مليح ألتنوك – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تشكل انتخابات التجديد النصفية العمود الفقري لآلية التوازن في النظام الأمريكي، ولهذا تتمتع بأهمية كبيرة. فهي تتيح الفرصة أمام الناخب لتقييم أداء الرئيس الذي انتخبه قبل سنتين.
إذا لم يرق الأداء للناخب، عندها يمنح صوته للحزب المعارض في مجلسي النواب والشيوخ، من أجل تحقيق توازن مع الرئيس.
بل إن انتخابات التجديد النصفية قد تكون سبيلًا من أجل إطلاق عملية "عزل الرئيس".
تم تفعيل هذه الآلية في انتخابات 6 نوفمبر، ففاز الجمهوريون في مجلس الشيوخ، في حين انتزع الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب، ففقد ترامب الأغلبية فيه.
إذن، ما هي العواقب التي يمكن أن تنجم عن هذه النتائج، التي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها "نصر عظيم"؟
***
على عكس ما يدعيه البعض هنا وهناك، ليس مجلس النواب في الولايات المتحدة بالمرجع الذي يمكن التغاضي عنه. فهو الغرفة الثانية في الكونغرس، والقضايا التي يصدر فيها مجلس الشيوخ قرارات، تمر أولًا على مجلس النواب.
أي أن مجلس النواب يمكنه جعل "البطة عرجاء" إلى أبعد الحدود، هذا إن لم يقضِ عليها..
يمكن لمجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية أن يجمد الفعاليات التشريعية خلال هذه الدورة. وقد يعرقل أجندات الجمهوريين في قضايا مثيرة للجدل كالإصلاح الصحي والمهاجرين..
كما أن المجلس قد لا يسير مع برنامج ترامب في الكثير من القضايا بدءًا من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ وحتى مقاطعة إيران والحروب التجارية.
حتى أن بإمكانه فتح الطريق أمام التحقيقات في بعض القضايا، والتمهيد لعزل ترامب..
***
يقول بعض المحللين إن هذا التطور سيخفف نوعًا ما حدة الاستقطاب في الشارع الأمريكي. بل إنهم يعتقدون أن تقدم المعارضة ضد ترامب في الولايات المتحدة سيكون فأل خير بالنسبة لبقية بلدان العالم.
لا أريد تثبيط معنويات أحد، لكني أعتقد أن العكس صحيح. لأن العنصر الوحيد الذي يدفع ترامب إلى التصرف بعدوانية أقل في الخارج هو أن لا يرى خطرًا عليه في المعارضة الداخلية.
أصبحنا نعلم جميعًا أن إدارة ترامب تقوم بعرض عضلات جديد كلما تعرض حكمها لاختبار أو عندما تفقد مشروعيتها على الصعيد السياسي.
لنستذكر قضية القس برانسون فقط. ألم نرَ كيف أصبح ترامب عدوانيًّا وشرسًا، وتجاهل جميع الأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية عندما قررت تركيا تحديه؟
ليكن الله في عوننا جميعًا خلال الفترة الجديدة لترامب! لأن المؤسسين الإنكليز للولايات المتحدة وضعوا آليات تقيد الرئيس داخليًّا، لكن لم يفكروا أبدًا ببقية بلدان العالم..
معكم حق، ربما لم يتوقعوا هم أيضًا أنه سينفلت من عقاله إلى هذا الحد على الصعيد الخارجي، مع تزايد قوته وجبروته.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس