ترك برس
قال أنس يلمان، مدير المكتب الدولي في جامعة ابن خلدون التركية، إن واشنطن تحاول توحيد الصف الخليجي بمشاركة مصر بذريعة مواجهة إيران، إلا أن الهدف الحقيقي هو لعب دور ضد تركيا باستخدام مسألة القومية.
وأشار يلمان، في حديث لصحيفة "الشرق" القطرية، إلى أنه لا بديل لواشنطن غير التعاون مع تركيا فيما يتعلق بالملف السوري.
ووصف يلمان إحلال قوات عربية في سوريا بعملية التشويش الإعلامي ومحاولة أمريكية لجس نبض الدول العربية وتركيا، معتبراً أن انسحاب القوات الأمريكية يهدف لحصول واشنطن على مزيد من الأموال من السعودية والإمارات.
وأكد يلمان أن العلاقات القطرية التركية وثيقة، والبلدان يقفان جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات والأزمات، فقطر وقفت مع تركيا في المحاولة الانقلابية الفاشلة، والأزمة الاقتصادية التي مرت بها، دون النظر إلى الضغوط الأمريكية، وأنقرة من جانبها ساندت الدوحة في حصارها، وحشدت كل إمكاناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية للدفاع عنها وحمايتها من المخاطر التي تعرضت لها، بغض النظر عن علاقة تركيا بالأطراف الأخرى.
وبالتالي فإن الدولتين تجاوزتا كافة الأزمات التي واجهتهما من خلال تعاونهما، وهو التعاون الذي عمّق الأخوة بينهما.
وردا على سؤال: كون الدولتين لهما رؤية وإستراتيجية مشتركة لقضايا المنطقة، إلى أي مدى يمكن لقطر وتركيا أن تطبع مع نظام الأسد كما فعلت دول أخرى؟ قال يلمان إذا ما نظرنا إلى تصريحات وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التي أعلن فيها رفض قطر التطبيع مع نظام الأسد، وهو نفس الموقف التركي، فإن ذلك يكشف عن وجود رؤية وإستراتيجية واحدة للبلدين في ما يخص الملف السوري، هذه الرؤية ليست استعمارية أو توسعية وإنما هدفها الأساسي خدمة الشعب السوري وشعوب المنطقة، وهذا ما ينطبق على جميع الأزمات.
ومن المؤكد، أن تركيا أعلنت موقفها النهائي من هذا الأمر في وقت سابق، والذي يتمثل في عدم الاعتراف بالأسد إلا بعد إجراء انتخابات جديدة ونزيهة، يشارك فيها جميع أبناء الشعب السوري.
وحول ما إذا كان الانسحاب الأمريكي من سوريا يصب في صالح تركيا والمنطقة، أجاب الأكاديمي التركي: "لا شك، أن هذا الانسحاب مشكوك فيه، خصوصاً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يعلن عن سياسة واضحة في سوريا لما بعد الانسحاب، وهذا هو الأهم بالنسبة لتركيا، فأنقرة لا يهمها الخروج الأمريكي من سوريا بقدر حرصها على المرحلة التالية.
وفي تقديري فإن استراتيجية ترامب المتعلقة بالانسحاب من المنطقة تعد تكملة لسياسة أوباما، وهذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون.
علماً بأن قرار ترامب الانسحاب من سوريا "إن تم" يأتي ضمن قراراته التي يسعى من خلالها للفوز بفترة أخرى في الانتخابات القادمة، كما فعل في موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس للحصول على دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ، حيث إنه وعد الناخبين بسحب القوات الأمريكية الموجودة في الدول الأخرى، إضافة إلى هدف آخر وهو الحصول على المزيد من الأموال من السعودية والإمارات".
وردا على سؤال حول ترحيب تركيا بالانسحاب الأمريكي من سوريا، قال يلمان "هذا صحيح، لكن التصريحات الأخيرة سواء من ترامب أو من المسؤولين الأمريكيين أثارت الكثير من الاستفهامات والقلق لدى صانع القرار التركي، الذي يترقب الانسحاب بحذر، خصوصاً أن جميع التجارب أثبتت أن الولايات المتحدة حليف غير موثوق به.
وحول زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى المنطقة، قال يلمان: "في الحقيقة، فإن بومبيو حاول في زيارته الضغط على بعض الدول العربية والخليجية للانضمام إلى تحالف ضد إيران، ونوعاً ما ضد تركيا، إلا أن العلاقات القطرية التركية لن تتأثر بهذا التحالف أبداً.
وأعتقد أن التحركات الأمريكية تهدف في المقام الأول لمحاصرة تركيا بذريعة منع التمدد الإيراني في المنطقة، فواشنطن تحاول توحيد الصف الخليجي بمشاركة مصر بذريعة مواجهة إيران، إلا أن الهدف الحقيقي هو لعب دور ضد تركيا باستخدام مسألة القومية، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي في تغريدته الأخيرة، وفهمناه في أنقرة خلال زيارة بولتون.
وحول ادعاءات استعداد بعض الدول العربية لإرسال قواتها إلى سوري، قال يلمان: "أنا أستبعد إقدام بعض هذه الدول على الحضور إلى سوريا، خاصة أن السعودية مهزومة في اليمن، والنظام المصري متورط داخلياً، والإمارات لا تمتلك جيشاً قوياً، وبالتالي فمن الصعب عليهم التدخل في دول أخرى. لذلك أعتقد أن هذا الأمر من قبيل "التشويش الإعلامي" ، ومحاولة جس نبض أمريكية لهذه الدول، ولتركيا أيضا".
وعن خيارات واشنطن بعد الانسحاب من سوريا، رأى الأكاديمي التركي أن واشنطن أمامها 3 خيارات، الأول تسليم مناطق الانسحاب لقوات عربية، مثل السعودية والإمارات ومصر، وكون هذه الدولة ضعيفة كما قلت سابقاً، فستتغلب عليهم إيران وتتمدد وتوسع نفوذها، والخيار الثاني، سيطرة روسيا على هذه المناطق، وهذا خيار صعب في ظل توتر العلاقات الثنائية والصراع بينها وبين الولايات المتحدة، وكلا الخيارين يمثلان تهديداً لأمن إسرائيل.
أما الخيار الثالث، الذي لا بديل لواشنطن عنه فهو التعاون والتنسيق مع تركيا، التي هي الأقدر على إحداث توازن في مناطق الانسحاب الأمريكي، لأنها تتمتع بعلاقات طيبة مع جميع الأطراف ذات النفوذ فيما يتعلق بالملف السوري.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!