ترك برس
وافقت الحكومة الألمانية على دعم وتمويل مشروع لتطوير شبكة القطارات في تركيا، في خطوة ربطتها تقارير بمشروع سكة حديد الحجاز الذي شيده السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1908 بدعم وتمويل من صديقه الإمبراطور الألماني غليوم الثاني.
وقالت أسبوعية "دير شبيغيل" الألمانية أن حكومة المستشارة أنجيلا ميركل وافقت خلال مباحثات سرية مع مسؤولين ألمان رفيعي المستوى، على دعم وتمويل مشروع عملاق لتطوير شبكة السكة الحديد في تركيا بمشاركة شركات صناعية ومجموعات اقتصادية ألمانية.
وبحسب شبكة الجزيرة القطرية، ذكرت المجلة الأسبوعية بعددها الصادر يوم الأحد أن هذه الموافقة تؤشر على احتمال تدفق مساعدات حكومية بعشرات المليارات من برلين لتنفيذ هذا المشروع الضخم.
وقالت إن هذا المشروع يذكر بمشروع تاريخي ذي أهمية إستراتيجية سياسية واقتصادية، هو سكة حديد الحجاز الذي شيده السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1908 بدعم وتمويل من صديقه الإمبراطور الألماني غليوم الثاني.
وأشارت دير شبيغِيل، إلى أنه مثلما حدث بأواخر عهد الدولة العثمانية -التي ارتبطت بحلف إستراتيجي وثيق مع الإمبراطورية الألمانية البروسية- ترغب تركيا الحديثة العضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو) بإنجاز مشروع عملاق جديد، وترى في برلين شريكا مفضلا في هذا المشروع بعد رفضها عرضا مغريا للمشاركة بتنفيذه من الصين.
وتبلغ كلفة إقامة هذا المشروع -الذي يوصف بمشروع القرن– 35 مليار دولار، وتباحثَت تركيا لتنفيذه مع اتحاد شركات بقيادة مجموعة سيمنس الصناعية الألمانية العملاقة، ومؤسسة السكة الحديد الألمانية اللتين ستساهمان في التخطيط للمشروع، وبناء خطوط جديدة للقطارات الفائقة السرعة.
ولفتت دير شبيغيل إلى أن أنقرة ربطت في عرضها لحكومة المستشارة ميركل، مساهمة الشركات الألمانية في تنفيذ مشروعها الجديد للسكة الحديد بتقديم برلين دعما ماليا لهذا المشروع.
وردت الحكومة الألمانية –حسب المجلة– خلال اجتماعها مع المسؤولين الأتراك ومسؤولي شركة سيمنس بإبداء استعدادها لتقديم هذا الدعم، لكنها لم تحدد كيفيته، وتركت الباب مفتوحا على أمرين هما تقديم ضمانات حكومية للمشروع التركي عند المؤسسات العالمية، أو بواسطة قرض من مجموعة بنوك إعادة الإعمار المملوكة للدولة الألمانية.
وسيمثل الاتفاق على دعم هذا المشروع وتنفيذه دليلا واضحا على تحول إيجابي كبير في العلاقات الدبلوماسية بين برلين وأنقرة بعد مرحلة احتقان شديد، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خلال زيارة قام بها لتركيا قبل أيام، حسب دير شبيغيل.
وقالت المجلة إن المخططين الإستراتيجيين بوزارة الخارجية ودائرة المستشارية الألمانيين مهتمون بشدة بدعم المشروع لوقف تمدد التأثير الإستراتيجي للصين التي توسع مناطق نفوذها من خلال استثمارات بالمليارات في أفريقيا، وحولت الآن أنظارها إلى تركيا.
وأضافت أن المشروع التركي العملاق يتوافق مع رغبة بكين، بسبب الأهمية الإستراتيجية البالغة لهذا الخط في طريق التجارة بين آسيا وأوروبا، وتمثيله الجزء المضيء في مسار طريق الحرير الصيني الجديد.
وذكرت أن حاجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشديدة لتطوير السكة الحديد تعود للزيادة الكبيرة في عدد المطارات، في حين بقيت خطوط القطارات بحالة متأخرة.
وعرضت الصين على الأتراك إمدادهم بالقطارات والأرصفة وعمال البناء، وزادت على هذا بعرض منحهم كامل تكلفة المشروع كقرض يسدد بلا فائدة خلال عشرة سنوات، وأوضحت أن المسؤولين الأتراك ألمحوا لنظرائهم الألمان إلى تخوفهم من تسبب قبول بلدهم بهذا العرض في جعله شديد التعلق بالصين.
وأوضح المسؤولون الأتراك أن تمسكهم باستخدام تقنية تركية في تنفيذ مشروع السكة الحديد الجديد، وإصرار الصين على التنفيذ بتقنيتها، دفع أنقرة إلى قطع مفاوضاتها مع القيادة الصينية.
وأسهم اهتمام برلين الشديد بدعم مشروع سكة الحديد التركي في تحول وزير الاقتصاد الألماني من مطالبته أنقرة بتحقيق سلسلة إصلاحات كشرط لمساعدتها اقتصاديا، إلى تخليه عن هذا ودعوته للعمل بكل وسيلة لمنع تفاقم أزمة الليرة، وإعلانه أن الاقتصاد التركي قوي بما يكفي لتجاوز أزمة عملته.
وخلصت دير شبيغيل إلى أن الحكومة الألمانية تأمل في إسهام المشروع الكبير للسكة الحديد بتركيا في إعادة ثقة الصناعة الألمانية في هذا البلد.
وشيدت شبكة السكك الحديدية في الحجاز بأمر من السلطان عبدالحميد الثاني ليتمكن الحجاج المسلمون من الوصول بسهولة وأمان إلى مكة خلال موسم الحج.
وكان المسلمون قبل ذلك يسافرون لأسابيع طويلة إن لم يكن شهوراً على ظهور الجمال. وكانت المسافة الممتدة بين دمشق والمدينة وحدها تستغرق 40 يوماً، وكان الكثير من الحجاج يلقون حتفهم في الطريق عبر الصحاري الجافة والجبال الجرداء.
فجاءت فكرة السكك الحديدية لتقصر المسافة من 40 يوماً إلى خمسة أيام فقط. وبعد اكتمال المقطع الممتد بين دمشق والمدينة، كانت الخطة هي مد الخط شمالاً إلى العاصمة العثمانية القسطنطينية وجنوباً إلى مكة ذاتها.
لكن أهمية السكك الحديدية للمسلمين لم تتوقف عند ذلك الحد، فالمشروع الذي كان خارقاً للمألوف كمشروع للمواصلات في ذلك العصر، تم تمويله بالكامل من تبرعات المسلمين، ومن عائدات وضرائب الدولة العثمانية وبدون أي استثمار أجنبي، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!