إلنور تشيفيك - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تأتي زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى تركيا في وقت وصلت فيه علاقاتها مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى أدنى مستوياتها، كما تأتي بعد وقت قصير من اجتماع وزارء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة عدة مسائل من بينها تركيا، واتفاقهم، باستثناء النمسا، على ضرورة استمرار محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد،وأن أي خطوة لتعليق المفاوضات ستؤدي فقط إلى نتائج عكسية. ولذلك حل وزير الخارجية الألماني في أنقرة ليقدم "تحذيرات ودية" للإدارة التركية بعد اجتماع بروكسل.
تأتي هذه الزيارة أيضا بعد يوم واحد من إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان بوضوح أن تركيا قد ضاقت ذرعا بنفاق موقف قادة الاتحاد الأوروبي إزاء عملية الانضمام والالتزام باتفاق المهاجرين. ستحال مسألة الانضمام إلى الشعب التركي لنعرف ما إذا كان علينا مواصلة عملية الانضمام أو التخلي عنها للأبد. يشعر الأتراك بحزن عميق وبإحباط من عدم تأييد الاتحاد الأوروبي لتركيا على نحو لائق بعد محاولة الانقلاب الساقط في الخامس عشر من يوليو/ تموز، بل على العكس من ذلك، فإن سلوكيات القادة الأوروبين وتصريحاتهم كانت في الواقع داعمة لمدبري الانقلاب والمتعاونين معهم مثل المقاتلين الانفصاليين الأكراد.
ثمة إحساس بعدم الثقة المتزايد في أنقرة وفي أوساط الأتراك عموما بأن قادة الاتحاد الأوروبي ليسوا حسني النية وأنهم يريدون إنشاء دولة كردية على الأراضي التركية، وينظر إلى حقيقة أن كثيرا من الدول الأوروبية بقيادة ألمانيا وبلجيكا تتملق تنظيم البي كي كي الإرهابي على أنها دليل واضح على ذلك.
نشرت إحدى الصحف التي تعد الناطق باسم حزب العمال الكردستاني في ألمانيا عنوانا يقول: "أسقطنا السقف على القائم بأعمال الحاكم"، وذكرت في تفاصيل العنوان أن إرهابيي حزب العمال الكردستاني شنوا هجوما بالقنابل على بلدية ديريك في محافظة ماردين جنوب شرق تركيا، وقتلوا القائم بأعمال حاكم المنطقة المؤقت محمد صافي ترك. أعلن الأتراك الحداد على وفاة صافي ترك بعد التفجير الإرهابي الأرعن، وأصيبوا بالصدمة والغضب من الطريقة التي تباهى بها حزب العمال الكردستاني بالهجوم في ألمانيا. التزمت السلطات الألمانية التي تعد العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا الصمت، لكن الأتراك عموما يشعرون بأن ألمانيا تحمي حزب العمال الكردستاني، وتتظاهر بتأييد الإرهابيين الذين يخوضون حربا انفصالية دموية في جنوب شرق تركيا. طلبت تركيا حتى الآن من ألمانيا تسليم 4500 من مقاتلي العمال الكردستاني، لكن ألمانيا لم تسلم سوى ثلاثة منهم فقط، وعلاوة على ذلك استولت قوات الأمن التركية على أسلحة ألمانية الصنع كانت في حوزة إرهابيي حزب العمال الكردستاني. لم تكن الحكومة الألمانية قادرة على شرح كيفية وصول هذه الأسلحة إلى أيدي الإرهابيين.
يحاول السيد شتاينماير بالطبع أن يلقي علينا محاضرة حول حقوق الإنسان وحرية التعبير بذريعة "النصيحة الودية"، لكن يبدو أنه من الصعب عليه في هذا الموقف أن يخاطبنا حول هذه القضايا، بينما يتم إسكات الأتراك الذين يسعون إلى رفع صوت الحكومة التركية في بلاده بمختلف الوسائل. تبسط ألمانيا السجاد الأحمر لمعارضي الإدارة التركية وخصومها، وهو عمل غير ودي، ويبدو أنه نسي أن تركيا عانت من محاولة انقلاب عسكري دموي، وأنه لا بد من اتخاذ تدابير قوية ضد الجناة.
نسي السيد شتاينماير أن الأمة التي أوقفت الانقلاب بأيديها العارية، وأطلق عليها النار، وقتل منها 240 شخصا ستطلب عقوبة الإعدام للمعتدين، وستطالب بشن حملة واسعة على مدبري الانقلاب الذين تسللوا لمؤسسات الدولة. ومن هنا يا سيد شتاينماير فإن تركيا ليست جمهورية موز. إذا كانت السلطات التركية تستخدم اليوم حالة الطوارئ للتخلص من الانقلابيين وتقديمهم للعدالة، وإذا كنا نسجن انفصاليين ومن بينهم نواب أكراد متشددون قدموا خدمات لحزب العمال الكردستاني، فإننا نفعل ذلك للحفاظ على وحدة الجمهورية التركية وسلامتها، مع العلم أن هذه أقل حالة طوارئ تطبق في تاريخ تركيا. لو كنا نريد الانتقام حقا، لكنا قتلنا جميع مدبري الانقلاب، لكننا لم نفعل بل نجمعهم جميعا ونقتادهم إلى السجن لمواجهة العدالة. ومن بين هؤلاء فريق الاغتيال الذي أرسل لاغتيال الرئيس رجب طيب أردوغان وعائلته.
لا ينبغي للسيد شتاينماير أن يسخر من نفسه أو أن يسخر من أي منا, لا يرغب الاتحاد الأوروبي وبعض قادة الدول الأعضاء في رؤية تركيا داخل الاتحاد، ويختلقون جميع أنواع الأعذار لتنفير الشعب التركي، وإجبارنا على قول " ليذهب الاتحاد الأوروبي إلى الجحيم" ، وإنها عرضنا بالانضمام إلى الاتحاد. لكن عندئذ يمكنهم أن يتذكروا الكابوس الذي يمكن أن يحدث إن أغرق المهاجرون السوريون الحدود الأوروبية، وبالتالي فإنهم جميعا يلعبون لكسب الوقت لتأخير ما لا مفر منه. يا لهم من ألمان بائسين ، ويا لهم من أوربيين بائسيين .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس