ترك برس
فقدت معلمة التاريخ حوى إيبيك ينار، البالغة من العمر 35 عاما، بصرها منذ 20 عامًا بسبب مرض التهاب الشبكية الصباغي المعروف في تركيا باسم مرض الدجاج الأسود، وهي اليوم تتحرك وتتجول بكل راحة منذ أن حظيت بمساعدة الكلب المرشد قبل 4 أشهر.
بدأت ينار، تعاني من ضعف البصر في سن مبكرة، ثم فقدت نظرها تماما في عمر 15، وأكملت دراستها الثانوية بمساعدة عائلتها وأصدقائها، والتحقت بجامعة بوغازيتشي بالرغم من مواجهتها لجميع أنواع الصعوبات.
حصلت ينار بعد تخرجها على تعيين كمعلمة تاريخ، ثم تزوجت ورزقت بطفل، وقدم لها زوجها الدعم في حياتها، وحتى في تحقيق أمنيتها بامتلاك "الكلب المرشد"، وأخيرا حصلت على الكلب "ملاك" من جمعية الكلاب المرشدة، الذي تغيرت حياتها تماما بمرافقته.
كانت ينار تحتاج لمساعدة الطلاب حتى تتمكن من الوصول إلى غرفة المعلمين، لكنها تسعد حاليا بخروجها مع الكلب المرشد الذي لطالما رغبت بامتلاكه، وتحركها بكل حرية وراحة معه لأول مرة منذ أصيبت بمرض التهاب الشبكية الذي أدى إلى فقدان بصرها بالتدريج، ثم واصلت حيانها التعليمية بنجاح بدعم من المحيطين بها.
أشارت ينار، إلى حديث زوجها قبل عامين عن الكلاب المرشدة قائلة: "بحثت عنها كثيرا، عثرت عليها في الخارج إلا أنني لا أمتلك المال الكافي، كما يتوجب تنشئة الكلب وتدريبه وفقا للظروف التركية، فقدمت طلبًا لجمعية الكلاب المرشدة التي أجرت معي مقابلة أولية، قالوا لي: (سنقدم لك الكلب المناسب لإعاقتك). وقد ذكرت ذلك لطلابي الذين كانوا سعداء جدا كأنني سأجري عملية أو سأتمكن من الرؤية بعيني، وأخيرا اجتمعت بالكلب (ملاك)".
تحدثت ينار، عن الفرق بين عصا المشي والكلب المرشد: "أنا مع ملاك منذ 3-4 أشهر، ويمثل بالنسبة لي العصا البيضاء رمز الاستقلالية، ولا يمكن فهم ذلك دون التعرض للعقبات. بالعصا يمكنك قطع مسافة 5 دقائق في 10 دقائق، وستضطر للتحرك ببطء، أما مع الكلب المرشد فالوضع مختلف تماما، إنه ينظر أمامك بشكل غريزي، أي أنك عندما تسير يتحكم هو أيضا في سيرك، لذلك تسير بشكل أسرع، وعندما يلاحظ قدوم أي سيارة يسحبك إلى زاوية أخرى، ويسحبك أيضا عند رؤيته سيارة في يمينك أو يسارك، لكنك بالعصا لا تلاحظ إلا بعد وقوع تماس بينك وبين السيارة".
لاحظت ينار، مع طلابها بأن "ملاك" يستلقي تحت الطاولة في أثناء تقديمها الدرس، وقالت: "بعد انتهاء الدرس يرافقني إلى غرفة المعلمين دون الحاجة لمساعدة أحد. لقد اجتمعت بملاكي بمساعدة نوردنيز تونتشر، رئيس جمعية الكلاب المرشدة، و تلقيت تدريبا معه لمدة شهر على ركوب الباص والذهاب لحفل الزفاف وغير ذلك".
وأعربت ينار عن سعادتها بالسير مع الكلب بحرية أكبر، فعيناه تعتبر عينيها أيضا: "السير مع ملاك مختلف جدا وله طعم خاص، فإذا سالني أحد: هل تحتاجين المساعدة؟ أجيب بلا، فأنا أسير مع ملاك، وأقول ذلك بكل ثقة، خاصة في فترة الوباء حين كنت أضطر للإمساك بيد شخص ما في الخارج. كنت أشعر بالتوتر ولم أكن أرغب بإزعاج أحد، واليوم أستمتع بامتلاك كلب مرشد".
