ترك برس
أشار تقرير في صحيفة "عربي21" الإلكترونية إلى أنه رغم كل الانتقادات التي وجهت لمذكرة التفاهم التركية الروسية الأخيرة حول "إدلب"، قوبل البند المتعلق منها بوقف إطلاق النار بترحيب في الأوساط السورية.
وبحسب الصحيفة، باتت مذكرة التفاهم الجديدة حول إدلب، تعد ملحقا إضافيا لاتفاق سوتشي، شملت إنشاء ممر آمن عرضه 6 كلم شمالي الطريق الدولي "أم 4"، و6 كلم جنوبي الطريق ووقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس في منطقة خفض التصعيد وتسيير دوريات تركية وروسية مشتركة اعتبارا من 15 آذار/مارس، على امتداد الطريق "أم 4" بين منطقتي ترنبة غرب سراقب وعين الحور.
ونقلت عن المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، قوله إن أهم إيجابيات المذكرة التركية الروسية الأخيرة، "وقف آلة الحرب، والحد من نزيف الدماء السورية والتركية أيضا"، وذلك في إشارة منه إلى مقتل عشرات الجنود الأتراك في إدلب.
وأضاف كاتب أوغلو أن "آلة قتل النظام تسببت بتدمير إدلب وتهجير مئات الآلاف من السكان نحو مناطق حدودية مع تركيا"، مشيرا في هذا الصدد إلى "تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن السكان في إدلب لا علاقة لهم بالإرهاب".
وبحسب كاتب أوغلو، فإن من بين الإيجابيات الأخرى للمذكرة، منع تنفيذ مخطط النظام الذي يخص التغيير الديموغرافي، وإفراغ إدلب من سكانها، وقال إن "الاتفاق نص على السماح لعودة المهجرين والنازحين إلى منازلهم، مع تقديم التسهيلات والدعم لهم للعودة".
ومتفقا مع كاتب أوغلو، قال الكاتب الصحفي والناشط السياسي، عمار جلو، إن إحدى أهم إيجابيات المذكرة التفاهمية الأخيرة، هي وقف إطلاق النار، ما يعني الحفاظ على دماء السوريين.
وإلى جانب الحفاظ على حياة الأهالي، أشار إلى احتمالية أن يؤسس التفاهم لعودة سريعة للنازحين، وخصوصا أن الهجمات الأخيرة خلفت مئات الآلاف منهم.
وأضاف جلو أن "الحملة الأخيرة نجم عنها موجات نزوح تعد الأكبر منذ اندلاع الثورة السورية، وتبعاتها كذلك هي الأقسى بسبب ضيق المساحات الجغرافية المتوفرة أمام النازحين (عدم توفر منازل ووجهات آمنة)، إلى جانب الظروف الجوية القاسية".
وكانت الرئاسة التركية، قد نقلت الجمعة، عن أردوغان، قوله، إن "اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب يحمي الحدود التركية، ويمهد الأساس لإعادة الأوضاع في المنطقة لطبيعتها، ويضمن الأمن للقوات والمدنيين".
وأضاف: "كان بمقدور أمريكا أن ترسل معدات عسكرية إلى إدلب إن لم يبرم اتفاق وقف إطلاق نار، لكن لم نتلق دعما حتى الآن".
وإلى جانب الشق المتعلق بالحفاظ على حياة وممتلكات الأهالي، أشار المحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو، كذلك إلى ما أسماه "نجاح تركيا في الحصول على صفة شرعية ومقبولة لتواجدها العسكري الكثيف في إدلب".
وقال: "هناك أكثر من 15 ألف جندي في تركيا، انتفت عنهم مزاعم الاحتلال أو الغزو، المزاعم التي يروج لها النظام السوري".
وتابع قوله، بأن التفاهم يعطي لتركيا المزيد من الوقت لإعادة ترتيب أوراقها الداخلية أولا، ومن ثم مراجعة الحسابات لمنع خسارة جزء من علاقاتها الاستراتيجية مع الروس أو مع غيرهم.
وكذلك، "يعطي التفاهم الوقت لتركيا، لمراجعة حساباتها التكتيكية والعسكرية، بما في ذلك التنسيق مع المعارضة السورية المسلحة وترتيب صفوف الأخيرة"، وفق كاتب أوغلو.
إلا أن الأمر ذاته بالنسبة للنظام السوري، الذي لم يلتزم سابقا بأي اتفاق دولي.
