ليبان أوبسيه - وكالة الأناضول - ترجمة وتحرير ترك برس
منذ الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الصومال عام 2011، عندما كان رئيسا لوزراء تركيا، ازدهرت العلاقات بين تركيا والصومال وتعززت. بدأ البلدان مباحثات منتظمة رفيعة المستوى وتبادل الوفود والتعاون في المنتديات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.
ما من شك في أن تركيا كانت الدولة الرائدة التي كانت أول من مد يد العون للصومال في محنتة اليائسة، واليوم توجد رابطة قوية من الصداقة الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين، كما تعالج القضايا الأمنية بينهما. وإذا كان هذا كله متوقعًا بفضل المشاركة الإيجابية المستمرة على أعلى المستويات في كل من الحكومتين التركية والصومالية والقطاعين الخاصين، فإن ما يدهش الكثير من المراقبين هو العلاقات القوية بين الشعبين التي تطورت أيضًا.
نظر كثير من المراقبين إلى التطور السريع للعلاقة القوية بين الصومال وتركيا على أنه إعجاب سينتهي بالسرعة التي بدأ بها، إذ سرعان ما ينشغل الجانبان في قضاياهما الداخلية. بيد أنه على الرغم من أن الدولتين تواجهان مجموعة فريدة من التحديات، فما يزال التعاون بينهما قويا تقوده العلاقات بين الشعبين. واليوم نرى رجال الأعمال وعمال الإغاثة الأتراك يتجولون بحرية في مقديشو حيث يقع المستشفى الرئيسي والموانئ والوكالات الإنسانية التي يعمل بها جميع الأتراك الذين يعيشون بين الشعب الصومالي. وعلاوة على ذلك هناك إقبال على البضائع والأطعمة ومقدمي الخدمات الأتراك في الصومال ويستجيب الكثير من التجار لهذا الأمر بشكل إيجابي من خلال الاستثمارات عبر الحدود، ومن خلال مشاريع صغيرة مشتركة في بعض الحالات.
وبينما كان تركيز الصوماليين في السابق منصبا فقط على الاستيراد من الصين ودول الشرق الأوسط، ينصب التركيز اليوم على شراء البضائع التركية لجودتها وتصميمها، وتعلن كثير من المحلات التجارية في مقديشو بوضوح أن بضائعها تركية أصلية، حتى أنهم أطلقوا على محالهم أسماء المدن التركية، وكأنهم يؤكدون أصالة منتجاتهم. وعلاوة على ذلك فإن الصوماليين في الشتات تربطهم علاقات قوية بتركيا، وبينما يعيشون في الدول المضيفة لهم يقبلون أيضًا على شراء المنتجات التركية، بما في ذلك الأثاث المنزلي والمواد الغذائية والملابس وغيرها، الأمر الذي يساهم في نجاح دخول الشركات التركية إلى كثير من الأسواق الأوروبية والاستمرار فيها. وغدت أسماء الشركات التركية مألوفة مع إقبال الصوماليين في الشتات على منتجاتها.
الصوماليون هم رواد أعمال عالميون، بينما لدى تركيا كثير من المنتجات المتطورة الرائدة مثل المنسوجات والغذاء والملابس، وهذا يخلق فرصة عمل مثالية لكلا الجانبين. وإذا كانت بيانات حجم التجارة بين البلدين غير موثّقة في الوقت الحالي، فإن زيادة المنتجات التركية في المتاجر والمنازل والمكاتب الصومالية تؤكد أن قوة تركيا الناعمة تواصل النجاح في الصومال.
وعلاوة على ذلك، انتقل كثير من الصوماليين، سواء من الشتات أو غيرهم، إلى تركيا للعيش والعمل وإنشاء شركات، ويتركز معظمهم في إسطنبول، بينما استقر كثيرون في أنقرة وغيرها من المدن الصغيرة. يقوم عدد متزايد من الصوماليين حاليا بشراء العقارات في تركيا والاستثمار في أعمال هناك. وتوجد في إسطنبول خمسة مطاعم صومالية، وهذا مؤشر على أن الصوماليين الذين يعدون من الشعوب الرحالة لا ينوون الاستثمار فحسب، بل ينوون للاستقرار والاندماج. وحتى الذين لم ينتقلوا إلى تركيا، فإنها تظل بالنسبة إليهم وجهة سياحية وصحية ورفاهية مشهورة، ما يعني المزيد من التبادل الثقافي والتجارة للشركات التركية.
ما يجذب معظم هؤلاء الوافدين الجدد إلى تركيا هو الانفتاح على الاقتصاد، وسهولة الحصول على التأشيرات من الصومال، وفرصة الاستثمار والسهولة التي يمكنهم من خلالها شراء المنازل بأسعار معقولة مع وجود خدمات تضاهي الخدمات الأوروبية مثل التعليم والصحة المتاحة بسهولة. وعلاوة على ذلك، فإن شعور الشعب الصومالي بالتقدير والامتنان لتركيا يجعل انتقالهم إليها مثمرًا وأكثر سهولة. ويدلل على ذلك أن المؤتمر الدولي الثالث للصوماليين في الشتات سيعقد قريبا في إسطنبول، وهذه هي المرة الثانية التي تضيف فيها تركيا هذا الحدث.
بدأ الصوماليون الآن في تعلم اللغة التركية التي أصبحت تدريجيا اللغة الثانية في الصومال إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية. يُنظر إلى المدارس التركية في البلاد على أنها الأفضل في جودة التعليم وفي منح فرص العمل، كما تشجع المنح الدراسية الجامعية التي تقدمها تركيا سنويا الطلاب على التركيز أكثر على اللغة التركية لزيادة فرصهم في النجاح. يوجد حاليًا أكثر من 2000 طالب صومالي يتابعون دراستهم على المستوى الجامعي في مختلف المؤسسات الأكاديمية التركية. ومع تعميق العلاقات التجارية بين الصومال وتركيا، فإن اللغة التركية ستكتسب دون شك أهمية أكبر.
مدت تركيا يد العون للصومال، عندما أدار الكثيرون في العالم ظهورهم لما كان يُعد حينئذ دولة فاشلة. واليوم ومن خلال شعبية المسلسلات التركية والأطعمة والسلع والخدمات أصبحت مكافأة تركيا على رؤيتها وصبرها واضحة. في الصومال، مثل كثير من الأماكن في جميع أنحاء إفريقيا والعالم النامي، تعمل القوة الناعمة التركية بنجاح وتنتج نتائج ملموسة لكلا الجانبين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس