غوفان ساك - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
يعيش في تركيا حاليًا قرابة 3.6 مليون لاجئ سوري نصفهم تقريبًا من الأطفال. هبط هذا الرقم في العام الماضي، لكننا لم نشعر بهذا الانخفاض بالفعل في مدن تركيا الكبرى. في الأشهر القليلة الماضية، يبدو الأمر كما لو أن أعداد السوريين قد ازدادت، ويظهر هذا في استطلاعات الرأي العام، إذ يدرج الأتراكُ اللاجئين السوريين من بين أكبر خمس قضايا في البلاد. لماذا؟ أرى أن هناك ثلاثة أسباب.
السبب الرئيسي، بالطبع، هو الركود الاقتصادي الذي أصاب تركيا. فعندما يصل الاقتصاد إلى المرتبة الأولى في قائمة القضايا الخمسة الأولى محل الاهتمام، يزداد التركيز على السوريين. يؤثر الركود الحاد في تركيا في سوق العمل، وينظر الملايين من الباحثين عن عمل إلى العالم بعين القلق.
ويظهر ذلك إذا راجعنا على سبيل المثال، عدد طلبات الحصول على إعانات البطالة. زاد الرقم 57.6 بالمئة في المدة من كانون الثاني/ يناير إلى أيار/ مايو 2019 مقارنةً بالمدة نفسها من عام 2018. وإذا قارنا المدة من مايو 2018 إلى مايو 2019، فإن معدل الزيادة يبلغ نحو 52 بالمئة، في حين أنها في المدة نفسها بين عامي 2017-2018 كانت 1.6 في المئة.
ومثلما هو الحال في كثيرمن بلدان العالم، يسمع العاطلون عن العمل في تركيا قصة قديمة تنتقل عبر المقاهي والحانات وشبكات التواصل الاجتماعي، بأن المهاجرين يأخذون وظائفك. ومن ثم تكون النظرة السيئة للسوريين.
السبب الثاني يتعلق بموقف السلطات المحلية تجاه السوريين. إذا كانت السلطات المحلية مكرهة على التفاعل مع السوريين طالما يقيمون في الولايات التابعة لتلك السلطات. إن تجاهل السوريين يجعل الأنظار مصوبة نحوهم.
إذا لم تقدم السلطات المحلية أي خدمات اجتماعية للسوريين في العثور على سكن أو إقامة مشروع تجاري أو تقديم المساعدة الاجتماعية، فإن السوريين يفعلون ما يفعله الناس في كل مكان، وهو أن يقيموا بمفردهم. وهكذا تشكلت الغيتوات السورية في مدن تركيا الكبرى.
توضح لنا دراسة حديثة أجرتها مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركية "TEPAV" مدى خطورة هذه المشكلة في إسطنبول وأنقرة. ما وجدته مثيرًا للاهتمام في هذه الدراسة هو أنه عندما تهتم السلطات المحلية بالمهاجرين السوريين، فإن لغة الكراهية ضد السوريين تنخفض في تلك المنطقة. في حي سلطان بيلي بإسطنبول، وعلى النقيض من حي سلطان غازي والفاتح، عبّر 65 في المئة من المشاركين في الاستطلاع عن سعادتهم بأنهم يعيشون مع السوريين ويتحدثون عن المهاجرين السوريين بعبارات أكثر عاطفية. كيف حدث هذا؟ منعت بلدية سلطان بيلي ظهور غيتو في داخل الحي من خلال توزيع السوريين البالغ عددهم 30.000 سوري على 15 منطقة مختلفة.
ثالثًا، اسمحوا لي أن أركز على مفاجأة سارة تتعلق بالسوريين الذين لا يوضعون تحت المجهر في تركيا. يوجد حاليًا نحو 10.000 شركة شريكة سورية في تركيا، أي الشركات التركية التي يملكها ويديرها السوريون. ونظرًا لأنه يحتم أن تنتمي جميع الشركات التركية إلى اتحاد الغرف والتبادل السلعي في تركيا (TOBB)، فإن الشركات السورية هي أيضًا أعضاء في الاتحاد. يشبه هذا النظام نظيريه الفرنسي والألماني، حيث تُنظم الغرف المحلية حول لجان مهنية تمثل مختلف المهن، ويُشكِّل رؤساء هذه اللجان المنتخبون الجمعية العامة للغرفة المحلية، وينتخبون من بين أعضائها مجلس الإدارة والمندوبين إلى الجمعية العامة لاتحاد الغرف.
في الأسبوع الماضي، فوجئت خلال وجودي في ولاية مرسين بأن رئيس إحدى اللجان المهنية المنتخبة سوري يمتلك شركة سورية شريكة في صناعة البلاستيك. ومثلما يمكن للأتراك أن ينشطوا في شبكة الغرف الألمانية، يمكن للسوريين المشاركة في شبكة الغرف التركية. ولعل هذا مثال على كيف يمكن للأسواق المفتوحة أن تيسر طريقة الاندماج. ومن المؤكد أن هذا النوع من الرؤية الإيجابية مفيدة للسوريين.
وعلى الرغم من كل الصعاب، لا يزال السوريون يندمجون في المجتمع التركي. وتؤكد دراسة TEPAV أن نحو 80 في المئة من السوريين سعداء لوجودهم في تركيا ويعتقدون أن لديهم أعمال ناجحة هنا. ومع ذلك، يعتمد نجاح التجربة على عدم وضع السوريين تحت بؤرة التركيز. لذلك، يتعين على السلطات المحلية التدخل وتطوير سياسات صديقة للمهاجرين ومنع المشكلة من الخروج عن نطاق السيطرة في المستقبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس