إلنور تشيفيك - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجميع بتعبيره بكل صراحة عن عدم سعادته باستقالة هاكان فيدان كرئيس لجهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MİT).
مرّ ثنائي أردوغان - فيدان بقدر كبير من المحن سوياً واصطفّا جنباً إلى جنب في الحرب ضد حركة غولن، التي حاولت الإطاحة بأردوغان كرئيس للوزراء في 7 شباط/ فبراير 2012 بوضع رئيس الاستخبارات خلف القضبان بتهمة الخيانة بسبب اللقاء بشكل سري مع أعضاء بارزين في المنظمة الكردية "الإرهابية" تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK).
بدأ الصّدع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم (AK Parti) وحركة غولن عندما أعدّ مدّعون عامّون مرتبطون بالحركة مؤامرة واسعة النطاق لوضع فيدان في السجن ثم الإطاحة بأردوغان من خلاله، الذي كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت.
فشلت المؤامرة وأطلق فشلها صافرة الإنذار في معسكر أردوغان الذي كان يواجه خطراً داهماً. ومنذ ذلك الحين حاولت حركة غولن استغلال كل فرصة لإسقاط أردوغان وفشلت نتيجة لجهود عدد من الشخصيات القوية حول أردوغان مثل فيدان، ووزير الخارجية في حينها أحمد داود أوغلو، ووزير الداخلية إفكان آلا، وعدد من المسؤولين الآخرين. وتبيّن في ما بعد أنّ قُضاةً، ومُدّعين عامّين وضباط شرطة كانوا متورطين في عملية تنصّت واسعة النطاق استهدفت المكالمات الهاتفية لكل قيادات الدولة ونوّابهم من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة إضافة إلى رجال أعمال وصحفيين.
أراد داود أوغلو عندما أصبح رئيساً للوزراء في عام 2014 أن يُعيّن فيدان وزيراً للخارجية، إلا أنّ أردوغان رفض ذلك. وهذا يُظهِر بوضوح الأهمية التي يربطها أردوغان ببقاء فيدان في منصبه الحساس كرئيس للاستخبارات خاصة وأنّ الحرب ضد حركة غولن تمرّ خلال هذه المرحلة الحرجة. لذلك عمِد داود أوغلو إلى تعيين مولود تشاوش أوغلو وزيراً للخارجية، والذي سيكون خارج البرلمان في وقت قريب بعد انتهاء فترته الثالثة في البرلمان وتعذّر نزوله للانتخابات لفترة رابعة وفقاً لقوانين حزب العدالة والتنمية.
ولذلك قدّم فيدان في 7 شباط/ فبراير 2015 في ذكرى تآمر حركة غولن لسجنه، استقالته كرئيس لجهاز الاستخبارات الوطنية التركي ليصبح مرشحاً للبرلمان عن حزب العدالة والتنمية. يشترط القانون التركي على الموظفين المدنيين أن يستقيلوا من وظائفهم قبل 10 شباط/ فبراير للترشح للبرلمان، ولذلك قرر فيدان الاستقالة من منصبه. يكون الموظفون المدنيون في العادة شديدي الحذر من الاستقالة، ولا يتركون عملهم دون موافقة أردوغان، وأحمد داود أوغلو. وبشكل عام يسود اعتقاد بأنّه طالما سيقرّر الحزب برئاسة داود أوغلو من سيرشّح للانتخابات، فإنّه لا بد مِن مُباركة أردوغان لقائمة المرشحين. لذلك شعر الجميع بأنّه ليس بإمكان فيدان أن يستقيل دون مُباركة كلّ من أردوغان وداود أوغلو ولكن يبدو أنّهم كانوا جميعاً مخطئين. لم يكن فيدان يرغب بالاستمرار كرئيس للاستخبارات.
إنّ من شأن فيدان أن يكون وزير خارجية جيد ولكن حتّى إذا تمّ ترشيحه للبرلمان وانتخابه تظل مسألة وصوله لوزارة الخارجية مرهونة بموافقة أردوغان عليها. أيا يكن ما سيحدث فإنّ تردّد أردوغان حول ترشّح فيدان للبرلمان وتصريحه بأنّ الكرة في ملعب داود أوغلو يقوّي بدوره موقف رئيس الوزراء. فقد أظهر تصريح أردوغان بأنّ الكلمة الفصل في الموضوع هي لرئيس الوزراء أنّ الرئيس يَعُدّ رئيس الوزراء زعيماً لحزب العدالة والتنمية ويُعامله على هذا الأساس. وبالمقابل يريد داود أوغلو إلى جانبه شخصاً يتبع السياسة الخارجية التي صمّمها ورأى أنّ الشخص الأنسب لهذه المهمة هو هاكان فيدان.
يتحدث البعض عن أنّ أردوغان ربّما يزيّف معارضته لترشّح فيدان إلا أنّ مصادر مقرّبة من أردوغان وداود أوغلو تقول إنّه ليست هناك لعبة في الموضوع. وإنّ خيبة أمل أردوغان حقيقية فهو يريد أن يظلّ فيدان في منصبه في جهاز الاستخبارات الوطنية التركي لضمان قتال فعّال بقيادة MİT ضد حركة غولن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس