ترك برس
تناول تقرير في وكالة "فرانس برس"، تأثير قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من سوريا، على العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، والتي شهدت تدهورًا كبيرًا في الآونة الأخيرة.
وقالت الوكالة إن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا شهدت تحسّنا كبيرا بعد أشهر من تدهورها إلى أدنى مستوى مع قرار ترامب سحب قواته من سوريا، ما أثار تكهّنات باحتمال توصّل البلدين إلى صفقة غير معلنة.
وكان الرئيس الأميركي أجرى اتصالا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، قبل خمسة أيام من إعلانه المفاجئ سحب ألفي جندي من سوريا وإعلانه أنه حقق هدفه في سوريا بـ"هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية".
وهدّد الرئيس التركي بشن عملية عسكرية وشيكة ضد مقاتلي "وحدات حماية الشعب" (YPG) والذين قاتلوا التنظيم في شمال سوريا، مؤكدا عزمه على "التخلص" منهم إذا لم يرغمهم الأميركيون على الانسحاب.
وتدعم واشنطن عناصر (YPG) في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، لكن أنقرة تعتبرهم منظمة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
وعقب المحادثة الهاتفية أعلنت الحكومة التركية في بيان أن أردوغان وترامب "اتّفقا على تعاون أكثر فاعلية" في سوريا.
لكن أردوغان، وفي تصريح "أقل دبلوماسية"، حسب "فرانس برس"، قال "لقد تحدّثت إلى ترامب. على الإرهابيين الانسحاب من شرق الفرات وإذا لم يرحلوا فسنتخلّص منهم".
في الوقت نفسه أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن ترامب طرح مجددا مسألة الانسحاب من سوريا.
ووفقًا للتقرير، فإن قلّة أخذت كلام تشاوش أوغلو على محمل الجد، إذ ردّ المتحدّث باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو على سؤال حول التصريحات التركية بالقول إن العمل في سوريا "لم ينجز بعد" إلى أن اتّخذ ترامب قراره المفاجئ بالانسحاب.
وأوردت عدة وسائل إعلام أميركية أن ترامب اتّخذ قراره مباشرة بعد الاتصال مع أردوغان. لكن ترامب يفاخر دوما بأن خطواته لا يمكن توقّعها، وهو لطالما طرح مسألة الخروج من سوريا، معتبرا أن التدخل الأميركي فيها مكلف جدا.
ولكن صحيفة "حرييت" التركية أفادت أن ترامب اتخذ قرار سحب الجنود من سوريا، خلال مكالمة الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر، بعد أن تعهّد أردوغان بالاستمرار في مكافحة الجهاديين.
وأفادت الصحيفة نقلا عن محضر المكالمة بأن ترامب سأل نظيره التركي "هل ستتخلّصون من فلول داعش إذا ما انسحبنا من سوريا؟". فردّ عليه أردوغان: "سنتولّى الأمر".
وقال سنان أولغن الخبير التركي في مركز الدراسات حول الاقتصاد والسياسة الخارجية في اسطنبول إن "قرار ترامب لا علاقة له بتركيا". وأوضح أولغن أن "الاتصال مع أردوغان ربما عجَّل بالأمر".
وسواء كان هناك اتفاق صريح أو لم يكن، إلا أن انسحاب القوات الأميركية يفتح المجال أمام هجوم تركي كانت احتمالاته أضعف مع الوجود الأميركي وخطر وقوع قتلى أميركيين.
وقال فيصل عيتاني وهو محلل في مجلس الأطلسي في واشنطن "إنه دفعٌ قوي لتركيا، وأعتقد أنه يعكس تحسّنا في العلاقات الأميركية-التركية، ويقلّص اعتماد تركيا على روسيا".
وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي الذي أنشئ قبل نحو سبعين عاماً في مواجهة الاتحاد السوفياتي أثارت قلق الولايات المتّحدة بتوقيعها صفقة شراء صواريخ "إس-"400 الروسية.
وفي هذا الأسبوع، أعلنت الولايات المتحدة موافقتها على صفقة بيع صواريخ باتريوت وغيرها بقيمة 3,5 مليارات دولار إلى تركيا، واضعة أردوغان أمام خيار صعب فيما يتعلّق بتسليح جيشه.
وشهدت العلاقات تدهوراً بعد توقيف تركيا للقس الأميركي آندرو برانسون في إزمير، ومطالبتها واشنطن بتسليمها فتح الله غولن المقيم في منفى اختياري في بنسلفانيا، والذي تتّهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في 2016.
وجعلت إدارة ترامب، التي تستند إلى قاعدة مسيحية إنجيلية، قضية برانسون على رأس أولوياتها، وفرضت عقوبات أضعفت الاقتصاد التركي وساهمت في تدهور قيمة الليرة التركية إلى أن أُطلق سراحه في تشرين الأول/أكتوبر.
وقال ستيفن كوك المحلل في مجلس العلاقات الخارجية "أعتقد أن الصفقة كانت إطلاق تركيا سراح برانسون مقابل امتناع الولايات المتحدة عن اتخاذ مزيد من الإجراءات المضرّة بالاقتصاد التركي".
وقال "لقد فاز المسؤولون الأميركيون الذين دعوا لإنقاذ العلاقات".
وأشار ترامب، الذي غالبا ما يُتّهم بأنه أكثر ارتياحا في التعاطي مع القادة الأقوياء منه مع حلفاء ديمقراطيين، إلى تقارب مع أردوغان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!