ترك برس
رأى السياسي السوري المعارض، ميشيل كيلو، أن ملف محافظة "إدلب" شمال غربي سوريا، يجري تحديدا بين روسيا وتركيا، وأن هناك دور محدود جدًا لنظام الأسد الذي يهدد في الآونة الأخيرة بشنّ هجوم للسيطرة على آخر معاقل المعارضة.
وأشار كيلو إلى أن النظام السوري قد يكون قادرًا على القيام ببعض المحاولات من قبيل توتير الأجواء والتلميح بقدرته على فتح معركة أو لعب دور ما في المنطقة، لكن في الحقيقة المشكلة هي بين روسيا وتركيا.
وأضاف أنه بالنسبة إلى روسيا، تركيا أهم من إدلب وربما تكون أهم من النظام السوري، وهذه نقطة مهمة جدًا، لأن تركيا فتحت للروس ثغرة هائلة بجدار الأطلسي، وفكت عنهم حصارًا خانقًا، كما فتحت معهم باب سلاح وتجارة.
واعتبر أنه إذا نجحت روسيا فعلا في الاستمرار مع تركيا، بحيث تبعدها عن الحلف الأطلسي والأمريكيين والغرب وتقربها من إيران، ستكون قد أنجزت في المنطقة حقيقة استراتيجية كبيرة.
وتابع: لذلك فإنه من المهم جدا بالنسبة إلى الجانب الروسي أن تحل مشكلة إدلب دون تهديد وضع تركيا، أولًا لا يُهدد الوضع الداخلي لأن تركيا إذا فشلت في إدلب أو شهدت الأخيرة تطورا يشبه الغوطة الشرقة أو الجنوب السوري، هذا يعني أن المشكلة ستنتقل إلى الداخل التركي.
وموقع الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي هو اليوم ورقتهم الأساسية التي يتعاملون معها في تركيا، سيكون مهددًا أيضًا.
وبيّن كيلو أن هذا واحد من الخطوط الحُمر الموضوعة للسياسة الروسية، لذلك لن يكون هناك بين الجانبين إلا شيء توافقي، بحيث لا تكون تصريحات بوتين وأردوغان بمحل الكذب، وخاصة أن الأخير رجل قوي وعميد وليس سهلًا.
من جهة أخرى، هناك خط أحمر ثان وهو أن الروس لا يرغبون في أن تلجأ تركيا إلى وسائلها الخاصة، لأن النظام السوري بالنسبة لتركيا لا يساوي أي شيء، فهي تمتلك جيشًا جبارًا وأسلحة وتطورًا تقنيًا وصناعة عسكرية.
وأعرب المعارض السوري عن اعتقاده في أن هذين الخطين سيُحددان ما سيجري في إدلب، ولن يكون هناك هجوم كبير على المحافظة ولا حتى أي هجوم في حال تمكنت تركيا خلال فترة محددة من حل مشكلة "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام).
ودعا إلى تكثيف المظاهرات في المنطقة، والمطالبة بإخراج "جبهة النصرة" منها، محذرا من أن خروج الأتراك يعني خروج من سوريا كلها وكذلك من مسار الحل المتعلق بالأزمة هناك.
وأشار إلى وجود إمكانية لإشراف تركيا على فتح الممرات الدولية والأوتسترادات مثل (اللاذقية – حلب) و( حلب – دمشق)، لتكون هي ضامنة المنطقة وأمنها.
وهناك حديث أيضًا عن احتمال حدوث تحركات محدودة في منطقة أو منطقتين بهدف حفظ ماء وجه الطرفين، فالنظام غير قادر على الهجوم أولًا، وتركيا ثانيًا لن تسمح، وثالثًا روسيا لا مصلحة لها فيه أبدًا.
**الدور الأمريكي
وقال السياسي السوري أن الولايات المتحدة لا تمزح في موضوع إيران، ولديها القدرة مع إسرائيل على ممارسة ضغوط لا نهاية لها على إيران وروسيا في سوريا، وحتى في الأراضي الروسية نفسها.
وأضاف: إذا كنا نقترب اليوم بالجهد الروسي من إنهاء الحرب في سوريا، فلا يمكن أن يقبل العالم بأن يكون الحل روسيًا، لأن الحل سيكون دوليًا وهذا له قرارات وأسس معينة، والجانب الأمريكي يذكر بها، وخاصة الروس.
الأمريكيون يقولون للروس أن ما أنجزوه على المستوى العسكري جرى بموافقة أمريكية، واليوم هم بحاجة إلى هذه الموافقة أيضًا لاتخاذ خطوات ما بشأن الحل السياسي، وطالما بشار الأسد يتعاون مع إيران، فإنه لن يبقى وسيرحل.
وبالاتفاق الذي وقعه مع وزير الدفاع الإيراني مؤخرًا، ارتكب بشار الأسد غلطة العمر، وإن الأمور تتجه نحو التصعيد الأمريكي وتوضيح الوضع، والقرارت الدولية تعني أن الأسد سيزاح.
في المقابل، قال الكولونيل المتقاعد، ريك فرانكونا، محلل الشؤون العسكرية بشبكة "CNN"، إن معركة إدلب ستكون حاسمة وستستمر حتى النهاية، فلن يستسلم الثوار باعتبار أنه لم يتبقى مكان آخر في سوريا يمكنهم الانتقال إليه كما كان الحال في العمليات التي شهدتها مناطق أخرى في البلاد.
وقالت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، إن ملف "هيئة تحرير الشام" الفصيل المسيطر على معظم إدلب أصبح في عهدة الجانب التركي، الذي طلب من الروس مهلة تمتد حتى الرابع من سبتمبر/أيلول القادم ريثما يقنع "تحرير الشام" بحل نفسها والاندماج مع باقي فصائل المعارضة المسلحة، الأمر الذي قد يمنع هجوم الروس والنظام السوري على إدلب.
ويرى متابعون للشأن السوري أن "تحرير الشام" أمام أمرين، أولهما الصدام العسكري مع الفصائل المتحالفة مع تركيا، والثاني أن تحل نفسها وينضم عناصرها إلى "الجيش الوطني" المشكل في الشمال السوري.
المعارض السوري الدكتور زكريا ملاحفجي، رجح بدوره أن تحل تحرير الشام نفسها نتيجة إرهاصات ومؤشرات لذلك، فهناك ضغوط تركية وضغوط من الشارع، والظرف العام يقود لذلك، وإن حلت نفسها فسوف يتجه عناصرها فرادى باتجاه فصائل المعارضة.
واعتبر ملاحفجي في حديث لموقع "الجزيرة نت" أنه في حال حلت تحرير الشام نفسها فلن يبقى للروس والنظام مسوغ للهجوم العسكري، مضيفا أن إدلب قد تشهد حالة مشابهة لمناطق درع الفرات المدعومة من قبل تركيا، والأمر لن يحسم قبل لقاء يجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سبتمبر/أيلول القادم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!