ترك برس
ناقش خبراء اقتصاديون، التداعيات التي قد تنتج عن فتح مجلس الرقابة الحكومي في تركيا، تحقيقاً حول احتمال التلاعب والمضاربة بالليرة التي شهدت مؤخراً تراجعاً قياسياً أمام الدولار.
ومؤخراً، أمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مجلس الرقابة الحكومي، بفتح تحقيق في تلاعب محتمل بالعملة، وتحديد المؤسسات التي اشترت كميات كبيرة من العملات الأجنبية وتحديد ما إذا كان قد حدث أي تلاعب.
وفي معرض تعليقه على الأمر، ذكر الباحث المتخصص بالاقتصاد التركي الدكتور أحمد مصبح أن خطوة أردوغان بالتحقيق هي محاولة منه لسد الثغرات الموجودة في ما يتعلق بسهولة عملية بيع الليرة، الأمر الذي يمكن به التصدي لمثل هذه الهجمات في المستقبل.
وقال مصبح في حديثه لـ "الجزيرة نت"، إنه "يمكن بهذا التحقيق الوقوف بصورة دقيقة على مصدر وأهداف هذه العمليات البيعية لليرة خاصة أنها تتم في وقت واحد وضمن حملة ممنهجة، ومن ثم مصارحة الشعب في هذا الموضوع، لا سيما في ظل اشتعال وتيرة الحرب الاقتصادية على تركيا".
ويتوقع الباحث الاقتصادي انعكاس التحقيق إيجابا على الليرة لكن بشكل محدود من خلال الإجراءات الوقائية الممكن اتخاذها في هذا السياق، وحسب نتائج التحقيق.
وقد انخفضت الليرة إلى 13.45 مقابل الدولار، بما يعادل 15%، في عمليات بيع تاريخية يوم الثلاثاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن تنتعش لاحقا بعض الشيء.
بدوره، ذكر أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو" متين إيرول، للجزيرة نت، أن المضاربات وسحب الليرة إلى ملعب السياسة، قبل الاستحقاقات الانتخابية، هي السبب المباشر في قرار أردوغان بفتح تحقيق، خاصة بعد تراجع سعر الصرف والاشتغال على مخاوف الأسواق بعد تخفيض سعر الفائدة والتوقعات باستمرار التخفيض.
ورجّح أيرول ألا تقتصر المضاربة على من وصفهم بالأدوات المحلية، بل ثمة مضاربة وانسحابات لأموال خارجية أيضا، بهدف منع تركيا من الاستقلال بقرارها الاقتصادي وإبقائها مرهونة للوبي الفائدة المرتفعة والدول الكبرى.
وأضاف "المضاربون سيتكبّدون خسائر في حال أثبت التحقيق علاقتهم بتدهور الليرة، كما أن الليرة ستنتعش وستستقر بعد استيعاب السوق صدمات تخفيض سعر الفائدة، وستظهر النتائج الاقتصادية والمؤشرات المرتفعة، خاصة في قطاعي الإنتاج والصادرات".
في حين ذكر الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي للجزيرة نت أن خطوة التحقيق في تلاعب محتمل جاءت بسبب حصول مضاربات عنيفة على سعر الصرف، فقد كان هناك مستفيدون أتراك وأجانب من عملية المضاربات.
ويعتقد الصاوي بوجود فئة وظّفت المضاربة سياسيا في إحراج أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم من أجل إظهارهم فاشلين في إدارة الملف الاقتصادي، فالأمر استلزم الإقدام على خطوة التحقيق بحيث تمارس الرقابة على الحسابات التي تتضخم داخل الجهاز المصرفي، وكذلك العمليات غير الرسمية في شركات الصرافة أو العمليات الكبيرة في بورصة النقود.
ولفت إلى أنه من شأن إنجاز مجلس الرقابة القائم على التحقيق لمهمته في مدة قصيرة أن يؤدي إلى تحسن جيد في الليرة، لكن إذا لم ينتج عن التحقيق وجود متلاعبين فلن يكون لخطوة التحقيق تأثير على العملة التي تحتاج إلى حزمة من الإجراءات وليس إلى إجراء واحد.
يُذكر أن بداية تراجع الليرة التركية أمام الدولار، مؤخراً، بدأ عقب إعلان أردوغان والبنك المركزي التركي، خفض أسعار الفائدة، وذلك بالرغم من الزيادة المستمرة في حجم الصادرات، ونمو الاقتصاد في الربع الثالث من 2021، ورفع مؤسسات دولية من توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي نهاية العام الحالي.
وأكد الرئيس التركي في أكثر من مرة، بأن هدف حكومته هو الوقوف مع مستقبل المواطنين الأتراك وعملهم ولقمة عيشهم، قائلا إن "قيمة الفوائد ستنخفض، لن ندع الفوائد تسحق شعبنا ومزارعينا".
كما لفت أردوغان إلى أن بلاده أقدمت على "خطوات قطعت الطريق أمام المكايد التي كانت تُنصب للدول النامية، بزيادة التضخم عن طريق رفع الفائدة".
وقبل قرابة أسبوع، أكد أردوغان أن بلاده ستخرج منتصرة من حرب "الاستقلال الاقتصادي" التي تخوضها في المرحلة الحالية، موضحا أنه لن يسمح بزيادات مفرطة في الأسعار.
وأضاف: "لن نسمح للانتهازيين الذين يرفعون أسعار السلع بشكل مفرط بذريعة ارتفاع سعر الصرف، وسنواصل الكفاح ضد هؤلاء"، منوّها إلى أن هناك مناورات تُحاك بشأن سعر الصرف وأسعار الفائدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!