سركان دميرتاش - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
إن النتائج المكونة من خمسة بنود التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي في وقت متأخر من يوم 15 يوليو/ تموز بشأن أنشطة التنقيب التركية في شرق البحر المتوسط هي نتائج مؤسفة وإشكالية لعدة أسباب.
في إطار الاستنتاجات، قرر المجلس تعليق المفاوضات حول اتفاق النقل الجوي الشامل، وعدم إجراء حوارات ثنائية رفيعة المستوى، بما في ذلك الاجتماع السنوي لمجلس الشراكة. وقد أيد أيضًا اقتراح مفوضية الاتحاد الأوروبي بتخفيض الدعم المالي المقدم لتركيا بوصفها مرشحة للانضمام إلى الاتحاد، ودعا بنك الاستثمار الأوروبي إلى مراجعة أنشطة الإقراض في تركيا، لا سيما فيما يتعلق بالإقراض المدعوم من السيادة التركية.
وعلاوة على ذلك، دعا المجلسُ الممثلَ السامي للسياسة الخارجية والأمنية والمفوضية إلى مواصلة العمل بشأن خيارات التدابير المحددة الهدف في ضوء أنشطة الحفر المستمرة التي تقوم بها تركيا في شرق البحر المتوسط.
يصف الدبلوماسيون الأتراك والأوروبيون على حد سواء هذه العقوبات بأنها رمزية؛ لأنه لن يكون لها تأثير قوي في تركيا. وأوضحوا أن اتفاقية النقل قد عُلقت بالفعل، ولا يمثل إقراض بنك الاستثمار الأوروبي في تركيا مبلغًا كبيرًا، كما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تخفيض المساعدة المقدمة قبل الوصول إلى تركيا.
على أن كاتب هذا المقال، وبوصفي صحفيا يراقب سير العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عقدين، فإنني لا أتفق مع هذا الراي، وأرى أن هذه العقوبات قد يكون لها تأثير سياسي ونفسي على العلاقات المتوترة بالفعل.
بالنسبة إلى الكثيرين في تركيا، تعد هذه الخطوة الأخيرة من جانب بروكسل مثالًا آخر على المعايير المزدوجة التي فرضها الاتحاد الأوروبي منذ مدة طويلة عندما يتعلق الأمر بتركيا والقبارصة الأتراك، وخاصة في السياق المتعلق بقبرص.
وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي، كمال كليتشدار أوغلو، خلال خطابه أمام المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري في 16 يوليو: "لدينا حقوق في شرق البحر المتوسط، سندافع عنها حتى النهاية. يقول الاتحاد الأوروبي إنه سيفرض عقوبات. نحن نرفض هذه العقوبات. إن الاتحاد الأوروبي لن يكون له أي قيمة على أراضي تركيا، إذا لم يتخل عن تطبيق المعايير المزدوجة".
تُظهر تصريحات كليتشدار أوغلو القوية بشأن الاتحاد الأوروبي تفهمًا عامًا في الرأي العام التركي. يعتقد المزيد من الأتراك أن الاتحاد الأوروبي يلعب لعبة مزدوجة على تركيا والقبارصة الأتراك، وينتابهم شعور بالظلم الشديد.
فعلى سبيل المثال، وفي عام 2004 تخلى الاتحاد الأوروبي عن القبارصة الأتراك الذين صوتوا من أجل إعادة توحيد الجزيرة المقسمة بموجب خطة عنان، وكافأ القبارصة اليونانيين الذين صوتوا لاستمرار تقسيم الجزيرة بفتح أبواب الاتحاد الأوروبي أمامهم.
إن المسؤولية الكبيرة للأزمة المستمرة في الجزيرة وشرق البحر الأبيض المتوسط ترجع إلى قادة الاتحاد الأوروبي السابقين الذين انحازوا إلى قبرص اليونانية واليونان مبالغة في "التضامن".
في ذلك الوقت، كان الاتحاد الأوروبي قد وعد بتطبيق لائحة تجارية مباشرة على القبارصة الأتراك، لكنه أخفق في ذلك بسبب حق النقض الذي تتمتع بع قبرص اليونانية. وكالعادة، ظل الاتحاد صامتا مرة أخرى بذريعة "التضامن".
وفي أواخر عام 2006، أي بعد عام واحد فقط من بدء المفاوضات الرسمية، لم تلمس دول الاتحاد الأوروبي أي عقبة لعرقلة فتح الفصول الثمانية كجزء من عملية الانضمام التركية، سوى أن أنقرة رفضت أن تطبق على قبرص البروتوكول الإضافي المتعلق بالاتحاد الجمركي. وبدلًا من إعطاء مساحة للدبلوماسية والجهود المبذولة لحل المشكلة من خلال الحوار، كان لهذا التحرك المتسرع وغير الحكيم للاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت تأثير كبير في المراحل التالية من عملية الانضمام.
لا تختلف العقوبات التي فرضها الاتحاد على تركيا بسبب أنشطة التنقيب عن تلك التجارب في عامي 2004 و2006، ولكنها أكثر خطورة.
ومن المفارقات أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أنه يتمتع بسلطة قضائية في تحديد الأنشطة القانونية وغير القانونية في شرق البحر المتوسط، ويقبل المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أعلنتها قبرص اليونانية بوصفة قانونية، ويرفض في الوقت نفسه الاعتراف بالجرف القاري لتركيا. ومثلما أوضحت في مقال سابق، فإن جهود الاتحاد الأوروبي في جعل التضامن يتجاهل القانون الدولي غير واقعية واستفزازية.
يعرف مسؤولو الاتحاد الأوروبي جيدًا أن تركيا لن تسحب سفنها من المنطقة، لأن بروكسل تفرض العقوبات. بل على العكس من ذلك، قررت تركيا إرسال سفينة أخرى إلى المنطقة بعد العقوبات.
ليس هذا فحسب، فبعد عقوبات الاتحاد الأوروبي، رفضت قبرص اليونانية اقتراحًا قدمه القبارصة الأتراك أخيرا بتشكيل لجنة للأنشطة المتعلقة بالهيدروكربونات قبالة الجزيرة. لقد تجاهل بيان الاتحاد الأوروبي للتو اقتراح القبارصة الأتراك بشأن خطوط "التضامن" مع القبارصة اليونانيين.
إن فرض عقوبات على تركيا بشأن قضية لا يتمتع الاتحاد الأوروبي بأي ولاية قضائية عليها يعد خطأً آخر من جانب الاتحاد الأوروبي، أو ربما ليس خطأً ولكنه قرار، كما قال باولو كويلو بحق: "الخطأ الذي يتكرر أكثر من مرة ليس بخطأ بل قرار".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس