محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
أليست المكتبات مليئة بأعمال وقصص الناس الذين لم يلاحظوا الحدث الجلل الذي يعتبر ثورة ويظنون أن كل شيء سيبقى على ما كان عليه في السابق؟ وقد يصح أن نعطي "دونكي شوت" للكاتب سيرفانتس مثالاً عن الاختلال في معايير هؤلاء... الذين ينتقمون على طريقة إيفو أندريتش من الناس في "جسر درينا" عندما تحولت تلك المدن من سيطرة الامبراطورية العثمانية إلى سيطرة الامبراطورية المجرية والنمساوية حيث كان يكتب أرقاماً على أبواب الناس ويبلغ عنهم... أما جون ريد فيتحدث في "الأيام العشر التي هزت العالم" عن الناس في سانبترسبورغ و الذين لم يكن لديهم علم بالثورة السوفييتية ففي حين كان البعض في المدينة يجهز للشتاء كان الذين يعيشون في مركز المدينة يذهبون إلى المسارح والمطاعم.
الحالمون في مجتمعنا
ألا يوجد اليوم في تركيا بعض الطبقات التي تتصرف وكأنها لم تلاحظ التغيير الذي نعيشه؟ ألا يظن بعض السياسيين وبعض المعلقين أن الانتخابات التي ستجري في 7 حزيران لا تتسم بأي فرق وبالتالي فإنهم يبنون على هذا الظن الخاطئ استنتاجهم بأن الأوضاع ستبقى على ما هي عليه؟
لو أنهم يفكرون بهذا الشكل ... حتى وجود رئيس للجمهورية منتخب من قبل الشعب أليس علامة فارقة كبيرة عما كان عليه الحال في البنية السياسية السابقة؟ ففي حين كان منصب رئيس الجمهورية في السابق يأتي على رأس نظام الوصاية الذي اتسم بتحكمه بمفاصل العملية السياسية في الفتر السابقة وكان تشانكايا يمثل الأقلية المدنية والعسكرية الحاكمة, أصبح منصب رئيس الجمهورية الآن معبراً عن إرادة الشعب. وبعد انتخابات 7 حزيران التي ستجري بعد فترة شهدت تصفية لأعضاء نظام الوصاية ستظهر ولا بد مسألة النظام الرئاسي كموضوع لا مهرب من مناقشته.
سيتم متابعة عملية السلام
وهناك فرق مهم آخر عن الماضي وهو موضوع إيصال المسألة الكردية إلى حل نهائي ودائم ... ومن المؤكد أن عملية السلام ستتأثر بالخط السياسي الذي سينتهجه حزب الشعب الديمقراطي وبالنتائج التي سيحصل عليها في الانتخابات. فإذا لم يكن هذا الخط السياسي مناسب لعملية السلام فربما نشهد ابتعاد الناخبين الأكراد عن هذا الحزب , بمعنى آخر انسحاب حزب الشعب الديمقراطي من الحياة السياسية المشروعة وحلول حز ب ك ك مكانه. ويمكن أن نتوقع أن يُؤخذ موضوع الدستور ليس من الناحية الحقوقية وإنما من الناحية السياسية, وأن تحل السياسة الاجتماعية التي اختارها الشعب محل مفاهيم السياسة المؤسساتية التي كان يمثلها حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية بعد انتخابات 7 حزيران. ويجب منذ الآن أن تناقَش مسألة احتمال خروج حزب الشعب الديمقراطي والذي يعتبر ممثلاً جديداً لهذه السياسة مع حزب العدالة والتنمية عن خطه السياسي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس