عبد القادر سلفي - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
كان حزب العدالة والتنمية منذ اليوم الأول لتأسيسه يكافح دوماً الأوضاع خارج إطار حزبه. لكن هل سيرجع الحزب الآن لنفسه ليعيش معركة داخلية؟ كان الحزب أيضاً يذهب إلى مؤتمراته بمرشح واحد منذ تأسيسه، فهل سنشهد الآن منافسة أكثر من مرشح من الحزب للمشاركة في مؤتمره القادم؟
تلك هي الأسئلة الراهنة، لكن إذا لم نضف إليهما السؤالين التاليين سيبقى الموضوع ناقصاً:
1- كيف سيعود رئيس الجمهورية عبد الله غُل الذي قال "سأرجع الى حزبي"؟وإلى أي موقع؟
2- من سيكون رئيس الوزراء القادم؟
سأرفع هذه الأسئلة أمامي، لأبحث عن أجوبتها من خلال كواليس اجتماع لجنة الإدارة المركزية لحزب العدالة والتنمية، والذي كان بعد انتخابات العاشر من آب/أغسطس مباشرةً برئاسة أردوغان الذي أخرج لنا من هذا الاجتماع رسائل هامة.
كانوا في ذلك الاجتماع يقيّمون نتائج الانتخابات المنتهية للتوّ. أردوغان أوضح أنّه: "راضٍ عن نسبة التصويت".
موضوع قاعدة "الثلاث فترات" كان ضمن أجندة الاجتماع. وحتى نفهم الصورة الصحيحة، لم يأت أي طلب لإلغاء هذه القاعدة من أعضاء لجنة الإدارة المركزية للحزب في هذا الاجتماع. لكن في أحد الاجتماعات السابقة طُرِح موضوع إلغاء قانون "الثلاث فترات" وتمّ رفضه بالإجماع. هذه المرة رئيس الوزراء أردوغان هو من ذكّر بهذا الموضوع.
ورد موضوع "الثلاث فترات" في حديث أردوغان خلال هذا الاجتماع حينما قال: "نحن حركة تجديدية. نكبر بازدياد عدد المصوتين لنا. نتحدث عن تركيا الجديدة. ونحن كحركة أطلقنا مصطلح "تركيا الجديدة" من أجل تركيا لذلك علينا الالتزام بتفعيل قانون الثلاث فترات". جاءت هذه الكلمات بلسان أردوغان لتؤكد وبقوّة أن قانون الثلاث فترات لن يتغير.
اقترح بعض الأعضاء في الاجتماع تأجيل عقد مؤتمر الحزب إلى اليوم التالي لخروج عبد الله غُل من القصر الجمهوري، أي بتاريخ 29 آب/أغسطس، وليس كما هو مقرّر قبل ذلك التاريخ بيوم، لأنّهم قلقون من أن ذلك المؤتمر – حسب رأيهم – قد ينتج عنه فهم خاطئ للأمور داخل الحزب.
فماذا كان موقف أردوغان من هذا الاقتراح؟ استمع لهم بإنصات، ودوّن ملاحظته ثم قال: "أصدقائي، أعرض هذا المقترح لتصويتكم".
رُفض المقترح بالإجماع، لذا قرر أردوغان عقد المؤتمر الطارئ للحزب قبل يوم واحد من خروج عبد الله غُل من القصر الجمهوري، أي بتاريخ 27 آب/أغسطس. وقدّم كتاب التكليف بذلك إلى أعضاء اللجنة المركزية، لتتجلى هنا أبهى صورة لثقافة حزب العدالة والتنمية. فحينما وصل كتاب التكليف من أردوغان إلى أمام العضو الذي اقترح التاريخ الجديد، والذي رُفض بالإجماع قام بالتوقيع والموافقة عليه. وهذا ما يليق بحزب كحزب العدالة والتنمية.
بعد ذلك بدأ يتحدث "يالتشن أكدوغان" رئيس مستشاري رئيس الوزراء لأعضاء اللجنة المركزية لإدارة الحزب، وقال: "زعيم حزب العدالة والتنمية هو رجب طيب أردوغان، والحزب لن يبحث عن زعيم جديد. في مؤتمر الحزب القادم سنختار رئيساً للحزب".
وحاول "يالتشن أكدوغان" تسليط الضوء على رئاسة الجمهورية عندما قال: "ستبقى فترة رئاسة الجمهورية بصورة رمزية - في القصر الجمهوري - في تركيا القديمة".
وأضاف: "نحن نتحدث عن تركيا جديدة. تركيا الجديدة اختار شعبُها رئيس الجمهورية. رئيس جمهورية تركيا الجديدة سيكون مختلفاً. سيكون رئيسا قويّا. وسيكون مع رئيس الجمهورية القوي رئيس وزراء قوي متوافق معه".
وبخلاف كل التحليلات التي أشارت إلى أن رئيس الوزراء القادم ربما يكون رئيساً فخرياً، أو رئيساً يدير شؤون وزرائه فقط، أوضح أردوغان أنّ "رئيس الحزب ورئيس الوزراء سيكونان نفس الشخص. سيكون رئيس وزراء قوي".
وتحدّث أردوغان عن مَن سيخلفه في رئاسة الحزب قائلاً إنّ "الحفاظ على وحدة وتماسك الحزب أمر مهم جداً. لأن استقرار حزب العدالة والتنمية يعني استقرار تركيا. إذا طال هذا الموضوع، سيكون هناك من يلقي بذور النفاق المختلفة. مهمتنا الأساسية الحفاظ على وحدتنا وتماسكنا. وهذا لن يكون برئيس وزراء ضعيف. يجب أن يكون رئيس الوزراء قوياً. لأنّه هو من سيخرج عام 2015 إلى الميادين، وهو من سيطلب أصوات الشعب. لذا يجب أن يكون رئيس وزراء قوي إلى جانب رئيس جمهورية قوي".
وأريد هنا تسليط الضوء على بعض نقاط خارطة الطريق التي رسمها أردوغان:
1- أردوغان الذي يرى استقرار تركيا من استقرار حزبه، لن يصل إلى القصر الجمهوري تاركاً كل شيء خلف ظهره. بالعكس، هو يريد تسليم الحزب وهو على رأس عمله إلى أسماء قادرة على قيادته بنجاح. سيكون ذلك الاسم من بين 9 أسماء أسّست الحزب، وقادته إلى الفوز بتسعة انتخابات متتالية، لم يفشلوا ولو لمرة واحدة، وحصلوا على 52% من أصوات الشعب لرئاسة الجمهورية.
"أوزال" و"دميرل" وصلوا القصر الجمهوري دون إعادة تصميم حزبيهما. والآن تنثر الرياح بقايا آثار الحزبين (حزب الوطن الأم، حزب الطريق القويم). أردوغان الذي استخلص العبر من تجربتهم سيعيد تصميم حزبه ليبقى موجوداً في مستقبل تركيا. لأنّ أردوغان يدرك جيداً أنّ استقرار حزبه سيقود إلى استقرار تركيا.
الآن اسمحوا لي بإنزال الأسئلة من أمامي فالإجابات أصبحت واضحة.
كيف سيذهب حزب العدالة والتنمية لمؤتمره في 27 آب/أغسطس؟ سيذهب ككُلّ مرة بمرشّح واحد.
كيف سيعود عبد الله غُل إلى حزبه وبأي موقع؟ في الوقت الراهن، سيعود كأحد أعضاء حزب العدالة والتنمية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس