ترك برس
رأت إذاعة ألمانية أن برلين ترى في أنقرة حائط صد أمام موجة نزوح سورية قد تنشأ عن عملية عسكرية محتملة في محافظة "إدلب" آخر معاقل المعارضين السوريين، مشيرة إلى سعي وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إلى كسر جبل الجليد بين البلدين خلال زيارته إلى تركيا يومي الأربعاء والخميس (5 - 6 سبتمبر/ أيلول 2018).
وقالت إذاعة "صوت ألمانيا" (DW)، في تقرير تضمن آراء محليين سياسيين، إن العلاقات التركية - الألمانية تشهد الكثير من الشد والجذب مؤخراً لكن تبقى ألمانيا محافظة على "شعرة معاوية" مع تركيا.
يأتي ذلك رغم كل الخلافات والتصريحات النارية الصادرة من أنقرة وخصوصاً مع مخاوف من انفجار الأوضاع في إدلب السورية والقلق والترقب الألماني والأوروبي من موجة لاجئين هائلة قد تصل إلى أعتاب أوروبا.
واستبق وزير الخارجية الألماني زيارته إلى أنقرة، بتغريدة على "تويتر"، قال فيها إن "تركيا أكبر من مجرد جار لنا. هي شريك هام لألمانيا ولدينا رغبة قوية في استمرار التعاون معها لتحسين العلاقات بين البلدين وهذا سيكون محور زيارتي لتركيا".
وبحسب تقرير الإذاعة الألمانية، كانت ألمانيا من أوائل الدول التي هبت لمساعدة تركيا في أزمتها الاقتصادية، ولكن هذا الدعم كان وراءه هدفاً آخر أكثر أهمية.
ويرى الدكتور مصطفى اللباد الباحث والخبير في الشأن التركي أن هناك قلقاً أوروبياً عميقاً من مسألة المهاجرين حيث تعتبر أوروبا تركيا نقطة الانطلاق الأولى والأهم للاجئين والمهاجرين وبالتحديد نحو ألمانيا والتي يوجد بها بالفعل عدد كبير منهم وهي لا تريد أبداً المزيد منهم.
يضيف اللباد قائلاً إن استقرار الأوضاع سياسياً واقتصادياً في تركيا أمر شديد الأهمية لأوروبا كما أنه سيكون حافز أكبر لتركيا للتعاون مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي لإيقاف موجات اللاجئين.
وتابع: "وهذا في رأيي هو عامل التعاون الأساسي بين ألمانيا وتركيا، مع العلم بأن منظومة القيم في تركيا وألمانيا مختلفتان، فألمانيا لديها مآخذ كثيرة على سلوك الرئيس التركي لكن عندما يتعلق الأمر بمصالح ألمانيا العليا فهنا ستعكس سياسات ألمانيا الخارجية هذا الأمر".
واعتبر أن "أنقرة ستواصل استغلال ورقة استضافتها للاجئين السوريين لتحصيل المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية وخصوصاً من أوروبا التي ترى في أنقرة حائط الصد الأهم في هذه المسألة..
خاصة وأن المخاوف الأوروبية تتصاعد من احتمال نشوء موجة لجوء هائلة تنطلق من إدلب "فعدد سكان المدينة هائل بالفعل وقد ينزح منهم مئات الآلاف نحو تركيا ومنها إلى أوروبا وهذا أمر لن تحتمله أوروبا مطلقاً، كما لن تستطيع تركيا استقبال المزيد من اللاجئين وهي التي تستضيف بالفعل نحو ثلاثة ملايين منهم".
كريستيان براكل، مدير مكتب مؤسسة هاينرش بول، المقربة من حزب الخضر الألماني، في إسطنبول يختلف مع هذا الطرح ويقول إن الأهمية التركية في ملف إدلب ليست بهذا القدر الذي يراه البعض وليست ذات تأثير في مجريات الأحداث على الأرض كما أنها تفتقد للكثير من أوراق اللعب التي قد تغير في تفاصيل المشهد هناك.
ويضيف بأن "أهمية تركيا في السابق كانت لروسيا وليس لألمانيا وتمثلت في مؤتمر آستانة حيث نجحت تركيا في جلب المعارضة إلى طاولة المفاوضات وخصوصاً المعارضة المسلحة أما الآن فلم تعد تركيا مهمة في هذا الملف بالقدر الذي كانت عليه".
وتمتد العلاقات بين تركيا وألمانيا إلى أزمنة بعيدة عبر التاريخ ما بين علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية، حتى أن قرابة 3.5 مليون شخص من اصول تركية يعيشون في ألمانيا.
اللباد يرى أن لقاء ميركل وأردوغان المرتقب تميل فيه كفة موازين القوى لمصلحة أردوغان أكثر على الرغم من أن ألمانيا أقوى بمراحل اقتصادياً وسياسياً "لكن نتحدث هنا عن قضية إقليمية هامة للغاية وهي سوريا التي لها حدود طويلة مع تركيا وتستضيف ملايين اللاجئين السوريين".
وبالتالي فهي (تركيا) تستطيع التأثير على ألمانيا كما فعلت في السابق عندما تركت بضعة آلاف من السوريين يعبرون حدودها إلى أوروبا ويصلون إلى ألمانيا، وميركل تعي ذلك جيداً وتعي توازنات القوى داخل ألمانيا فيما يتعلق بهذه القضية لذا فهي ستعمل على الخروج بنتيجة مرضية من اللقاء وهذا ما يعرفه أردوغان".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!