ترك برس
نشر موقع الجزيرة الإنجليزية مقالا تحليليلا لديميتار بيشيف، الزميل في المجلس الأطلسي عن طموحات تركيا في مجال الطاقة، رأى فيه أن مشروع خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي العابر للأناضول (TANAP) سيمنح تركيا اليد العليا في مفاوضات الطاقة مع روسيا، وسيجعل منها محورا عالميا للطاقة.
وجاء في المقال أن روسيا لم تعد اللاعب الوحيد في مجال الغاز بمنطقة البلقان، حيث تتخذ بلدان تلك المنطقة، حتى تلك التي تسعى إلى خطب ود الكرملين، خطوات نحو الاستفادة من الإمدادات البديلة. وقد أصبح ممر الغاز الجنوبي، الذي تم اقتراحه لأول مرة في التسعينيات كمصدر بديل للطاقة من منطقة بحر قزوين والشرق الأوسط، حقيقة واقعة.
وأضاف أن افتتاح ممر الطاقة الممتد بين شبكتي الغاز التركية واليونانية، والذي يمثل الانتهاء من خط أنابيب عبر الأناضول (TANAP) ليس إنجازا كبيرا، لأنه سيمد أوروبا بنحو 10 مليارات متر مكعب سنويًا، تمثل نقطة في بحر الكميات التي يتلقاها الاتحاد الأوروبي من روسيا.
لكنه استدرك أنه بالنسبة لدول مثل اليونان وبلغاريا، وكلاهما تستورد نحو ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز الروسي سنويًا، فإن هذا مصدر بديل مهم. لدى البلدين عقود بقيمة مليار متر مكعب مع ائتلاف مكون من شركة النفط الحكومية الأذرية (سوكار) وشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية، وشركة TPAO التركية، وشركة STATOIL النرويجية وغيرها.
وهذا يمنح البلدين القدرة على المساومة مع شركة الطاقة العملاقة الروسية المملوكة للدولة "غازبروم". بالإضافة إلى ذلك، سوف يتصل تاناب بخط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي (TAP)، والذي يمتد بين الحدود التركية اليونانية وإيطاليا، ويقوم بتوريد الغاز إلى ألبانيا وربما إلى بلدان أخرى في غرب البلقان.
يمثل مشروع تاناب، كما يقول بيشيف، إنجازًا استراتيجيًا لتركيا التي سعت جاهدة منذ مدة طويلة لأن تتحول من أكبر مستهلك للغاز إلى بلد عبور، مستفيدة من موقعها بين منتجي النفط والغاز والمستوردين الرئيسيين في أوروبا. ولذلك فإن صول الغاز الآذري إلى البلقان، يحول تلك الرؤية إلى حقيقة.
ورأى أن المكاسب التي يحققها مشروع تاناب لا تقتصر على تركيا ودول البلقان فحسب، فأذربيجان التي ورثت البنية التحتية للنفط والغاز الذي كان مرتبطا مع روسيا تحاول تنويع وجهات التصدير.
وأوضح أنه مع افتتاح خط أنابيب باكو-تبيليسي-جيهان (BTC) في عام 2006، والذي يمتد إلى ميناء جيهان التركي الاستراتيجي، تمكنت أذربيجان من تصدير نفطها إلى الأسواق الدولية، وفي العام نفسه افتتح خط أنابيب الغاز باكو - تبيليسي - أرضروم (BTE) لتزويد جورجيا وتركيا بالغاز الأذربيجاني.
والآن مع مشروع تاناب، يمكن لأذربيجان أيضا بيع الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي والاستيلاء على بعض حصة شركة غازبروم في السوق.
ويقول الكاتب إن طموح أنقرة طويل الأمد يتمثل في توسيع نطاق تاناب من 16 إلى 31 مليار متر مكعب، مع وصول الغاز من جهات أخرى مثل تركمانستان وشمال العراق وإيران. وإذا لعبت تركيا أوراقها بكل صحيح، فإنها ستركز أقدامها كمركز تجاري وقوة عالمية في مجال الطاقة.
ويلفت بيشيف إلى عامل آخر في طموحات الطاقة التركية وهو الاعتماد على روسيا، حيث سيكون لدى أردوغان حرية أكبر في التفاوض مع روسيا بشأن أسعار الغاز الروسي.
وبيّن أن حصة الـ6 مليارات متر مكعب التي ستحصل عليها تركيا من مشروع تاناب تمثل ربع الواردات التركية من روسيا. كما سمح انخفاض الأسعار لتركيا بزيادة مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة والجزائر ونيجيريا وقطر. وبعبارة أخرى، فإن الأتراك اليوم لهم اليد العليا في المفاوضات مع الروس حول الأسعار.
ويشير إلى أن سعي تركيا لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة يجعلها شريكًا مرحبًا به لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقد أصبحت تركيا ثاني أكبر عميل للغاز الأمريكي في أوروبا وآسيا الوسطى بعد إسبانيا.
وأضاف أن مشروعات الطاقة عبر الحدود في جنوب شرق أوروبا إلى جانب أنها تتوافق مع المصالح الأمريكية التركية، فإنها تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من العلاقات المتوترة في كثير من الأحيان مع أردوغان، فإن الاتحاد مؤيد قوي لممر الغاز الجنوبي الذي يتماشى مع جهوده لخفض الواردات من روسيا.
وختم بيشيف مقاله بأنه مع ازدياد التنافس على شحنات الغاز من وإلى جنوب شرق أوروبا، ومع افتتاح تاناب أصبحت تركيا لاعبًا رئيسيًا. وسوف تستمر في اتباع سياسة متوازنة في مجال الطاقة بين الغرب وروسيا من أجل الحصول على أفضل صفقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!