بولانت إيرانداتش /ترجمة وتحرير ترك برس

تطالعنا عند قراءتنا لتاريخ تركيا الحديث مواقف لحزب الشعب الجمهوري وتتوضح لدى قرائتنا لهذا التاريخ معالم صلته بالانقلابات والإدارة العسكرية. فخلال تاريخنا القريب استولى الجيش على الحكم مرتين مرة في عام 1960 ومرة في عام 1980، وأرغم الحكومة على الاستقالة لمرتين أيضا في عام 1971 وفي عام 1997، كما شهد تاريخنا عشر محاولات انقلابات عسكرية على الحكومة.

وكان حزب الشعب الجمهوري على الدوام وراء تلك الانقلابات أو اتخذ مكانا في صفها. يتكلم أحد أعضاء لجنة الاتحاد الوطنية وهي لجنة عسكرية أسستها القوات التركية المسلحة عام 1960 "أحمد إير" بهذا الخصوص قائلاً: "إن شخصيتنا نحن الضباط الذين نقرر الانقلاب مختلفة، لقد كان 90 بالمئة منا يناصر حزب الشعب الجمهوري. وكان الضباط المنتمون إلى الحزب يشكلون نواة الانقلاب. وبعض الانقلابيين كانوا يحمون عصمت إينونو أول (وهورئيس وزراء بعد إعلان الجمهورية التركية وثاني رئيس جمهورية). وقد اتخذ الضباط المناصرون لحزب الشعب الجمهوري والذين جهزوا للانقلاب على حكومة الحزب الديمقراطي الحاكم آنذاك قرارا كما يلي: "سننقلب على الحكومة وسنغلق الحزب الديمقراطي وبعدها سنستلم مقاليد الحكم إلى حزب الشعب الجمهوري." وبعدها يجتمع هؤلاء الضباط المناصرين لحزب الشعب الجمهوري حول عصمت إينونو الذي يقول لهم: "سلموني الحكم أمنحكم العضوية في البرلمان لمدة ستة أعوام." وكنا نقرأ تحريضات الفئات اليسارية في الصحف آنذاك."

من مذكرات أحد الضالعين في الإنقلاب "دوندار طاشير"

كتب أحد المشتركين في انقلاب 1960 في مذكراته: "لقد كنا نتكلم فيما بيننا في صباح 27 أيار/ مايو عما يجب أن نفعله. قال أحد الضباط "جمال مضان أوغلو": "إننا لانفهم في الأمور العدلية ولا في الأمور المالية فلنأت بعصمت باشا إلى الحكم ولنعلنه حاكما للبلاد ليتدبر إدارة تركيا وبإعلانه ينتهي الأمر. ويقول أحد الأعضاء صدقي أولاي: "بشرى يا أصدقائي إذا ما استلم حزب الشعب الحمهوري الحكم سيسلمنا البرلملن مدى الحياة، علينا ألا نضيع مثل هذه الفرصة، وقال: ". لقد قوي مناصرو حزب الشعب الحمهوري. وقوي المعادون للحزب الديمقراطي الحاكم والواقعين تحت تأثير حزب الشعب الحمهوري في لجنة الاتحاد الوطني. كما تأسست في الخارج لجنة انقلابية أخرى تحت اسم "اتحاد القوات المسلحة" وكان رئيسها "طلعت آيدمير" واستلمت هذه اللجنة مقاليد كل شئ في البلاد حتى أن لجنة الاتحاد الوطني أصبحت لعبة في يدها. وبضغوط من اللجنة المتواجدة في الخارج نفذت أحكام الإعدام في تركيا."  

فترة "بولنت آجاويد"

وقف المرحوم "بولنت آجاويد" في وجه عسكريي 12 آذار/ مارس وانتخبه الشعب التركي في عام 1974 وعام 1978 لمرتين متتاليتين مكافأة لذلك. على الرغم من أنه في حكومة 1997 التي شكلها "مسعود يلماز" لم يتوانى عن اتخاذ مكانه في هذه الحكومة على الرغم من أنها جاءت بعد انقلاب 28 شباط/ فبراير العسكري.

فترة دنيز بايكال

في عهد زعامة دنيز بايكال لحزب الشعب الجمهوري حدث انقلاب 28 شباط/ فبراير 1997، وفي 27 نيسان/ أبريل 2007 حدثت محاولة التهديد بانقلاب. وماذا كانت ردة فعل زعيم حزب المعارضة دنيز بايكال على هذا؟

شبّه بايكال "القوات التركية المسلحة" التي حاولت إقصاء حكومة حزب الرفاه الحاصل على الأصوات الكافية في البرلمان من الحكم بأنه منظمة مدنية. وفتح الطريق أمام القانون الذي يلزم الحزب الحاكم بالحصول على عدد أصوات في البرلمان 367 صوتا، وقال إن البلاد ستساق إلى الحرب إن لم توافق المحكمة الدستورية على هذا القانون الذي كان يهدف للوقوف في طريق الحكم أمام حزب الرفاه. وأما بعد مذكرة التهديد الإلكترونية التي نشرتها القوات التركية المسلحة  في 27 نيسان/ أبريل 2007 لتؤكد فيها على ضرورة الالتزام بالعلمانية والتمسك بمبادئ آتاتورك، فقد قال الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري "أندر صاف" عندها: "هنيئا لنا وهنيئا للشعب التركي".

فترة كمال كلتشدار أوغلو

استلم رئاسة حزب الشعوب الجمهوري في 2010 ومنذ ذلك الوقت وهو يدعم إسقاط الحكومة بخلق بلبلة في أحداث حديقة غيزي في التقسيم. وعقد اتفاقا مع فتح الله غولن وكان في قلب محاولة انقلاب 17/ 25 كانون الأول. وحاول عبثا الفوز بالانتخابات المحلية في 30 آذار/ مارس 2014 وفي الانتخابات الرئيسية في 10 آب/ أغسطس من نفس العام بالتحالف مع جماعة غولن.

النتيجة: "حزب الشعب الجمهوري + الجيش = الحكومة" كانت معادلة سائدة في فترة ما في تركيا، والآن "حزب الشعب الجمهوري + فتح الله غولن = الحكم"، إلا أنّ ذلك لم يكن مجديا لأنّ شعبنا مهما قال إنّه تغير فلن يصوت إلى الكيانات الكلاسيكية العاجزة عن الخروج من إطارها. ماذا سيفعلون عند خسارة الانتخابات العامة في 7 حزيران/ يونيو. هل يتخلون عن عادتهم بخلق حكومة من البلبلة؟ يقول مثل تركي: الروح تخرج من الجسد لكن الطبع لا يتغير.  

عن الكاتب

بولانت إيرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس