موسى الهايس - خاص ترك برس
كما أن قرار ترامب سحب قواته من سوريا لم يأتِ عبثاً ولم يكن تغريدة ارتجالية على تويتر حسبما وصفه "البعض" في حينه كذلك افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق وإعادة العلاقات بشكل علني لم يكن ليتم لولا أن هناك أمرًا ما يحضر له وبإرادة الراعي الأمريكي للمنطقة.
فمن المؤكد أن انسحاب القوات الامريكية تمّ بعد مشاورات الرئيس مع فريق عمل من المختصين والقائمين على تنفيذ الخطط الأمريكية في المنطقة، وهو جزءٌ من استراتيجية أمريكية معدة للمنطقة بشكل كامل يتم تنفيذها على مراحل بحيث يتم اتخاذ القرار اللازم لكل مرحلة إعلانًا بانتهائها وإيذانا بالتهيئة لبدء المرحلة اللاحقة وربما يكون الخلاف - إن وجد - على تقديم قرار على آخر أو توقيت اتخاذه، ولا يهم إن كان هذا الاعلان جاء بتغريدة منفردة على حساب الرئيس الشخصي عبر تويتر أو صدر عن وزارة الخارجية ببيان، المهم أن المرحلة الجديدة بدأت بانتهاء الوجود الأمريكي العسكري في سوريا وإعادة التمثيل الدبلوماسي الإماراتي بدمشق. إذ لطالما استخدمت الإدارة الأمريكية بعض الدول "الحليفة " لتنفيذ إرادتها والقيام بأدوار في الأماكن التي تجد حرجًا بأن تكون متواجدة بشكل مباشر وهو ما حصل في السنوات الأخيرة من قيام الإمارات العربية المتحدة بدور يبدو للمتابعين أكبر من حجمها لكنها في الحقيقة تنفذ إرادة الولايات المتحدة ورغبتها، أو تلعب الدور الذي من المفترض أن تلعبه الولايات المتحدة، في حين لا تود الظهور لأسبابها الخاصة. كدعم وتمويل انقلاب غولن الفاشل في تركيا تموز/ يوليو عام 2016 وتمويل حملة "محرم إينجه" مرشح حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية التركية عام 2018 والمنافس الرئيس لأردوغان إضافة إلى الحرب الإعلامية والاقتصادية التي شنتها على الليرة التركية والذي جاءت متزامنة مع فرض الولايات المتحدة ضرائب على بعض السلع المستوردة من تركيا مما لا يدع مجالاً للشك أن ذلك يتماهى مع تلك الإرادة وخدمة لها وأخيرًا وليس آخرا الدعم المالي والإعلامي الذي قدمته حكومة الإمارات لوحدات الحماية الكردية والتي تعتبرها تركيا أحد اذرع حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الارهاب.
وبالتالي كانت دولة الإمارات وما زالت إحدى أدوات السياسة الأمريكية في المنطقة بخاصة عندما يتعلق الأمر بتركيا لما يجده الأمريكان من حرج قانوني وأخلاقي في المواجهة المباشرة مع تركيا العضو المهم في الناتو والحليف الرئيس في المنطقة إبان الحرب الباردة والذي يعلم الأمريكان أن خسارته تصبّ في مصلحة الروس العدو التقليدي وهو ما يحرص الأمريكان على عدم حصوله.
وعلى الرغم من فشل الإمارات بكل الأدوار التي أوكلت إليها والتي سبق ذكرها فإنه يراد لها الآن أن تقوم بمحاولة ربما تكون الأخيرة تتشارك فيها مع مجموعة من محور عربي يضم النظام السوري الذي يحضر لإعادة تأهيله وقد بدأت بالفعل خطوات إعداده بإعادة العلاقات بشكل رسمي معه، وربما يتبع ذلك خطوات من أنظمة عربية أخرى تضمر العداء لتركيا "العدالة والتنمية" ويعول عليها أن تكون طرفًا في هذا الحلف لنشر قوات عربية في الشمال السوري بحجة حماية سوريا من التدخلات التركية، وإن لزم الأمر القيام بعمليات حربية ضد تركيا تحت حجة تدخلها في الشأن العربي بشكل عام، وانتهاك السيادة السورية بشكل خاص وهو ما ستبديه قادمات الأيام!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس