ترك برس
سلّطت تقاير إعلامية الضوء على الأوضاع السائدة في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية شمالي البلاد، إثر انتشار مزاعم حول وجود "فلتان أمني" و"مشاكل اقتصادية" في تلك المناطق التي تنتشر فيها قوات عسكرية تركية أيضًا.
الصحفي والناشط السوري في ريف حلب مازن الشامي، زعم أن"مدينة عفرين تشهد فلتانا أمنيا، وتحدث فيها تفجيرات بين الفينة والأخرى، إضافة لوجود بعض حالات الخطف والاعتقال"، حسب ما أوردت صحيفة "عربي21" الإلكترونية.
في حين رأى الباحث والمحلل السياسي التركي أنس يلمان، أن هذه "التقارير عبارة عن أكاذيب، هدفها الأساسي إظهار فشل تركيا في عفرين"، وفق تعبيره.
ومن الناحية الاقتصادية، قال الشامي إن "كل شيء متوفر، ولكن المشكلة تكمن في أنه ليس الكل يمتلك المال للشراء، فمعظم سكان عفرين هم من المهجرين الذين تركوا كل ما يملكون في مناطقهم".
ولفت إلى أن "عمل المنظمات الخيرية يقتصر على قاطني المخيمات ولم تصل مساعدات للمهجرين منذ ستة أشهر".
وأشار إلى أن أهم المشاكل التي يعانيها المدنيون في المناطق المحررة هي "عدم الشعور بالأمان بسبب الفلتان الأمني، إضافة للوضع المعيشي السيئ، فمثلا أنا وغيري من مهجري الغوطة الشرقية لا زلنا بدون عمل منذ وصولنا للشمال السوري".
ويحمّل الشامي الفصائل المسلحة مسؤولية الفلتان الأمني ويقول: "عندما تتدخل تركيا أمنيا في أي حدث أو إشكال أمني فإنه يتم حله مباشرة، فالفصائل تخاف من الجيش التركي".
أنس يلمان، قال إن "هناك عدة احتمالات للجهة التي تروج الأكاذيب، أولها المسؤولون الأمريكيون الذين يعارضون قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، ويحاولون ثنيه عن ذلك، وحتى لا تستلم تركيا المنطقة الآمنة".
وأشار الباحث التركي إلى أن "الجهة الأخرى التي يمكن أن تكون المروجة لهذه الأكاذيب النظام السوري أو وحدات حماية الشعب الكردية".
وأضاف أن "هذه الأكاذيب كلها تدخل ضمن محاولة إظهار تركيا بأنها فشلت في إدارة عفرين حتى لا تستمر في عمليتها العسكرية بمنبج وغيرها من المناطق".
وأردف يلمان: "على العكس مما يُروج له فقد أصبحت عفرين نموذجا في إعادة الإعمار بمختلف المجالات مثل الأمن والتعليم والصحة والاقتصاد، ودليل ذلك عودة 200 ألف من أهالي المدينة الذين لجأوا لتركيا".
وأوضح أن عددا من "المؤسسات الإنسانية التركية قدمت مساعدات للسكان في عفرين بعد انتهاء العمليات العسكرية، وقيام تركيا بإطلاق مشاريع إعادة الإعمار للبنية التحتية، وأيضا تدريب قوات محلية للحفاظ على أمن المدينة، والمساهمة ببناء المدارس، وهي تقوم بكل ذلك بالتعاون مع الفصائل المحلية".
من جهته يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد كامل وجود مشاكل اقتصادية وخدمية وأمنية في هذه المناطق، ويعلق بالقول: "هذا الأمر طبيعي جدا نتيجة لغياب الدولة في هذه المناطق، المحرومة أصلا من خدمات الدولة منذ 8 سنوات، وهي معرضة للتدمير والحصار والاختراقات الأمنية وكل ما يؤذي الدولة والمجتمع".
وأضاف كامل: "تُركت عفرين وحدها ولم يتكلم أحد في العالم عن إعادة إعمارها هي والمناطق المحررة الأخرى، ولمجرد وجود أحرار سوريا والجيش التركي فيها فإنها تصبح خارج نطاق الإنسانية".
ويتابع: "لا يوجد اهتمام فيها من أي جهة سواء الدول العربية أو الأمم المتحدة أو المانحين، بالمقابل تجدهم يتكلمون بوقاحة عن إعادة إعمار المناطق التي يتواجد فيها النظام والمحتلون الأجانب".
وأضاف: "هناك بعض الإخفاقات الاقتصادية والأمنية والخدمية، لهذه الأسباب التي ذكرتها إضافة إلى أن تكوينات المعارضة السورية فيها ضعف تكويني، حيث إنها لم تعش ظروفا طبيعية أبدا، فقوى المجتمع السوري لم تعرف الإدارة الذاتية أو المشاركة بالحياة العامة منذ نصف قرن منذ استلام نظام آل الأسد الحكم في سوريا بالقوة".
وحول الخطوات "المطلوب تنفيذها للخروج من هذه الإخفاقات"، يرى كامل أن "هذا الأمر يتطلب عملا ثلاثيا، أولا من قبل أبناء المنطقة سواء قوى المعارضة أو المجتمع، وثانيا العمل من قبل تركيا كونها تتحمل المسؤولية في هذه المناطق، والتي دخلتها برضا ورغبة وتأييد منا، ولتحقيق مصلحة مشتركة بيننا وبينها".
وتابع: "يترتب أيضا على تركيا مسؤوليات، فهناك إمكانيات لتحسين أدائها وأداء قوى المجتمع السوري، وأيضا هناك مسؤولية دولية حيث يجب أن يشعر المجتمع الدولي ولو مرة واحدة بمسؤوليته تجاه المواطنين السوريين في تلك المناطق، والذين يشكلون ما نسبته ثلث الشعب السوري المتواجد على الأرض السورية".
وختم حديثه بالقول: "بالمحصلة فإن التجربة لم تكن فاشلة بل على العكس هي من أنجح التجارب، فهذه المناطق تُعد أفضل مكان للعيش بسوريا خاصة للأغلبية العربية السنية المقموعة..
ولو سألت السوريين المعذبين عن رأيهم، لقالوا إنهم يتمنون أن تصبح سوريا مثل عفرين وغيرها من المناطق المحررة، لأنها المنطقة الوحيدة التي يعيش فيها السوري بكرامة وبمقدوره التعبير عن رأيه السياسي سواء كان مؤيدا أم معارضا، ونتمنى أن تشمل هذه التجربة منبج وغيرها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!