محمد برويز بيلجرامي - The New Turkey - ترجمة وتحرير ترك برس
تسعى دول مجلس التعاون الخليجي جميعًا إلى التحالف مع الدول ذات المصالح الإقليمية المشتركة. وفي حين أن دول المجلس تربطها علاقات عميقة الجذور بالولايات المتحدة، فإنها لا ترغب في الوقت نفسه برهن مصالحها كلها بواشنطن. ومن ناحية أخرى، قامت دول مثل قطر وعمان والكويت برسم مسارات مناهضة للسياسات الأمريكية في منطقة الخليج.
عندما غزا العراق الكويت في عام 1990 اعتمد أعضاء مجلس التعاون الخليجي على الولايات المتحدة. كانت هذه أول أزمة أمنية كبيرة واجهتها الكتلة لأنها لم تكن قادرة على منع غزو الكويت. ومنذ أن طردت القوات التي تقودها الولايات المتحدة جيش صدام حسين من الكويت في عام 1991، وقّع أعضاء مجلس التعاون الخليجي بشكل فردي اتفاقيات دفاعية كبيرة مع واشنطن.
جاء التحدي الثاني لأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2011 مع بداية حركات الربيع العربي. تمكنت جميع الدول الأعضاء من تفادي الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، باستثناء البحرين، حيث سحقت السلطات الاحتجاجات التي يقودها الشيعة للمطالبة بملكية دستورية ورئيس وزراء منتخب. وعلى عكس دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، أبدت الكويت تصميمها على أن تكون لاعبًا مستقلًا داخل دول مجلس التعاون الخليجي برفضها إرسال قوات إلى البحرين لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
جاءت اللحظة الحاسمة لتجمع دول مجلس التعاون الخليجي في 5 حزيران/ يونيو 2017 عندما قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب مصر غير العضو في مجلس التعاون الخليجي، العلاقات الدبلوماسية مع قطر. ظلت الكويت وعمان على الحياد في الأزمة التي عرفت باسم الأزمة الدبلوماسية القطرية أو حصار قطر.
في محاولة لحل الخلاف داخل المنزل الخليجي الواحد، بدأ أمير الكويت الشيخ، جابر الصباح، جولة دبلوماسية مكوكية بين العواصم القطرية والسعودية والإماراتية بعد فترة وجيزة من اندلاع الأزمة. غذت أزمة قطر التوترات بين دول مجلس التعاون الخليجي والأطراف الخارجية، تركيا وإيران في المقام الأول، إضافة إلى بيئة أمنية متقلبة بالفعل في الخليج. لكن على الرغم من كل الجهود المبذولة، فإن الوساطة الكويتية لم تؤت ثمارها. كان أول ما يهم الكويت هو منع تصاعد التوترات الإقليمية التي يمكن أن تؤدي إلى القيام بعمل عسكري ضد قطر، أو تغيير النظام القسري في الدوحة. وفي الوقت نفسه، فإن دور تركيا في التخفيف من حدة الأزمة من خلال دعمها في الوقت المناسب لقطر قد أثار الأمل في الكويت. وتعبيرا عن التضامن، أرسلت تركيا سفن شحن ومئات الطائرات المحملة بالطعام وتعزيزات عسكرية جديدة لكسر الحصار المفروض على قطر.
استمر عدم الارتياح الكويتي داخل دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من الضغط السعودي والإماراتي، لم تشارك في الحرب اليمنية بين الأشقاء التي فرضتها صناعة الأسلحة الغربية. كما عارضت الكويت باستمرار إساءة المملكة العربية السعودية استخدام دورها كشقيق أكبر في مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت نفسه بقيت علاقاتها مع إيران خصم السعودية دافئة نسبيًا.
من القضايا المهمة التي تهم الكويت في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية الفشل في التوصل إلى تفاهم بشأن المنطقة المحايدة، التي تبلغ مساحتها 2230 ميلًا مربعًا بين البلدين. تم ترك هذه المنطقة دون تحديد عند رسم الحدود بين البلدين خلال معاهدة العقير في عام 1922. عارضت الكويت ضم شركة شيفرون العملاقة للطاقة الأمريكية إلى العملية، وتوقف الإنتاج السعودي من جانب واحد. وتقول الكويت إنها نتيجة لذلك حرمت من 18 مليار دولار من العائدات وسعت للحصول على تعويض. تعارض الكويت استخراج المملكة العربية السعودية من النفط الخام في المنطقة ما لم تعترف المملكة بالمنطقة كمحافظة كويتية. يعتقد الخبراء أن الطاقة النفطية للمنطقة المحايدة يمكن أن تضيف ما يصل إلى 500.000 برميل من النفط. يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استئناف الإنتاج في حقول النفط المشتركة في أسرع وقت ممكن.
في ضوء هذه الخلفية، كانت الكويت تقترب من أطراف مثل تركيا يمكنها المساعدة في توفير شكل ما من الحماية وحماية مصالحها داخل دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها. في السنوات الأخيرة، عقدت اجتماعات متكررة رفيعة المستوى بين قادة البلدين. في اجتماع عام 2017 بين أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد والرئيس التركي أردوغان. أكد أردوغان على الأهمية الاستراتيجية طويلة الأجل للشراكة الاقتصادية بين البلدين، قائلا إن الكويت هي بوابة تركيا إلى الخليج، وأن تركيا هي طريق الكويت لأوروبا وآسيا الوسطى.
تتجلى العلاقة الوثيقة بين البلدين أيضًا في حقيقة أن تعاونهما يمتد إلى المجال الإنساني. على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، استضافت الكويت ثلاثة مؤتمرات دولية لجمع التبرعات الإنسانية لدعم ثلاثة ملايين لاجئ سوري استضافتهم تركيا. كما مولت الكويت بناء قرية صباح الأحمد في جنوب تركيا، والتي تضم الآن أكثر من 15.000 لاجئ.
تضيف تركيا أيضًا بُعدًا عسكريًا لعلاقاتها مع الكويت. وقعت الدولتان أخيرا اتفاقية تعاون عسكري. ووفقًا للاتفاقية التي وقّعها نائبا رئيس هيئة الأركان خلال اجتماع لجنة التعاون العسكري بين تركيا والكويت، يخطط البلدان لتبادل خبراتهما العسكرية وتنسيق أنشطتهما اعتبارًا من عام 2019 فصاعدًا.
وعلاوة على ذلك، تعززت التجارة الثنائية بين البلدين في السنوات الأخيرة، وقد حصلت شركات البناء التركية في الكويت على 30 مشروعًا بقيمة 6.5 مليار دولار، بما في ذلك مطار الكويت الدولي. تعمل أنقرة الآن بجد للحصول على حصة أكبر من العقود في خطة الكويت للتنمية 2035. يهدف مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي إلى زيادة التجارة مع الكويت إلى 3 مليارات دولار سنويًا في عام 2020.
هذه الحقائق تشير إلى زيادة مستقبلية كبيرة في التجارة بين تركيا والكويت، وتعميق العلاقات الاقتصادية. يوجد بالفعل أكثر من 250 شركة كويتية نشطة في تركيا، في حين أن 180.000 كويتي يزورون تركيا للسياحة كل عام بدون تأشيرة، وأكثر من 6000 كويتي يمتلكون عقارات في تركيا. ونظرا لأن تركيا دخلت في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، فإن هذا يجعلها قاعدة مثالية للشركات الكويتية التي تسعى للوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، توفر الكويت قاعدة مثالية للمستثمرين الأتراك في منطقة الخليج. من الواضح أن العلاقات التركية والكويتية متعددة الأبعاد ستنمو بسرعة في السنوات المقبلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس