ترك برس
يعول كثير من المحللين الغربيين على تغيير السياسة الخارجية التركية وعودتها إلى الحضن الغربي بعد أن يعتزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العمل السياسي. ولكن مركز أبحاث إسرائيلي استبعد حدوث ذلك التغير، داعيا إلى تعزيز الروابط السياسية والدفاعية القوية بين تل أبيب ونيقوسيا وأثينا من أجل مواجهة أنقرة.
وقال تقرير نشره مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية إن التحركات التركية في البحر المتوسط شهدت مسارات متعرجة في الآونة الأخيرة.
وأوضح أن أنقرة تبدو من ناحية على استعداد للتضحية بمصداقيتها كعضو في حلف الناتو من أجل الحصول على صواريخ S-400 الروسية ودعم روسيا ففي بناء محطات الطاقة النووية. لكنها من ناحية أخرى، نأت بنفسها عن سياسة موسكو تجاه سوريا وتؤيد الجماعات السنية السورية، كما تؤيد الإسلاميين في ليبيا أيضًا.
يضاف إلى ذلك، بحسب المركز، موقف تركيا المعادي لإسرائيل والذي يعكس معاداة السامية العصرية بين مسؤولي الجيل القادم من حزب العدالة والتنمية، وموقفها من اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط، وهو عامل أساسي لزعزعة الاستقرار في ميزان القوى الإقليمي، على حد زعمه.
وأشار إلى أن فهم تحركات تركيا على الساحة الجيوستراتيجية للقرن الحادي والعشرين، يستوجب التساؤل عما إذا كانت سياسة أردوغان الخارجية هي النتيجة المباشرة لهزيمة الكمالية في تركيا، أو نتاج التغييرات المنهجية التي حدثت في عالم ما بعد الحرب البارد.
وعلى ذلك يطرح التقرير سؤال: ما الذي شكل السياسة الخارجية التركية في حقبة ما قبل أردوغان؟
وللإجابة عن هذا السؤال يستعرض التقرير بعض الأحداث التي سبقت صعود أردوغان للسلطة.ويلفت إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن تدهورت بشدة لأول مرة في 1996-1997 ، عندما رفضت تركيا السماح للأمريكيين باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية كنقطة لضرب أهداف في العراق. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها واشنطن حقيقة أن علاقة أنقرة بها ليست بدون شروط.
وقبل ذلك حدث الغزو التركي لقبرص في عام 1974 لمواجهة الانقلاب العسكري هناك. وبدأت العلاقات التركية الإسرائيلية التي كانت قوية تتدهور ببطء خلال منتصف التسعينيات بسبب قرار أنقرة بالانتصار للفلسطينيين.
وعلاوة على ذلك، وبعد نهاية الحرب الباردة، عادت أنقرة وموسكو إلى التعاون المتناغم الذي كانا يتمتعان به في فترة منتصف الحرب، فأسسا منطقة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، وأصبحت روسيا أكبر شريك لتصدير البضائع التركية. ولم تعارض موسكو محاولات أنقرة لاستخدام قوتها الناعمة في توثيق علاقاتها مع جمهوريات القوقاز السوفيتية السابقة.
وفي ضوء هذه الأحداث، يستنتج التقرير أن أردوغان ليس هو من أبعد تركيا عن الغرب بل التغييرات النظامية التي حدثت في الساحة الدولية مع ظهور نظام جديد متعدد الأقطاب بعد نهاية الحرب الباردة، أي التغييرات التي سبقت صعوده إلى السلطة.
ويقول التقرير إن تركيا تعد نفسها قوة عظمى في طور التكوين، وليس مجرد جزء من العالم الغربي. وقد دفع هذا الشعور بالعظمة أنقرة إلى التخلي عن عملية التكامل الأوروبي، وتقويض العلاقات مع واشنطن بشكل خطير، واعتبار روسيا والصين متساوين من حيث القوة الدولية.
ويختتم التقرير بأن على إسرائيل وقبرص وأثينا استكمال العلاقات السياسية والدفاعية القوية بالتعاون الأكاديمي والتآزر التكنولوجي، معتبرا أن ذلك سيكون أضف المكونات الاستراتيجية إلى جانب المشاركة الأمريكية المثمرة المستمرة في المنطقة من أجل مواجهة تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!