ترك برس
تسارعت وتيرة الحركة الدبلوماسية على مدار العامين الماضيين بين تركيا والسودان تسارعا كبيرا، على نحو يعزز النفوذ التركي في منطقة البحر الأحمر، وهو ما أثار غضب المافسين الإقليميين لتركيا الذين يراقبون جميع تحركاتها في المنطقة.
وفي الأسبوع الماضي زار نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، السودان برفقة وزيرة التجارة ووزير الزراعة والغابات، ووقع مجموعة واسعة من الاتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والزراعة والكهرباء والثروة الحيوانية.
وأعلن أوكتاي خلال الزيارة أن بلاده تعتزم إقامة مشاريع واستثمارات في مجال الثروة الحيوانية وقطاع المعادن بالسودان، كما أكد إن البلدين يعملان بشكل مكثف على رفع حجم التبادل التجاري من 500 مليون دولار حاليا إلى 10 مليارات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة. وهو الرقم نفسه الذي تستهدفه تركيا في تجارتها مع الهند بحلول عام 2020.
وقبل زيارة أوكتاي مباشرة، كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في الخرطوم، حيث التقى نظيره السوداني أحمد عوض بن عوف والرئيس البشير. ونوقشت في الاجتماع خطة تركيا لإنشاء مراكز تدريب عسكرية في السودان.
لكن العلاقات بين البلدين بدأت بالازدهار في البداية مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان العام الماضي، والتي فتحت صفحة جديدة في العلاقات، حيث وقع البلدان خلال زيارته على عدد كبير من الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون الدفاعي والتعدين والزراعة والغابات والعلوم والتعليم والسياحة.
ومن بين 13 اتفاقية تم توقيعها، كان أبرز ما تم الاتفاق عليه صفقة لتأجير جزيرة سواكن في البحر الأحمر مؤقتاً إلى تركيا. وتقع جزيرة سواكن في موقع استراتيجي في البحر الأحمر عند مفترق الطرق بين المملكة العربية السعودية وبورسودان أكبر ميناء في السودان.
وعلى الرغم من أن زيارة أردوغان كانت أول زيارة لرئيس تركي إلى الأراضي السودانية، فقد أثار انخراط تركيا المتنامي في منطقة القرن الإفريقي الخصومات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر. وأثارت وسائل الإعلام المصرية الموالية للحكومة حملة عنيفة على السودان بسبب علاقاته المتنامية مع تركيا وقطر، قائلة إن الثلاثة يتآمرون ضد مصر.
وكتب عماد حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق اليومية في القاهرة، أن زيارة أردوغان للسودان لا يمكن رؤيتها إلا على أنها نوع من المناكفة لمصر.
وعلاوة على ذلك وبعد زيارة أردوغان مباشرة، أرسلت مصر قوات عسكرية إلى قاعدة الإمارات في إريتريا، على الحدود مع السودان. وردًا على ذلك، استدعت السودان سفيرها في القاهرة بعد أن اتهم رئيس اللجنة الفنية الحدودية السودانية، عبد الله الصادق، مصر بمحاولة جر السودان إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
ويرى مراقبون أن ردود الأفعال المصرية وبعض الدول الخليجية على زيارة أردوغان للسودان هي في الحقيقة جزء من التنافس الجيوسياسي المتنامي في القرن الأفريقي.
وظل السودان على الحياد في الحصار المفروض على قطر من قبل تحالف تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وفي المقابل قدمت تركيا مساعدات اقتصادية وعسكرية للدوحة لمواجهة تداعيات الحصار.
تستخدم الإمارات قواعدها العسكرية المهمة استراتيجياً في إريتريا وأرض الصومال لقصف اليمن. وتمتلك تركيا مركز تدريب عسكري في مقديشو وتدعم الحكومة الصومالية ووحدتها الفيدرالية، بينما تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة ولايتي صوماليلاند وبونتلاند الصوماليتين اللتين تسعيان إلى الاستقلال.
ويعتقد سيرهات أوراكتشي، الخبير التركي المتخصص في الشأن الأفريقي في مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية، أن الطموحات التركية في السودان اقتصادية بحتة.
وأوضح أوراكتشي لموقع "تي آر تي الدولية" أنه من وجهة نظر تركيا، يرمز السودان إلى نقطة انتقال إلى أفريقيا من العالم العربي. ولا يمكن لتركيا تجاهل الأهمية الاستراتيجية للسودان.
ويرى أوراكتشي أن السودان، من ناحية أخرى، لا يسعى فقط إلى تحقيق فوائد اقتصادية من علاقاته مع تركيا، حيث يهدف الرئيس السوداني، عمر البشير إلى اكتساب المزيد من الاعتراف الدولي من خلال لقاءاته المستمرة مع أردوغان.
ووفقا للمحلل التركي، فإن الرئيس البشير يسعى قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 2020، جاهداً إلى التغلب على الأزمة الاقتصادية العميقة "التي نتجت عن فرض عقوبات على البلاد، وتسببت في ارتفاع التضخم الذي بلغ 68٪ في آب/ أغسطس الماضي. ولذلك يحتاج البشير إلى استثمارات تركية."
ولكن أيا كانت دوافع أنقرة والخرطوم لزيادة التعاون العسكري والاقتصادي، يبدو أن النفوذ التركي في منطقة البحر الأحمر قد أثار غضب بعض الدول الإقليمية من تعزز نفوذ تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!