ترك برس
استعرض تقرير لشبكة الجزيرة القطرية آراء محللين وخبراء روس بشأن تأجيل موسكو العملية العسكرية على محافظة "إدلب" شمال غربي سوريا، والتي تعد آخر معاقل المعارضة المسلحة وتضم عدّة نقاط للجيش التركي.
وقالت الجزيرة إن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، فاجأ الجميع بإعلانه إمكانية تأجيل روسيا القتال ضد التنظيمات "الإرهابية" في إدلب.
جاء تصريح لافرينتيف إثر انتهاء مفاوضات حول إدلب جرت في جنيف، وضمت الترويكا الضامنة لعملية أستانا (روسيا وإيران وتركيا)، إضافة إلى المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا.
وأوضح المبعوث الروسي أن التأجيل سقفه ثلاثة أسابيع وليس إلى ما لا نهاية، لاستحالة التعايش السلمي مع من وصفهم بالإرهابيين وضرورة الاستمرار في محاربتهم والقضاء عليهم بشكل تام.
وقد ألقى الكرة في الملعب التركي حين أشار إلى أن محافظة إدلب، وحسب اتفاق خفض التوتر والعمليات المسلحة الذي تم التوصل إليه سابقا، تقع تحت المسؤولية التركية، وعلى تركيا البت بتحديد الفصل بين المعارضة المعتدلة والمتطرفين.
رئيس معهد التخطيط الإستراتيجي والتنبؤ ألكسندر غوسييف، يرى أن القمة الثلاثية في طهران كانت إيجابية، وتم الاتفاق على المسألة المهمة والأساسية وهي وجود تفهم لدى قادة الترويكا بـ"ضرورة القضاء على المجموعات الإرهابية" في محافظة إدلب.
ولكن بقيت بعض المسائل الشائكة تتمحور حول العملية العسكرية في إدلب التي تهدف كذلك إلى التخلص من قادة المنظمات "الإرهابية" فيها، وإطلاق العملية السياسية في سوريا، عبر حوار جدي بين أطراف النزاع وبداية تبني دستور جديد للبلاد والبدء في عملية إعادة الإعمار.
وأضاف غوسييف أن اختلاف رؤى دول الترويكا في شكل الحل النهائي ينطلق من اختلاف مصالح دولها، وفهمها لطبيعة الدولة السورية الجديدة ما بعد الحرب المستمرة منذ سنوات، ومن هي الدول التي ستقوم بعملية إعادة الإعمار.
وعزا إعلان مندوب الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا لافرينتيف تأجيل العمليات العسكرية في إدلب إلى أن الأوضاع في محافظة إدلب معقدة، إضافة إلى الموقف التركي الذي عبر عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدعوته إلى هدنة في إدلب ومنع وقوع مأساة إنسانية وضرورة الفصل بين أطياف المعارضة، واعتباره أن اقتحام قوات النظام وحلفائه لإدلب يشكل تهديدا لأمن تركيا.
وأضاف غوسييف أن من أسباب تأجيل العملية العسكرية في إدلب هو إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عزمه ضرب مواقع قوات النظام السوري وحلفائه، مع عدم استثنائه احتمال وقوع إصابات وسط الجنود الروس، مشيرا إلى أن ترامب "إذا قال فعل".
وتابع غوسييف أن الموقف الأميركي بخصوص اقتحام محافظة إدلب شكل عاملا أساسيا في التأجيل، وهذا الأمر قدرته القيادة الروسية لمنع حدوث صدام مسلح بينها وبين الولايات المتحدة على الأراضي السورية الذي قد يؤدي إلى نشوب حرب شاملة بين روسيا والولايات المتحدة.
وقال إن الاجتماع المزمع عقده في تركيا على بمشاركة خبراء من فرنسا وألمانيا إضافة إلى خبراء دول الترويكا الضامنة، قد يشكل طريقا للتوصل إلى حل لمحافظة إدلب.
أما المحلل السياسي الروسي المعارض بافل شيلكوفي، فيرى أن روسيا تسعى تحت غطاء محاربة الإرهاب وتحرير مدينة إدلب من المتطرفين إلى إحكام سيطرتها على سوريا وإرساء موطئ قدم لها على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
ولكنه اعتبر أن ذلك ليس بالأمر الهين، موضحا أن مصالح دول عديدة تتقاطع في هذه المنطقة من العالم، فالولايات المتحدة حركت أساطيلها نحو البحر الأبيض المتوسط وعززت وجود قواتها في سوريا، تحسبا لمحاولات الهجوم على محافظة إدلب فضلا عن التحرك الفرنسي والألماني البريطاني.
وأوضح أن ألمانيا أعلنت على لسان المستشارة أنجيلا ميركل عن عزمها نشر قوات لها في سوريا، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال استخدم جيش النظام السوري السلاح الكيميائي في هجومه على إدلب.
وأضاف شيلكوفي أن التحضيرات لانطلاق العملية العسكرية في إدلب كشفت بوضوح عن صراع المصالح والنفوذ والتنافس بين دول عالمية وإقليمية، ظهر جليا بتباين تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي أردوغان، حيث إن بوتين أكد حق بشار الأسد في إخضاع محافظة إدلب لسيطرته، في حين دعا أردوغان إلى هدنة.
وأعرب شيلكوفي عن اعتقاده بأن أحد عوامل تأجيل العملية العسكرية يعود إلى التخوف من حصول خسائر في صفوف القوات الروسية في سوريا نتيجة مقاومة المعارضة السورية المسلحة في آخر معاقلها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!