برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
منذ مدة أتحدث عن ضرورة إصلاح العلاقات المتوترة بين تركيا والولايات المتحدة. السبيل إلى ذلك يمر عبر تغيير واشنطن مقاربتها المعتمدة على مصلحة طرف واحد.
هذا ممكن من خلال اعتماد الولايات المتحدة موقفًا استراتيجيًّا جديدًا يضع في الاعتبار مصالح الأمن القومي التركي. نعلم أن هذا التغير لن يكون سهلًا.
نرى أن الخلافات بين أنقرة وواشنطن تنتقل إلى مجالات أخرى، من بينها شرق المتوسط. لكن الأصل هو منع تحول التوترات إلى صدام، وزيادة مجالات التعاون الإيجابي، ومواصلة المفاوضات الدبلوماسية.
ولهذا زار مسؤولون أتراك رفيعون واشنطن بنية وقف تدهور العلاقات الثنائبة. تحدث وزير الخزانة والمالية براءت البيرق والدفاع خلوصي أكار والتجارة روهصار بيكجان ومتحدث الرئاسة إبراهيم قالن مع نظرائهم الأمريكيين عن الطروح التركية.
أهم المحادثات كانت لقاء البيرق بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. نقل البيرق رسائل الرئيس رجب طيب أردوغان حول قضايا مختلفة، بما فيها منظومة إس-400، إلى ترامب.
يظهر اللقاء الإيجابي أن دبلوماسية الزعيمين أردوغان- ترامب هي الداعم الأكبر على صعيد علاقات أنقرة- واشنطن. تريد أنقرة أن يستخدم ترامب صلاحيته في حال درس الكونغرس تطبيق قانون (Caastsa) ضد تركيا.
وتنتظر أنقرة أن يحول فيتو ترامب دون نشوب أزمة واسعة النطاق في العلاقات التركية الأمريكية، لكن يبدو أن الكونغرس والمؤسسات الأمريكية لا يكترثان للطروح التركية المحقة.
***
كنت في واشنطن للمشاركة في ندوة حول سوريا، بالتزامن مع زيارة الوفد التركي. تبين لي من اللقاءات التي أجريتها، أن التهديد بتطبيق قانون (Caastsa) أمر متشر في أوساط الإدارة الأمريكية.
لا بد لترامب من أخذ زمام المبادرة حتى لا تتحول مسألة إس-400 إلى أزمة كبيرة. من الواضح أن المسألة ستكون أكبر تحدٍ خلال الأعوام الأخيرة أمام علاقة "التحالف" بين البلدين.
لنستذكر معًا أننا وصلنا إلى حالة مشابهة عام 2013. كان العامل الرئيسي المخرب للعلاقات التركية الأمريكية آنذاك السياسات التي اتبعتها واشنطن في الحرب السورية.
الأمر الغريب أن سوريا نفسها ربما تكون هذه المرة فرصة من أجل إصلاح العلاقات. قد يكون للاتفاق بشأن المنطقة الآمنة دور في إيقاف التدهور الحاصل في الآونة الأخيرة.
بطبيعة الحال، من أجل الإقدام على خطوة من هذا القبيل يتوجب الاستماع إلى مسؤولي إدارة أوباما الذين رأوا الخطأ، وليس أولئك الذين ما يزالون مصرين عليه من أمثال ماكغورك.
موقف رئيس المجلس الأمريكي التركي جيمس جونز (مستشار الأمن القومي لأوباما) يعتبر مثالًا على ذلك. يقول جونز: "لو أن المنطقة الآمنة تشكلت في سوريا عقب تجاوز الخط الأحمر لكان ممكنًا الحيلولة دون موجة اللاجئين آنذاك. عدم تأسيس المنطقة الآمنة بعد انتهاك الخط الأحمر كان خاطئًا". أي أنه كان من الخطأ عدم إصغاء أوباما لمقترح أردوغان حول المنطقة الآمنة.
والآن، يمتلك ترامب إمكانية تطبيق هذا المقترح وهو يسحب قواته من سوريا. وبذلك يمكنه إطلاق عملية إصلاح العلاقات بين البلدين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس