ترك برس
بدأت سفينةُ الحفر التركية "فاتح"، التي تدخل منافسةً كبيرةً، أول عمليات حفر آبارٍ لها في التاسع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في البحر الأبيض المتوسط قبالة مدينة ألانيا، الواقعة في ولاية أنطاليا على البحر الأبيض المتوسط.
وستستمرُّ عملياتُ الحفر في الأبيض المتوسط ببئرٍ آخر قبالة ساحل ولاية مرسين الشهر المقبل. كما تخططُ تركيا لإضافة سفينة حفرٍ ثانية إلى أسطولها، لتضمن بهذا حقوقها في البحر المتوسط حسب القانون الدولي.
وتحمل سفينة "فاتح" دلالة على أن تركيا ستصبح أكثر نشاطًا في عمليات الحفر في المستقبل القريب، ويمكن للسفينة التي يبلغ طولُها 229 مترًا الحفر على عمق 12 ألفا و192 مترًا كحدٍّ أقصى. ومن المخطّطِ أن يصلَ البئرُ الأولُ إلى عمق 5 آلافٍ و500 مترًا، وفقًا للتقارير الرسمية.
وفي حديثه خلال حفل الإطلاق، قال وزيرُ الطاقة والموارد الطبيعية، فاتح دونماز، إن تركيا ستجري أعمال حفرٍ عميقة، بسفينةٍ خاصةٍ بها لبئر "ألانيا-1"، كجزءٍ من جهودها للاستفادة من مواردها المحلية. وقال دونماز: "خطّتنا هي حفرُ بئرين في المتوسط سنويًّا مع "فاتح"، ويُتوقع أن تنتهي عملية حفر البئرٍ في ألانيا خلال 150 يومًا تقريبًا."
يُذكر أن تركيا تقومُ بالفعل بنشاطاتٍ للتنقيب عن النفط والغاز مع سفينتين بحريتين مُجهّزتين لهذا الغرض.
وتُعدُّ سفينة "خير الدين بربروس باشا" أول سفينة تنقيب في البلاد، وقد تمَّ شراؤها من النرويج في عام 2013، وبدأت إجراء عمليات التنقيب في الأبيض المتوسط منذ نيسان/ أبريل عام 2017. وبحسب دونماز فقد اتُّخِذ قرارُ حفر أول بئرٍ استنادًا على تحليل بيانات هذه السفينة.
بالإضافة إلى ذلك، تقومُ سفينةُ التنقيب التركية الثانية، "أوروتش ريس" (MTA Oruç Reis)، والتي بناها المهندسون الأتراك في حوض بناء سفنٍ محليٍّ في حزيران/ يونيو الماضي، بأعمال التنقيب في البحر الأسود.
وفي الشهر نفسه، وصلت فاتح إلى مدينة أنطاليا استعدادًا لبدء أول مشروع حفرٍ عميقٍ تابعٍ لتركيا في المنطقة. وأشار دونماز إلى أن من المخطّط القيامُ بأعمال حفرٍ في مناطق ضحلةٍ أخرى مع فاتح في منطقة مرسين جنوب تركيا الشهر المقبل، مضيفًا أن تركيا على وشك شراء سفينة حفرٍ ثانيةٍ لتعزيز عمليات التنقيب.
وشدّد الوزيرُ على أن الجيل السادس من الحفارة، فاتح، يتميز بتكنولوجيا متطورة وقادرة على القيام بعملياتٍ حتى في ظروفٍ جويةٍ قاسيةٍ وموجاتٍ يصلُ ارتفاعُها إلى 6 أمتار.
وقال الوزيرُ إنه قد تمَّ تجديد معدات الحفر، وأنظمة التحكم في الآبار، وأنظمة المواقف الديناميكية، ومرواح السفن والمولّدات، كجزءٍ من عملية التحديث. وقد تفوّقت فاتح على 16 سفينةً أخرى في فئتها الخاصة، كما تمَّ تصنيفُها من بين أفضل خمس سفن حفرٍ في العالم.
وأكّد دونماز أن الهدف الأساسي للوزارة هو إيجاد منافع اقتصادية من احتياطيات تركيا الهيدروكربونية وتعزيز استخدام الموارد المحلية والاستفادة منها، كما أعلن الوزيرُ أن تركيا سيكون لديها سفينةُ حفرٍ ثانيةٍ في أسطولها قريبًا جدًا، وقال إنه في الشهر المقبل، سيتمُّ حفرُ بئرٍ أخرى قبالة شواطىء مرسين.
