سيفيل نورييفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
تركيا تواجه أزمة اقتصادية بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي أو رفعه من قبل بعض الجهات في الأيام الأخيرة، إضافةً إلى تدخلات الرئيس الأمريكي ترمب في الشأن التركي، وعند النظر إلى الأسباب نرى وجود عدد لا يمكن إحصاؤه من الأسباب.
يتحدث العالم عن نظام عالمي جديد منذ مدة طويلة، ويتوضّح أن موقع تركيا من النظام الجديد تمثّل نقطة الانعطاف خلال هذه المرحلة، بالتأكيد يجب على أمريكا التفكير بمستقبلها، خصوصاً أن التحليلات حول القرن الجديد تشير إلى أننا سنشهد فشل مخططات أمريكا وإحباط أمانيها في هذا الصدد، إذ يتغيّر مسار العالم بشكل دوري، وهذا التغيير لا يُعجب أمريكا، عند النظر إلى العالم بشكل عام وخاصةً إلى الشرق الأوسط نرى أن كل ما أنشأته أمريكا طوال هذه الفترة قد بدأ بالانهيار، ويبدو أن الزعزعة البسيطة التي تشهدها أمريكا في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي تشير إلى الزلزال الجديد الذي سيشهده العالم خلال المراحل المقبلة.
لقد تغيّرت تركيا كثيراً خلال الـ 15 سنة الأخيرة، ربما لا يمكن تشبيه هذه المرحلة بفترة حكم الإمبراطورية العثمانية للعالم، ولكن نرى مبادرات واضحة لتأسيس دولة تركية تميل للمنوال ذاته، إذ شهدنا طوال هذه المدة على مواقف عديدة للرئيس أردوغان، وكان أبرزها التي اتّخذها ضد سياسة الاضطهاد والظلم التي تنتهجها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، في حين كان قادة دول العالم إضافةً إلى زعماء أحزاب المعارضة أيضاً يلجؤون ألى للصمت أمام الواقع الفلسطيني المشهود، إذ لا تتعلّق المسألة بالمناطق التي توجّه إليها دولة الاحتلال، إنما تتعلّق بإدراك رئيس الدولة التركية الجديدة "رجب طيب أردوغان" لهذا الواقع وخروجه من وسط الصمت العالمي ليقف في وجه الظلم الإسرائيلي، ورأى العالم بأجمعه أن مبادرات أردوغان كانت بمثابة انطلاق آلية الدومينو في الإطار العالمي تجاه القضية الفلسطينية وسياسة إسرائيل المذكورة.
المسألة هي وضع حواجز بين تركيا وجوارها الجغرافي خلال الـ 150 سنة الأخيرة تقريباً، ويمكننا رؤية أن العالم يسعى لاتخاذ خطوات مخطط لها تجاه الإسلام من خلال الأحداث الواقعة في الفترة الراهنة، لكن يجب لفت الانتباه إلى أن تركيا ازدادت قوةً وتقدّماً لدرجة أن المبادرات الخارجية ضد الدولة التركية بدأت تنقلب على مدبّري هذه المحاولات، وذلك على الرغم من جميع الضغوطات والحواجز التي تواجهها تركيا، ويمكن القول إن قوة تركيا ستتضاعف خلال الأيام المقبلة أيضاً، خصوصاً أن الرسالة التي وجهها الرئيس أردوغان للمجتمع الأمريكي تمثّل خطوة في غاية الذكاء وتوضّح للعالم أن موقف تركيا وقائدها سيشكل تأثيراً عالمياً في هذا السياق.
يجدر بالذكر أن تغيرات أشكال وأساليب ومواقع مراكز القوى العالمية لم تحصل دون حروب ودون دفع ثمن هذه الحروب، والفترة التي نشهدها الآن هي فترة حرب، لكن الفرق هو أن الحروب لم تعد كالسابق تعتمد على القوة العسكرية ووقوف قادات الجيوش في الجبهات الأمامية، وأصبحت تُخاض في مجالات مختلفة بأساليب مختلفة عن السابق، وفي هذا السياق يتم وصف حروب الوكالة على أنها بداية هذه المرحلة الجديدة.
من جهة أخرى تمثّل الحروب التجارية السلاح الأكبر تأثيراً في إطار نموذج الحروب الجديد، وذلك بدوره يفرض على الجميع أن يكونوا على استعداد تام لمواجهة جميع السيناريوهات كما كان الحال بالنسبة إلى الحروب التقليدية، ولذلك كانت الرسالة التي وجهها الرئيس أردوغان للمجتمع الأمريكي متناسبة مع أساليب وطرق المرحلة الجديدة، ويمكن القول إن تركيا ازدادت قوةً لدرجة أن تصبح رسالة أردوغان عاملاً محدداً لطبيعة الأحاديث الدائرة بين شعوب العالم، وذلك يشير إلى أنه لا مفرّ من تغيّر النظام العالمي الجديد ومركز القوة الاقتصادية.
بدأت تركيا استعداداتها للتغيّرات الجديدة من خلال إيجاد حلول للمشاكل الداخلية في ظل قيادة أردوغان، وتستمر في تداول هذه المشاكل واحدة تلو الأخرى لإيجاد حلول لها إلى الآن، وذلك بدوره حوّل تركيا إلى نموذج يتناسب مع النظام العالمي الجديد، وها نحن نرى دولة تركية متكاتفة شعباً وحكومةً وقائداً مسلماً يعتمد على شعبه في مواجهة جميع العقبات والضغوطات.
اعتادت القوى الخارجية على وجود قادة منقطعين عن شعوبهم بعيدين عن الديمقراطية والحريات، إضافةً إلى الشعوب التي تعاني من الفقر والتخلّف على جميع الأصعدة الاقتصادية والثقافية والتاريخية والأدبية والتكنولوجية وغيرها ولا تتناسب مع النظام العالمي الجديد، وتستمر هذا القوى في اتّباع هذا الأسلوب إلى الآن، لكن اليوم اضطرت القوى الخارجية لمواجهة شعب نجيب يهتم بالديمقراطية والحريات ومواكبة التغيير في ظل قيادة الرئيس أردوغان، لمواجهة شعب عاد لقوميته وتقاليده ومواقفه من خلال ثقته بنفسه، وهذا الشعب هو تركيا الجديدة، في هذه النقطة يجدر القول إن تركيا ستنتصر في النهاية، وليس تركيا فقط، بل وجميع الشعوب التي تقف إلى جانبها أيضاً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس