ترك برس
أفادت مصادر أمنية وإعلامية في تركيا، عن وجود مقترحات جديدة لحل أزمة منظومة "إس 400"، بين أنقرة وواشنطن، وذلك مع بدء العد التنازلي للقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بنظيره الأمريكي جو بايدن، منتصف يونيو/ حزيران الجاري، في بروكسل.
اللقاء المقرر عقده في الرابع عشر من الشهر الجاري على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، سيكون الأول بين الزعيمين عقب وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ويتوقع أن يكون الأهم والأكثر مصيرية في مساعي التأسيس لمستقبل العلاقات التركية الأمريكية التي تشهد منذ سنوات تراجعاً كبيراً وسط خلافات كبيرة ومتشعبة يسعى الطرفان إلى تجاوزها.
ويحلّ ملف منظومة "إس 400" التي اشترتها أنقرة من موسكو، على رأس الملفات الخلافية والصدامية بين تركيا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
وفي الوقت الذي تستعد فيه أنقرة لتفعيل المنظومة الدفاعية الروسية، ترفض واشنطن ذلك بشكل مطلق وتعتبره ابتعاداً عن "ناتو"، حيث بدأت في سياق ذلك بفرض سلسلة عقوبات على تركيا في محاولة لإجبارها على التخلي عن المنظومة الروسية وهو ما لم يقبل به الرئيس التركي حتى اليوم.
لكن وعلى الرغم من إصرار واشنطن على ضرورة التخلي التام عن المنظومة الروسية عبر إعادتها لموسكو أو تخزينها خارج البلاد، والإصرار التركي على عدم إمكانية التراجع والتمسك بالمنظومة باعتبار اقتنائها "قراراً وطنياً سيادياً"، إلا أن الطرفين يعملان منذ أشهر طويلة على طرح وبحث أفكار لـ"حلول إبداعية" يمكن أن توصل البلدين إلى حل وسط يمكنهما من نزع فتيل الخلافات والدخول في مسار جديد لتحسين العلاقات، وهي رغبة مشتركة تنامت مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض.
ومنذ بداية الأزمة تطالب تركيا بضرورة تشكيل لجنة مشتركة من قبل عسكريين ومختصين للبحث في المبررات الأمريكية لفرض العقوبات والتي تتمثل بالقول إن استخدام المنظومة الروسية في تركيا يشكل تهديداً على طائرات حلف شمال الأطلسي وأنظمته الدفاعية وأسرار طائرات "إف 35" الأمريكية، إلا أن واشنطن رفضت حتى اليوم المقترح التركي وأصرت على ضرورة التخلي التام عن المنظومة بدون البحث في هذه التفاصيل.
وفي ظل هذه التعقيدات، ركزت المساعي خلال الأشهر الأخيرة على طرح حلول "مبتكرة" يمكن أن تساعد البلدين في التوصل إلى حل وسط ينهي الأزمة، حيث طرحت أفكار من الجانبين منها إعادة المنظومة إلى روسيا أو نقلها وتخزينها في بلد ثالث أو تطبيق "نموذج كريت" أي تخزين المنظومة في مكان أو جزيرة بعيدة مع عدم تفعيلها، وغيرها من الأفكار التي لم ينجح الطرفان في التوافق عليها حتى اليوم.
وذكر تقرير لـ "القدس العربي"، أنه وفي إطار التحضيرات للقمة المقررة بين أردوغان وبايدن، حيث تجري سلسلة من الاتصالات والمباحثات على المستويان السياسي والعسكري في محاولة للتوصل إلى حل يتوافق عليه الزعيمان في القمة الأولى بينهما والتي ستؤسس لمستقبل العلاقات التركية الأمريكية في عهد بايدن وسط توافق على أن المعضلة الأولى والأصعب هي أزمة "إس 400" وأن أيّ حلحلة في العلاقات يتوجب أن تبدأ من حل هذه الأزمة وهو ما قد يفتح آفاقاً كبيرة للتعاون بين الجانبين.
وفي هذا الإطار، أجرت نائبة وزيرة الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان زيارة إلى أنقرة قبل أيام وأجرت مباحثات مطولة على عدة مستويات في محاولة للوصول إلى نقاط اتفاق يجري بحثها في القمة المرتقبة، وسط أنباء عن أن المباحثات تمحورت حول طروحات وأفكار يمكن أن تساهم في حل أزمة "إس 400". ونقل عن المسؤولة الأمريكية قولها إن "واشنطن عرضت على أنقرة بديلاً عن منظومة إس 400 وأن تركيا تعلم الخطوات التي ينبغي عليها اتخاذها، آمل أن نتمكن من إيجاد طريق مشترك"، دون مزيد من التوضيح.
ونقلت "القدس العربي" عن مصادر أمنية وإعلامية تركية عن طرح جديد يجري بحثه بقوة بين الجانبين، حيث تحدث أكثر من مصدر -غير رسمي- عن أن إدارة بايدن طرحت تخزين منظومة "إس 400 الروسية" في قاعدة إنجيرلك الجوية التي تستخدمها القوات الأمريكية بولاية أضنة على أن تبقى غير مفعلة وتحت رقابة القوات الأمريكية المتواجدة هناك، في حين قالت تسريبات أخرى إن هناك طروحات أخرى بتفعيل المنظومة ولكن تحت رقابة أمريكية في إنجيرليك.
ورأى محللون أتراك أن هذا الحل يبدو منطقياً وذلك في حال الاتفاق على ترك مساحة لتقديمه من قبل الحكومة للشارع التركي وذلك بالقول إن المنظومة أدخلت الخدمة ومفعلة وإن أنقرة ارتأت تفعيلها في تلك المنطقة، أو أنها تحت قيادة تركية كاملة وسوف تستخدم بناء على الحاجة وأنه لن يتم إعادتها لروسيا أو نقلها لخارج البلاد أو وضعها تحت سيطرة أمريكية. كما أن أنقرة يمكن أن تحصل مقابل ذلك على منظومة باتريوت بشكل سريع وأن يتاح لها العودة إلى برنامج طائرات "أف 35."
إلا أن هذا الطرح يبدو معقداً إلى حد كبير، لا سيما وأن ذلك لا يبدو ممكناً من جانب العلاقات التركية الروسية وما قد يشكله ذلك من تهديد لأسرار المنظومة الروسية في حال وضعها تحت الرقابة الأمريكية وهو ما لن تقبل به موسكو على الإطلاق، كما ستعتبر أي رقابة أمريكية على تخزين المنظومة أو حتى تفعيلها بمثابة نسف لكافة التصريحات التي أطلقها أردوغان وكبار المسؤولين الأتراك طوال السنوات الماضية والتي ارتكزت على أن قرار شراء وتفعيل المنظومة هو "قرار سيادي تركي" لن يتم التراجع عنه تحت أي ظرف من الظروف، ومن شأن أي تدخل أمريكي في مصير المنظومة أن يعتبر من قبل المعارضة "رضوخاً وتدخلاً أمريكياً في ملف سيادي."
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!