وفي الثامن عشر من تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، منعت البحريةُ التركيةُ فرقاطةً يونانيةً من محاولتها التدخل في سفينة التنقيب خير الدين بربروس باشا، وأثار هذا الحدثُ استجابةً فوريةً من المسؤولين الأتراك الذين حذّروا اليونان من أعمالٍ في البحر المتوسط من شأنها أن تثير التوتّراتِ في المنطقة.
وتعليقًا على ذلك قال دونماز: "لم تكن هناك مخاطرُ أمنية (تجاه السفينة)، ولكن إذا حدثت مضايقاتٌ فإن قواتِنا البحريةَ ستفعلُ ما هو ضروري". من أجل ذلك، بدأت القوةُ البحريةُ وخفر السواحل التركي بمرافقة فاتح خلال عملياتها.
وأكد أن تركيا ليست لديها نيةٌ لأخذ أية موارد تنتمي لدولةٍ أخرى في الأبيض المتوسط، وقال إن هدف تركيا الوحيد هو توفيرُ الموارد لمواطنيها الأتراك والقبارصة الأتراك، كضامنٍ لجزيرة قبرص.
وكانت تركيا قد عارضت دومًا نشاط التنقيب الأحاديّ للإدارة القبرصية اليونانية في شرق البحر الأبيض المتوسط، بدافع حقّ القبارصة الأتراك المتساوي مع اليونانيين في موارد المنطقة.
وفي الأسبوع الماضي، أُعلن أن شركة البترول التركية المملوكة للدولة (TPAO)، قامت باستئجار شركة "شلمبرغر" الأمريكية، أكبر شركةٍ لخدمات حقول النفط في العالم، للمساعدة في عمليات التنقيب البحرية في البحر المتوسط.
وقالت شلمبرغر في تقريرها للربع الثالث من العام 2018 إنها ستدعمُ شركة البترول التركية في أنشطة التنقيب عن النفط في البحر المتوسط، وأضافت أنها ستوفر الدعم الفني لسفينة الحفر فاتح.
في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، منحت شركة البترول التركية، شركةَ "رووان" (Rowan) التي يقع مقرُّها في هيوستن عقدًا من البئر في البحر الأبيض المتوسط لمدةٍ تُقدّر بـ100 إلى 140 يومًا. ومن المتوقع أن تبدأ الشركة عملياتها في أواخر هذا العام. وتُعد "رووان" مزوّدًا عالميًا لخدمات الحفر التعاقدية مع أسطولٍ من 27 وحدة حفر بحرية متنقلة مؤلفة من 23 منصّة رفعٍ ذاتية وأربعةٍ للحفر العميق في المياه.
وتهدف تركيا إلى توسيع عمليات التنقيب والحفر في أعماق البحار وعمليات التنقيب عن النفط والغاز كجزءٍ من سياسة الطاقة والتعدين الوطنية التي أعلنت عنها في نيسان/ أبريل 2017.
ولتقليل اعتمادها على واردات الطاقة وتلبية احتياجات السوق المتنامية، وضعت الحكومة التركية استراتيجيةً وطنيةً للطاقة والتعدين على أساس ثلاثة أعمدةٍ رئيسية: التوطين، وضمان التوريد والقدرة على التنبؤ بظروف السوق، مع أهميةٍ خاصةٍ معلّقةٍ على البنية التحتية الإقليمية في مشاريع التنويع كعنصرٍ إرشادي. السياسة التي وضعتها تركيا هي إطارٌ واسعٌ يشرح خططها في مجال الطاقة، بما في ذلك استكشاف النفط والغاز واستغلال الموارد واستثمارات الطاقة المتجددة.
وفي معرض حديثه عن سياسة الطاقة التركية في البحر الأبيض المتوسط، أكّد دونماز أن الاحترام المتبادل للحقوق والقانون الدولي يشكل الأساس للنموذج الذي تقومُ عليه تركيا. وقال الوزير: "اتخذت تركيا كافة خطواتِها ضمن إطار القانون، وستتخذ البلاد كل الإجراءات اللازمة لدرء أي عملٍ ينتهك حقوقها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!