أكدت ينار، أن الكلب المرشد ليس روبوتًا يتوقع منه تنفيذ كل الأوامر، فهو معتاد على الروتين والحياة العادية، وقالت: "لن تواجه أي مشكلة في توجيه كلبك عندما تعرف إلى أين أنت ذاهب، ولكنك قد تجد صعوبة عند ذهابك إلى مكان لا تعرفه".
يحب أهل إسطنبول الكلاب كثيرا، إلا أن فكرة الكلب المرشد جديدة عليهم، ويتوجب عليهم عدم لمس هذه الكلاب أو إلهائها عن أداء وظيفتها، تقول ينار: "يلاحظ الكلب المرشد إذا رغبت بمداعبته في أثناء سيره معي، وقد يتشتت انتباهه إذا كنا على الدرج لحظة مداعبته وقد أسقط".
بورجو بورا، التي تعمل مدربة كلاب مرشدة منذ عامين، وتجتهد بتطوير نفسها في هذه المهنة، قالت: "نتخذ قواعد ومعايير جديدة في كل عام. نبدأ بتدريب الكلب المرشد في عمر 8-10 أسابيع، ثم نقدمه لعوائل الرعاية الطوعية، الذين نزورهم بانتظام لسؤالهم هل لديه تطور أو تراجع؟ ثم تتدرب معنا الكلاب بدقة لمدة 3-6 أشهر، لتقدم للمعاقين بصريا، ونحرص على أن تكون كلابنا مثالية".
أشارت بورا، إلى اتباع قواعد مختلفة في التدريبات: "على سبيل المثال قبل تسليمه للعوائل المتطوعة، يمنع من الجلوس على الأريكة، ويأكل من طعامه فقط، ويدرب على الاستجابة لبعض الأوامر، ويتم تعويده على الذهاب للمرحاض، كما نهتم بتنشئته اجتماعيا، لأن حياة الأشخاص المعاقين بصريا مختلفة، وندربه على الانتظار في مواقف الحافلات والمقاهي والمطاعم ومراكز التسوق، وحتى دخول مترو الأنفاق، ونواصل تدريبه حتى يبلغ 15-16 شهرا".
كما تحدثت بورا عن أهمية الاعتياد على السير بحزام قيادة الكلاب، وتدريب الكلاب على لوح التوازن: "نهدف لتقوية أقدامها الخلفية وبناء ثقتها بنفسها، ونعلمها إنجاز بعض الأعمال مثل إحضار الحقيبة أو المحفظة، وندربها لمدة 3-6 أشهر ثم نخرجها إلى الشارع. يسير الكفيف بعيون مغلقة ومقود العصا البيضاء في يده، وينبغي أن يفهم الكلب بأن من يقوده معاق بصريا وعليه توجيهه وإرشاده على الطريق، ومن المهم معرفة خصائص المعاق بصريا: هل يسير ببطء أم بسرعة؟ هل هو اجتماعي بدرجة عالية أم متوسطة؟ ونحن نراعي ذلك ونقدم له كلبا يتطابق معه".
ذكرت بورا أن هناك ثلاث طرق لمطابقة الكلب مع الكفيف الذي يأتي للتدريب في المركز أيضا: "يتعلم الكفيف كيف يعيش مع الكلب لمدة 4-5 أيام في المنزل، ثم يعود للمنزل ويعيش بمفرده، ونعمل معا لمدة شهر حتى يتكيف مع حياته الخاصة. يلتقي الكفيف بالكلب 3-4 أيام، حيث نهيئه للتأقلم مع الكلب باقي حياته، ونجري تفقدًا بانتظام، ونساعده فور احتياجنا. تغطي جمعيتنا نفقات التغذية والبيطرة، ويتوجب أن يكون الكلب المرشد هادئًا، ويعمل بجد، ومنفتحًا على تعلم كل جديد. لدينا 5 كلاب مرشدة، نفحص كل كلب منها وندقق بأدق خصائصه، وليس من الممكن أن يكون كل كلب كلبا مرشدا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!