحميد غُل، ردا على احتجاز القس أندرو برونسون بتهمة دعم منظمات إرهابية.
ويلفت إلى أن قضية برونسون ليست أول توتر بين الولايات المتحدة وتركيا، ولكنها أصبحت رمزا لهذا التوتر. كما ينوه إلى أن ضغط الجماعات الإنجيليّة على إدارة ترامب لعب دورًا حاسمًا في حالة برونسون، ولا سيما نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، وهو شخصية إنجيلية بارزة.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي استخدم الاقتصاد كورقة للسياسية الخارجية واتخذ بعض الإجراءات للتلاعب بالاقتصاد التركي، بهدف الإبقاء على تركيا حليفا للولايات المتحدة. ولكن انهيار الليرة التركية سيؤدي إلى فتح الطريق للبحث عن تدفق الأموال من منطقة الخليج والبريكس.
ويذكر أن أنقرة تريد تهدئة الوضع الحالي عبر دبلوماسية القنوات الخلفية، لأن من الصعب أن تقطع تركيا كل علاقاتها مع الغرب. أما إذا اتجه الوضع إلى طريق مسدود، فإن تركيا ستواصل على الأرجح البحث عن بديل للغرب مثل البريكس، وسيكون ذلك رسالة إلى الاتحاد الأوروبي.
ويضيف أن تركيا تضطلع بدور مهم في حلف الناتو من حيث السيطرة على القوقاز والشرق الأوسط. وإذا تدهورت العلاقات وأصبحت أكثر إشكالية، فسيكون لدى تركيا فرصة لتعطيل عمل حلف الناتو باستخدام الفيتو، لأن آلية القرار في الحلف تقوم على الإجماع. وعلاوة على ذلك قد يكون إغلاق قاعدة خيارًا آخر إذا ظلت المشاكل دون حل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!