ترك برس
قال الباحث والمحلل السياسي الروسي أندريه كوريبكو، إن السلاسة التي تم بها الانسحاب الأمريكي المفاجئ من سوريا تشير إلى أن هناك تنسيقًا غير مباشر مع روسيا في إطار انفراجة جديدة للأزمة السورية يكون دور موسكو فيها إقناع النظام السوري بأن يطلب من إيران إنسحابًا كريمًا وتدريجيًا لحفظ ماء الوجه.
وجاء في تحليل كتبه كوريبكو على مدونته إن حالة النشوة التي عمت الإعلام الموالي للنظام بسيطرة قواته على أجزاء من الشمال الشرقي الذي كانت تحتله الولايات المتحدة سابقًا في أعقاب الانسحاب الأمريكي "المفاجئ" في وقت سابق من هذا الأسبوع، هو احتفال قبل الأوان بما يعتقدون أنه انتصار للأسد على خصومه دون أي تنازلات على الإطلاق.
وأضاف أن الحقيقة غير المريحة هي أن السلاسة التي حدث بها انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وقرار البنتاغون بعدم تطبيق ما يسمى بحظر القصف على طول نهر الفرات بعد عبور قوات النظام، مثلما فعل في حالات سابقة، تشير بقوة إلى أن هذه كانت قرارات متعمدة بالتنسيق غير المباشر مع روسيا مقدمًا كجزء من "الوفاق الجديد".
ولفت كوريبكو إلى أن روسيا - على عكس معظم دول العالم باستثناء باكستان - تدعم بالفعل أعمال أنقرة لمكافحة الإرهاب في إطار عملية نبع السلام. وقد طمأن وزير الخارجية الروسي لافروف الأتراك الشريك الاستراتيجي لبلاده في بداية شهر أيلول/ سبتمبر بأن خططهم لإنشاء منطقة آمنة مشتركة مع الولايات المتحدة كانت "قانونية تمامًا" طالما أنهم يحترمون السلامة الإقليمية لسوريا.
وفي ضوء التصريحات الروسية الحالية والرسمية الداعمة لعملية نبع السلام، يجب ألا يكون هناك أي شك في موقفها من هذه الحملة، وهو ما يعني أن التفسير الذي طرح بشكل مكثف بأن وساطة روسيا بين النظام السوري وتنظيم "ي ب ك" قد ألحقت أضرارا بتركيا كان تفسيرا خاطئا.
وأوضح أن تركيا كانت تفضل أن يسيطر حليفها الجيش الوطني السوري على المنطقة الآمنة وليس الجيش السوري، لكن أنقرة تعتبر جيش النظام أقل الضررين مقارنة بميليشيا "ي ب ك".
وعلاوة على ذلك فإن استعادة النظام السيطرة على الحدود الشمالية مع تركيا والتحالف الجديد للجيش السوري مع تنظيم "ي ب ك" يجعل النظام السوري مسؤول قانونًا عن أعمال تلك المجموعة المسلحة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهذا يعني أن اتفاقية أضنة التي تستند إليها أنقرة في التدخلات العسكرية التقليدية الثلاثة ستكون قانونية بلا منازع في أي أعمال متابعة، وبالتالي تتفق مع مصالحها الدولية وكذلك مع روسيا.
ورأى كوريبكو أن الرئيس الأمريكي ترامب نصب فخا لتركيا حين تخلف عن قصد عن الوفاء ببنود الاتفاق مع تركيا بإبعاد تنظيم "ي ب ك" عن الحدود التركية، من أجل إثارة رد فعل أردوغان المنتظر في هذا السيناريو، ولكن النتيجة ليست سيئة لأنقرة، بعد أن توسطت موسكو بين النظام و"ي ب ك"، وهو ما حال دون سقوط تركيا في مستنقع استمرار العملية.
وبالعودة إلى التسوية بين موسكو وواشنطن، وفي مقابل الانسحاب الأمريكي المخطط له والذي تم تنفيذه بسرعة استجابة لحجة "مفاجئة" مصطنعة بأن تركيا استفزت أمريكا، فإن موسكو ستسعى على الأرجح إلى إقناع دمشق إن تطلب من إيران الانسحاب المرحلي على أساس يحفظ ماء وجهها بأن مساعدتها في مكافحة الإرهاب لم تعد مطلوبة.
والسبب وراء هذا التوقع، كما يقول كوريبكو، هو أن روسيا لم تخف قط أنها تريد أن تنسحب إيرانمن سوريا بعد انتهاء المرحلة الحركية للنزاع. وقد أشار بوتين إلى ذلك خلال حديثه الأخير مع مسائل الإعلام العربية قبل رحلته إلى الخليج، حين تحدث عن استعداد روسيا للانسحاب إذا طلب النظام ذلك.
وختم كوريبكو تحليله بالقول: "إذا طلب بوتين سرًا من السعودية والإمارات الموافقة على إعادة سوريا إلى الجامعة العربية ومن ثم المساهمة في إعادة الإعمار بعد ذلك بوقت قصير، فقد يكون لدى دمشق الحافز المالي لفعل ما طلب منها في النهاية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!