ترك برس
تحت عنوان "لماذا تدخلت تركيا في الصراع الليبي"، نشر موقع إذاعة صوت أمريكا تقريرا نقلت فيه عن خبراء أن أهدافا استراتيجية وسياسية واقتصادية دفعت تركيا إلى التدخل لصالح حكومة الوفاق الوطني.
ويستهل التقرير بالقول إن سلسلة انتصارات حكومة الوفاق الوطني كانت نقطة تحول في الحرب الأهلية التي استمرت ست سنوات في ليبيا، حيث برزت أنقرة كلاعب خارجي مهيمن محتمل في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
وقال نيغار غوكسل، مدير مركز مجموعة الأزمات الدولية في تركيا: "الدافع الرئيسي لتركيا كان منع سقوط ليبيا تحت سيطرة مصر والإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي كان سيشكل ضربة لمصالح أنقرة الجيوستراتيجية والاقتصادية ليس فقط في ليبيا نفسها ولكن أيضًا في شرق البحر االمتوسط".
وأضاف أن "ارتفاع شعور أنقرة الملح لتأمين اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا تزامن مع ذروة الحاجة الماسة لطرابلس لطرد قوات حفتر"، مضيفًا أن أنقرة ترى أن ليبيا بوابة للتأثير على البحر الأبيض المتوسط.
أسباب جيواستراتيجية
ويتحدث التقرير عن اتفاقية تسريم الحدود البحرية التي وقعتها تركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر مع حكومة الوفاق الوطني، وهو ما زاد من إحباط جيرانها، وفي المقام الأول اليونان وقبرص، الذين يعارضون حقوق الحفر التركية في المياه.
وبموجب الاتفاق، أعلن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز الأسبوع الماضي، أن تركيا قد تبدأ التنقيب عن النفط في شرق البحر الأبيض المتوسط في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر.
ووفقًا للمسح الجيولوجي الأمريكي، يحتوي شرق البحر المتوسط على الغاز الطبيعي بقيمة تقارب 700 مليار دولار. من هذا الاحتياطي، تقوم تركيا - على الرغم من احتجاج أوروبا - بحفر الغاز الطبيعي قبالة الساحل الشمالي لجزيرة قبرص المقسمة.
وفي الوقت نفسه، تعمل قبرص واليونان وإسرائيل على تطوير خط أنابيب يقدر بنحو 7-9 مليارات دولار لنقل غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا. ويقول بعض الخبراء إن صفقة تركيا مع طرابلس قد تعرقل الخطة لأن خط الأنابيب سيتعين عليه عبور الولاية القضائية التركية الليبية.
وقال تيم إيتون، زميل أبحاث كبير في تشاثام هاوس: "إن مذكرة التفاهم بين حكومة الوفاق وتركيا التي تعترف بالتفسير التركي أثارت غضبًا وعاملًا في القرار التركي بتقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق الوطني".
قطاع البناء التركي في ليبيا
يعتقد بعض الخبراء أن تأمين الفرص للشركات التركية في السوق الليبية هو دافع آخر وراء تدخل أنقرة في ليبيا، إذ تشارك الشركات التركية على مدى عقود في ليبيا، ولا سيما في قطاع البناء، بحسب قادر أوستون، المدير التنفيذي لمؤسسة سيتا، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن.
وقال أوستون: "حاولت تركيا التوسط لحل في أعقاب الربيع العربي مع زعيم البلاد آنذاك معمر القذافي، لتأمين مصالحها التجارية بالإضافة إلى سلامة أكثر من 20.000 مواطن تركي كانوا يعيشون في ليبيا في ذلك الوقت".
وأشار أوستون إلى أنه قبل سقوط القذافي، وقعت نحو مائة شركة بناء تركية عقودًا في ليبيا، لكنها اضطرت بسبب الأحداث التي صاحبت الربيع العربي إلى ترك مشاريعه غير مكتملة بخسارة 19 مليار دولار.
أسباب أيديولوجية
وينقل التقرير عن خبراء قولهم إن تركيا دعمت في الماضي حزب العدالة والبناء، وهو جماعة إسلامية ليبية لها علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، للحصول على موطئ قدم في حكومة الوفاق الوطني.
ويقول هؤلاء الخبراء إن الطموح الإيديولوجي وضع حكومة أردوغان على خلاف مع حكام الدول العربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الذين يرون في ظهور الأحزاب الإسلامية تهديدًا لسلطتهم.
وقال إيتون من تشاثام هاوس: "القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني تحتوي على بعض العناصر الإسلامية الملتزمة بهزيمة حفتر".
وأكد كريم مزران، وهو زميل أقدم في المجلس الأطلنطي، أن الاختلافات الإيديولوجية بين تركيا وكثير من الدول العربية قد أثارت لسنوات معركة في السياسة الخارجية ليس فقط في ليبيا ولكن أيضًا في دول أخرى مثل مصر وقطر.
وقال مزران: "من خلال تحدي الرؤية الأيديولوجية لتركيا، تأمل الدول العربية في منع إقامة أنظمة إسلامية صديقة لأنقرة. وقد استمر الأمر منذ عام 2011 عندما أدركت هذه الدول أن الربيع العربي قد يغير التوازن السياسي في المنطقة، وقررت التدخل مباشرة لمنع الأنظمة الإسلامية في هذه البلدان".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!