ترك برس
حذر تقرير لمجلس الشؤون الدولية الروسي من أن سماح روسيا بشن عملية عسكرية على مدينة إدلب سيلحق ضررا كبيرا بالعلاقات التركية الروسية، ويعرض عملية السلام في سوريا برمتها للخطر، مشيرا إلى إمكانية تعاون تركيا مع الفصائل المعتدلة في تطهير المدينة من مقاتلي الفصائل المتطرفة كحل بديل وأقل تكلفة.
تكلفة العملية المحتملة على إدلب ومخاطرها
وقال التقرير إن التكاليف العملياتية لحملة إدلب قد تتجاوز كل ما سبقها من عمليات حربية في سوريا، حيث تستعد الفصائل المقاتلة في إدلب منذ قوت طويل لهذه المعركة، وبنت مواقع دفاعية قوية، كما تمكنت من تجنيد مزيد من المقاتلين أكثر من أي وقت مضى.
ويلفت إلى أن مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات الروسي قدر في عام 2015 التكلفة السنوية للتدخل الروسي في سوريا بمبلغ يتراوح من مليار إلى ملياري دولار. وستستهلك حملة إدلب بأكملها الموارد العسكرية والاقتصادية والبشرية التي يمكن أن تنفق في أماكن أخرى مثل الاستثمارات في سوريا.
وأضاف التقرير أن "الهجوم المدعوم من روسيا على إدلب يجبر المعارضة المعتدلة على التعاون والتنسيق مع المتطرفين، ويعطي حجة مهمة لهيئة التحريرالشام لتتمتع بمزيد من الشرعية في نظر السكان المحليين ونشر أيديولوجيتها. وحتى لو تمكن النظام السوري من السيطرة على إدلب بالقوة، على الرغم من التكاليف الباهظة، سيقوم المتطرفون بإعادة تنظيم أنفسهم تحت الأرض مثلما حدث في الموصل عام 2012".
وأشار إلى أن الهجوم على إدلب سيؤدي إلى تدفق جديد للاجئين إلى تركيا، وسيكون هذا التطور على النقيض من الجهود الروسية لضمان عودة اللاجئين إلى سوريا.
وفيما يتعلق بمخاطر عملية إدلب على تركيا، قال التقرير إن أنقرة التي تتعرض لضغوط اقتصادية من الولايات المتحدة، قد ينتهي بها الأمر إلى أزمة اقتصادية مع تدفق جديد للاجئين، وهذه المخاطر تجعل إدلب قضية مهمة لها... وعلاوة على ذلك، إذا لم تنجح تركيا في حماية إدلب، فإنها ستفقد نفوذها في عفرين ومنطقة "درع الفرات" الأمر الذي سيضعف المحاولات التركية للحد من وجود ميليشيات وحدات حماية الشعب في سوريا.
كما لفت التقرير إلى أن الهجوم على إدلب سيؤدي إلى زيادة تكاليف إعادة إعمار سوريا التي تقدرها الأمم المتحدة بمبلغ 388 مليار دولار، وسيضر بعملية أستانا بأكملها ويعرقل الجهود المشتركة بين روسيا وتركيا لإقناع الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا بدعم إعادة الإعمار في سوريا. وستضطر موسكو إلى العمل بمفردها لإقناع الأوروبيين بدفع ثمن إعادة الإعمار.
شن هجوم واسع على إدلب يعرض أيضا المصالح الاقتصادية والتعاون التركي الروسي للخطر، ولا سيما بعد المشاريع الاقتصادية والعسكرية التي أبرمها البلدان خلال السنتين الماضيتين. كما أن العملية تعرض عملية السلام بأكملها للخطر في سوريا، حيث ستصبح المعارضة السورية معزولة وستصبح إعادة اندماجها في سوريا أكثر صعوبة.
هل يمكن لروسيا وتركيا إيجاد أرضية مشتركة لإدلب؟
ورأى التقرير أن ثمة بديلا أقل كلفة لا يشمل إدلب كلها، حيث يمكن أن تقوم تركيا والمعارضة السورية المعتدلة بتطهير المدينة من الفصائل المتطرفة التي تمثل عدوا مشتركا لروسيا وتركيا، وقد يكون قتالها أرضية صلبة لإيجاد حل مشترك قابل للتطبيق لمأزق إدلب.
وأضاف أنه إذا اتفقت أنقرة وموسكو على أن تقوم تركيا والمعارضة المعتدلة بحملة للقضاء على هيئة تحرير الشام، فمن الممكن تجنب هجوم النظام على إدلب. وفي هذه الحالة فإن كثيرا من مقاتلي حركة أحرار الشام الذين انضموا إلى هيئة تحرير الشام لأغراض غير إيديولوجية قد يرفضون القتال ضد تركيا والمعارضة المسلحة.
وأوضح التقرير أن روسيا ستتجنب بذلك الكثير من التكاليف، ولن يتم تدمير سوريا بشكل أكبر، ولن يحدث تدفق للاجئين إلى تركيا، والأهم من ذلك أن تركيا وروسيا ستحافظان على علاقتهما، وسيضع ذلك الأساس لمفاوضات بناءة بين النظام السوري والمعارضة السورية تحت قيادة تركيا وروسيا في إطار عمليتي أستانا وسوتشي.
وخلص إلى أن روسيا أمامها خياران: إما السماح بهجوم واسع النطاق على إدلب، وهي بذلك تخاطر بعلاقتها مع تركيا وتُكبد نفسها وتركيا تكاليف باهظة، أو السعي إلى التوصل إلى اتفاق مع تركيا تتخلص فيه الفصائل التي تدعمها تركيا من المتطرفين في إدلب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!