وقال الباحث في الشأن السوري، أحمد السعيد، لـ"عربي21" إن "التفاهم الأخير جنّب المنطقة تبعات نزاع عسكري، كان من المحتمل أن يشمل المنطقة برمتها"، وذلك في إشارة إلى التوتر بين أنقرة وموسكو.
وقال: "ما يهمنا كسوريين وقف إطلاق النار، وليس حربا إقليمية أو دولية على أرضنا، لأن الخاسر حكما سيكون الشعب السوري".
وأضاف السعيد، أن "التفاهم وإن بدا لصالح روسيا والنظام، فإن دوامه هو لصالح المعارضة أيضا، فهو فرصة لإعادة ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية، وكذلك فرصة لإعادة النشاط للحل السياسي".
واللافت وفق الباحث، عدم إشارة تركيا وروسيا إلى "لجنة الدستور" المعطلة، وقال: "الأمل بأن يكون كل ما جرى إعادة لتحرك الحل السياسي وفق المنظور الأممي، والقرار الدولي 2254".
من جانب آخر، أشار كاتب أوغلو، إلى إعلان الرئاسة التركية عزمها الدعوة إلى مؤتمر دولي لبحث ملف إدلب، وقال: "ما يهم تركيا هو الحصول على وقف إطلاق نار مستدام في إدلب".
وفي هذا الصدد، اعتبر المحلل السياسي، أسامة بشير، أن من بين إحدى أهم إيجابيات التفاهم التركي الروسي، الإشارة التركية إلى العودة لمسار جنيف للحل السياسي في سوريا.
وقال إنه صحيح أن بنود المذكرة لم تأت على ذكر جنيف، غير أن تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إليها صراحة، كان له دلالة قوية.
من جانبه، قال القيادي السابق في الجيش السوري الحر، المقدم سامر الصالح، إنه نظرا لعدم وضوح بنود مذكرة التفاهم، فإن من المبكر الحكم على إيجابياته، مضيفا: "لا زلنا بحاجة إلى معرفة المزيد من التفاصيل للحكم عليها"
وأضاف أنه من غير الواضح بعد ما هو مصير المناطق التي تقع جنوب الطريق الدولي (M4) في ريف إدلب الجنوبي.
وسبق أن أكدت المعارضة السورية في حديثها لـ"عربي21"، أنها تدرس موقفها من التفاهم الروسي التركي في الشمال السوري.
وقال الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير المعارضة، ناجي مصطفى، إن الجبهة و"الجيش الوطني السوري" المعارض، "يدرسان حاليا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين بشأن وقف إطلاق النار".
وأكد أن فصائل المعارضة، لم تصدر بعد موقفها من الاتفاق، وذلك لأنها لم تطلع بعد على التفاصيل الكاملة للاتفاق بين بوتين وأردوغان، وأنها بحاجة أولا للوقوف على التفاصيل من أجل الخروج بموقف رسمي.
أما المحلل السياسي أسامة بشير، فعدّ أن من بين إحدى سلبيات التفاهم الأخير، "عدم وضوح آليات مراقبة وقف إطلاق النار، وكذلك آليات إلزام النظام السوري وروسيا بالعمل به".
وقال: "لا معنى لوقف إطلاق النار دون فرض حظر طيران في سماء إدلب، خصوصا أننا اعتدنا على خرق النظام وروسيا لكل اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، بذريعة الإرهاب".
وأشار بشير بعين الريبة إلى حديث الرئيس الروسي عن استمرار محاربة الإرهاب، وقال إن "كل ما جرى من تهجير وتدمير وسفك للدماء كان تحت ذريعة محاربة الإرهاب".
وتابع: "الذرائع لا زالت موجودة، ولن يدوم وقف إطلاق النار طويلا، وما جرى لا يعدو عن كونه مجاملات سياسية، وهدف النظام وروسيا استعادة كل المناطق".
بدوره، أكد الكاتب الصحفي عمار جلو، أن التفاهم لم يتطرق إلى "هيئة تحرير الشام"، وقال: "لا زالت الهيئة موجودة، ولا يبدو أن هناك بوادر للتعامل معها في الفترة القريبة".
وبحسب جلو، فإن التعامل مع ملف "تحرير الشام"، يعد واحدا من أبرز الملفات الإشكالية، خصوصا أن ما من تصورات لدى الأطراف المعنية بطريقة ناجعة لحل "تحرير الشام".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!