نصوحي غونغور – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
النقاشات المستمرة حول النظام الرئاسي قد تجعل المرء يعتقد أنّ الأمر متعلق فقط بانعكاساته الداخلية، هذا أمر صحيح، لكن عند النظر إلى ما يجري في المنطقة والعالم سنجد صعوبة في حصر انعكاساته على الشأن الداخلي فقط.
تشكل هذه الرؤية المحدودة تجاه الحديث عن النظام الرئاسي بؤرة قلق، لأن هناك مَن لا يهتم بكيف سيكون شكل تركيا الجديد، حتى إنّ هناك من يريد استمرار تركيا في مهمتها القديمة والبقاء تحت سيطرة القوى المهيمنة، بل إنهم يسعون لتحقيق ذلك بكل ما أوتوا من قوة.
علينا أولا التخلص من النقاشات الشخصية والحزبية عند الحديث عن النظام الرئاسي، دعونا نؤكد على ذلك مجددا، إذا نظرنا إلى موضوع النظام الرئاسي من خلال الأمور الشخصية، فسنجد أنّ أكثر المدافعين عن النظام الرئاسي هو رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان، لكن هناك من يعارضون النظام الرئاسي لمجرد أنّ اردوغان يدعمه ويسعى للانتقال إليه.
لكن إذا تحدثنا بصورة علمية أكثر، فسنجد أنّ النظام الحالي تعرض أكثر من مرة للعطل ولم يستطع حل بعض الأمور، فعند الحديث عن الوصاية البيروقراطية ينظر البعض إليها على أنها مسألة عابرة، بينما في الحقيقة هي فخ حقيقي، وقد رأينا كيف إنّ تنظيما استطاع التأثير على الدولة وكاد أنْ يقودها بعد التغلغل في مفاصلها، من خلال استخدام البيروقراطية المقيتة الموجودة حاليا.
لكن في المقابل علينا التذكير هنا بما يُقال عن أن البيروقراطية هي السبب الوحيد الذي جعل التنظيم الموازي يشكل دولة داخل دولة، بالأمر غير المنطقي، لما يحمله من تضييق الإطار وحصره في مشكلة البيروقراطية فقط، لأن هناك عوامل أخرى مثل ضيق الأفق والقراءة السياسية، والمخاطرة ببعض الملفات، أدى إلى قدرة تنظيم موازي على قيادة الحزب الحاكم خطوات إلى الوراء وتعطيل عمله.
لذلك يتم النظر إلى النظام الرئاسي على أنه نموذج جيد من أجل كسر سلسلة عقد البيروقراطية، حيث سيختار الرئيس رجاله بنفسه، وهذا سيقود إلى آلية قوية لاتخاذ القرارات داخل الدولة، وسيسرع من آلية اتخاذ القرارات أيضا دون المرور بمراحل البيروقراطية العميقة.
هناك تفاصيل هامة في البعد الإقليمي والعالمي لهذه القضية، لذا علينا قراءة النقاشات حول النظام الرئاسي من خلال متابعة الأحداث والصراعات الإقليمية المشتعلة، وعلينا متابعة انعكاسات ذلك على الصعيد العالمي.
بمرور كل يوم تزداد الصراعات والنزاعات وتتعمق في جغرافيا العالم الإسلامي، ومعظم هذه الصراعات وأبرزها تتم حول تركيا، ولا شك أنّ الأحداث تتم وفق خطط قائمة ومدروسة، فظهور منظمة مثل داعش بصورة مفاجئة، لتسيطر على معظم العراق وسوريا، وتقوم بهجمات تتحدى العالم أجمع، وأخيرا سحب وجر الأردن للمشاركة بقوة في الأحداث، لا يعتبر شيء عابر وتصادفي، وإنما كله مدروس وفق خطط موضوعة.
علينا أيضا إدراك أنّ بعضا من تلك الأحداث يهدف إلى إدخال تركيا في نفس دائرة العنف والصراعات والنزاعات، وهذا ما يؤمن به اردوغان، وأكد مرارا وتكرارا أنّ أحداث غزي بارك وعمليات التنظيم الموازي كان الهدف منها إضعاف تركيا، لشن هجمة واسعة النطاق عليها بعد ذلك.
ولا شك أنّ تركيا بحاجة إلى نظام سياسي قوي يحميها من هذه الهجمات والمؤامرات والمحاولات، وهذه هي النقطة المتمثلة باستفسار البعض عن كيفية تعامل اردوغان مع رئيس البنك المركزي، وأنه يكافح التنظيم الموازي لوحده وبصورة خطوات متتالية، وذلك لأن بيروقراطية النظام الحالي لا تسمح لاردوغان بتجاوز الخطوات من أجل الوصول للأهداف، وإنما عليه السير وفق خطوة تتلوها خطوة في تسلسل بيروقراطي مقيت.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس