ترك برس
لجأت قوات النظام السوري، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى قصف مدفعي استهدف جبل الزواية في إدلب، والمناطق المتاخمة لنطاق سيطرتها في ريف حلب الغربي، في خطوة سبقت قمة سوتشي بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
وعقب انتهاء القمة التي سادها نوع من التوافق غير المباشر بين الجانبين التركي والروسي، اتجهت الأنظار إلى الساحة في إدلب وما الذي ينتظرها في ظل تصعيد النظام هجماتها على المنطقة، بغطاء جوي روسي.
وفتح هذا التصعيد من قبل النظام، الباب أمام تساؤلات حول نية قوات النظام المدعوم روسياً، قضم منطقة جديدة من إدلب كما جرت العادة منذ عام 2018. حيث تشرع قوات النظام بعمليات عسكرية بعد غارات روسية مكثفة تفضي أخيرا إلى السيطرة على مناطق واسعة من إدلب، وما يتصل بها من أرياف من محافظات حماة وحلب.
لكن سياسة القضم تلك وصلت مرحلة "بالغة الخطورة" بالنسبة للمعارضة؛ فبحسب قيادي فيها -فضل عدم الكشف عن اسمه- فإنها لن تقبل بأي حال من الأحوال بخسارة جبل الزاوية وقمة جبل الأربعين التي تتصل معه جغرافيا، وفق تعبيره، لما لها من أهمية إستراتيجية تهدد وجود المعارضة والثورة السورية ككل في مدينة إدلب، ومناطق واسعة من شمالي غرب سوريا.
ونقل تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، عن القيادي في المعارضة السورية، قوله إن الجانب التركي أبلغهم أن أنقرة ردت على طلب موسكو بفتح الطريق الدولي بين اللاذقية وحلب المعروف بطريق "إم 4" (M4)"، بمطالبة روسيا بالعودة إلى اتفاق "سوتشي" لعام 2018، الذي يضمن عودة النازحين إلى المناطق التي خسرتها المعارضة حول الطريق الدولي بين دمشق وحلب والمعروف بطريق "إم 5" (M5).
وكان الطرفان الروسي والتركي قد توصلا إلى اتفاق موسكو في مارس/آذار 2020، ونص على وقف إطلاق النار وإنشاء ممر آمن، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي (إم 4)، تبدأ من بلدة الترنبة (شرق إدلب) حتى عين الحور (غرب) آخر منطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة.
لكن هذا الاتفاق يتعرض لخروق متواصلة، وقصف من قبل النظام السوري وروسيا يتركز على مناطق جبل الزاوية (جنوب إم 4).
وبالنسبة للوقائع على الأرض، فإنها لا تشير إلى أي عملية عسكرية كبيرة قادمة، كما يرى كمال عبدو عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب.
ويقول عبدو إن الوضع الميداني بإدلب يكشف أن التفاهمات بين أنقرة وموسكو وصلت إلى طريق مسدود، مرجحا أن يتوصل الطرفان لاتفاق جديد، وأن تحاول موسكو الضغط عن طريق القصف لتحصيل مكاسب أكبر خلال هذا الاتفاق.
وباعتقاد الخبير السياسي، فإن المعركة القادمة إن وقعت في ادلب، لن يقدر أحد على توقع نتائجها وتبعاتها التي قد لا تتوقف ضمن الحدود السورية، وذلك بالنظر إلى أن الجانب التركي قد زجّ بقوات قتالية ضخمة جنوب إدلب.
ومؤخراً، صعّدت طائرات روسية من قصفها لمناطق في إدلب (شمال غربي سوريا) قبل قمة بوتين أردوغان، التي استضافتها مدينة سوتشي، الأسبوع الفائت، الأمر الذي قد يتسبب في موجة جديدة من اللاجئين السوريين، وتتخوّف تركيا من تدفق مزيد من اللاجئين نحو حدودها.
وتعوّل روسيا على الحساسية التركية من ملف اللاجئين السوريين، وكذلك على التوجه التركي الجديد نحو تحسين العلاقات المتوترة مع دول عدة في المنطقة (الإمارات، مصر، السعودية)، لدفع أنقرة إلى تليين مواقفها من نظام الأسد.
ويعتقد خبراء أن التوصل لتفاهم شامل بين الأطراف الفاعلة في سوريا سيكون بطيئا، وسيحتاج إلى وقت طويل، بسبب تداخل الملفات وتعقيدها ونقص الثقة بين الأطراف المتنازعة.
بدوره، يستبعد بدر ملا رشيد الباحث في الشؤون الكُردية لدى مركز "عمران" للأبحاث، أن يكون الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد توصلا إلى حل نهائي بشأن محافظة إدلب، خلال لقائهما الأخير في سوتشي.
ويرجح ملا رشيد الاستمرار بآليات التنسيق، ومراعاة أهمية ذلك لدى الجانب التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!