ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن طبيعة الدعم الذين ستقدمه تركيا للحكومة الليبية في إطار مذكرة التفاهم الأمني والعسكري، في ظل محاولات ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لمهاجمة العاصمة طرابلس بدعم من بعض الدول.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع الجانبان التركي والليبي، مذكرتي تفاهم، تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
وتواردت أنباء عن أن تركيا ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس، حال طلبت حكومة الوفاق إرسال قوات تركية إلى الغرب الليبي بحلول العشرين من شباط/ فبراير المقبل، وحال تأكدت هذه الأنباء فإنها ستطرح تساؤلات حول جدية هذه الخطوة ومدى قانونيتها وعلاقتها بالاتفاقية الموقعة مؤخرا بين الدولتين.
عضو مجلس الدولة الليبي والضابط السابق بالجيش، إبراهيم صهد، أكّد أن "الدعم الدولي والإقليمي لـ"حفتر" ووجود قوات ومرتزقة تسانده بالفعل يملي على حكومة الوفاق أن تتخذ ما يلزم للدفاع عن البلاد وعن سيادتها بما في ذلك عقد تحالفات مع الأطراف التي يمكنها المعاونة في صد تحالف قوى الشر".
وأوضح في تصريحات لصحيفة "عربي21"، أن "مذكرة التفاهم الأخيرة تنص على تعاون في المجال الأمني، والجيش الليبي (التابع للحكومة) والقوات المساندة له باتت تحتاج إلى إسناد عاجل في مجالات الجو والدفاع الجوي والأسلحة المتطورة، لذا لابد من الاستعانة بخبراء في هذه المجالات"، وفق تقديراته.
وتابع: "هناك قاعدة "الخادم" في الشرق الليبي التي تسيطر عليها دولة الإمارات وتديرها عصابات أمنية لصالح حفتر، وتحول قاعدة "محمد نجيب" في الصحراء الغربية إلى قاعدة إمداد، ورغم ذلك هناك تجاهل دولي لهذه التدخلات، وحين يلوح بتواجد عسكري داعم للحكومة نجد اهتماما دوليا، وهذا هو الكيل بمكيالين".
لكن الناشط من الشرق الليبي، عيسى رشوان أشار إلى أن "إنشاء قاعدة عسكرية موجود فعلا في بنود ومواد الاتفاقية الأخيرة". وفق "عربي21".
وحول إمكانية إنشاء القاعدة، قال: "استبعد ذلك حاليا، لأن ذلك سيكون نهاية هذه الحكومة عربيا ومتوسطيا وخصوصا من دول الجوار للغرب الليبي، خاصة أن الاتفاقية الأخيرة لا يوجد سند قانوني لها لا محليا ولا دوليا كون المجلس الرئاسي لم ينل ثقة البرلمان وأن مدته القانونية انتهت لذا هو الآن مغتصب للسلطة التنفيذية"، حسب رأيه.
بدوره قال الأكاديمي الليبي، مفتاح شيتوان إن "إنشاء قاعدة تركية في ليبيا غير موجود في نصوص الاتفاقية، ولا أعتقد أن حكومة الوفاق ستطلب إنشاء قاعدة داخل الحدود، لأنه من الناحية العسكرية قوات الحكومة أقوى بكثير من مليشيات حفتر والمرتزقة الذين معه".
وأضاف: "أعتقد أنه سيكون مجرد تنسيق بشأن اعتراض أو وقف الطائرات المسيّرة، وقد يتم ذلك باستعمال سفينة أو موقع صغير مؤقت مثلا، كون هذه الطائرات تتسبّب في زعزعة أمن المواطنين وترويع المدنيين وتهجير العائلات وهدم البنية التحتية".
وقال رئيس منظمة الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقرها واشنطن، عماد الدين المنتصر إنه "مع استمرار المفاوضات الاقتصادية والسياسية بين حكومة الوفاق وبين حفتر حتى هذه الساعة يتأكد أن الموقف الدولي وموقف "الوفاق" لم يتغير على الرغم من توقيع مذكرة التفاهم مع "تركيا"، وفق معلوماته.
وتابع: "كل هذه الأطراف تتفق على وقف إطلاق النار وعودة "السراج وحفتر" إلى الحوار، لذا أي تواجد أمني أو عسكري تركي في طرابلس سيكون هدفه فقط حماية حكومة الوفاق وضمان عدم احتكار حفتر للسلطة بقوة السلاح، الهدف كبح جماح حفتر وكبح جماحه هنا لايعني استبعاده".
من جانبه، رأى الكاتب والمدون الليبي، فرج فركاش أنه "لاعتبارات إقليمية ودولية ربما سيكون هناك تعاون عسكري وأمني وثيق بين الحكومتين (أنقرة وطرابلس) ولكن من المستبعد وجود قاعدة عسكرية تركية، كون الذاكرة الجمعية للشعب الليبي أيّا كان انتمائها السياسي ترفض وجود قواعد أجنبية على أرض ليبيا لارتباطها الوثيق بفترة الاستعمار".
واستدرك قائلا: "لكن سنرى تعاونا عسكريا بما يسمح خلق توازن ولرد العدوان على طرابلس، ومنعها من السقوط في أيدي القوى المهاجمة، وهذا التوازن سيكون بمباركة من القوى العظمى خاصة روسيا وبغض طرف من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه إقناع الأطراف أنه لا حسم ولا حل عسكريا وأن السبيل الوحيد هو طاولة المفاوضات واستئناف العملية السياسية"، كما توقع.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!