أوكاي غونينسين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
وجد الباحثون عن فجوة ما بين رئيس الجمهورية وحكومة رئيس الوزراء، ضالتهم في موضوع هاكان فيدان، وبدؤوا بتسليط الضوء أكثر على هذه الجزئية، من أجل إبرازها وخلق البلبلة حولها أمام الرأي العام.
لا شك أنّ تصريح اردوغان العلني عن وقوفه ضد قرار هاكان فيدان بترك منصب رئاسة جهاز الاستخبارات من أجل الترشح لانتخابات البرلمان، كان هو السبب الذي سمح للمتربصين باستغلال الفرصة، لهذا بدأ البعض بطرح تفسيرات مختلفة تتلاءم وهواه وأهدافه، وستستمر مثل هذه التحليلات العشوائية لمدة أطول.
لم يرى اردوغان أي حرج في التعبير عن رأيه بصورة صريحة وعلنية أمام الجماهير، ولم يخف رأيه بموضوع فيدان برغم علمه المسبق بوجود المتربصين الذين ينتظرون أي فرصة سانحة من أجل شن الهجوم وإثارة الفوضى ونشر الشائعات، لكن اردوغان أصرّ على إيضاح وجهة نظره أمام الناس والجمهور.
هناك نتيجة حتمية نستطيع استنتاجها من هذا المشهد السياسي، وهي أنّ الأمور في إدارة هذه الدولة، وبرغم كونها بيد حزب العدالة والتنمية وزعيمه اردوغان، إلا أنها لا تُدار بالأمر والقبول فحسب، وإنما هناك آراء ونقاشات لوجهات النظر.
سياسة الأمر والقبول أول ما برزت بصورة واضحة في إدارة الدولة كانت في زمن رئيس هيئة الأركان "تشلار"، الذي كان يتغنى بانصياع الجنود لأوامره، وهذه العلاقة، علاقة السمع والطاعة والأمر والقبول، طبيعية عندما تكون داخل هيئة الأركان والجيش أو جهاز الشرطة، لكن وجود هذه العلاقة في عالم السياسة أمر غير طبيعي، وهذا ما تأكدنا من عدم وجوده في تركيا بعد حادثة هاكان فيدان.
تبقى السياسة حية ونشطة ما دامت لا تخضع لسلسلة الأوامر العسكرية من القائد إلى جنوده، وما دامت لا تخضع للبيروقراطية، فعدم وجود هذين الأمرين يساعد على استمرار ديناميكا السياسة بصورة طبيعية وصحية.
بغض النظر عن السياق والسبب الذي جعل هاكان فيدان يقرر هذا القرار، وبغض النظر عن دعم داود أوغلو له، إلا أنّ اتخاذ هاكان فيدان لقرار الاستقالة يدل على اختيار وترجيح سياسي هام جدا.
اعتدنا على تقديم رئيس جهاز الاستخبارات استقالته ليحيل نفسه إلى التقاعد، هكذا جرت العادة في تركيا، إلا أنّ هناك اسمان مرا على رئاسة جهاز الاستخبارات، قدموا استقالتهم وأصبحا سفيرين لتركيا قبيل أنْ يتقاعدا.
لكن هاكان فيدان قرر الاستقالة وهو في ذروة نشاطه على رئاسة جهاز الاستخبارات، ولا بد أنه يطمح لدور سياسي ومنصب أفضل وأحسن من رئاسة جهاز الاستخبارات، وهذا ما نعتقد أنه يسعى إليه، لكونه ما زال في قوته ونشاطه وحيويته.
أكبر مهمة كانت تقع على عاتق هاكان فيدان هي تحقيق عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، ولا شك أنّ هاكان فيدان سيستمر في العمل على إنجاز ما بدأه، بغض النظر عن مكان تواجده.
أقوى جملة وصف بها اردوغان هاكان فيدان كانت وصفه "بمستودع الأسرار"، وهذا يدلل على الثقة التي يحظى بها الرجل عند رئيس الجمهورية، ولا شك أنّ وقوف داود أوغلو إلى جانب قرار هاكان فيدان، يعني أن الأخير سيتمسك بقراره.
وفي خضم هذه الأحاديث، تأتي رسالة من سجن إمرالي، تصف هاكان فيدان بأنه الرجل الأكثر "ثقة" بالنسبة للأكراد، وهذا يعني أنّ الرجل كان يحمل مسئولية عظيمة في ملف السلام مع الأكراد، وسيستمر في حملها لأنه يحظى بثقة الأكراد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس