ترك برس
تعددت الروايات المتعلقة به، يفوق سحره الخيال، يداعب مخيلة الحالمين والزائرين والسياح في مدينة إسطنبول، يتوقون لزيارته مرات عدة، لتخليد الأوقات الجميلة السعيدة من أمام مشهده الفريد.
إنه برج الفتاة المعروف باسم "Kız Kulesi" وهو معلم تاريخي يقع وسط مضيق البوسفور الذي يقسم مدينة إسطنبول لشطرين آسيوي وأوروبي، ويربط بحري مرمرة جنوبا والأسود شمالا.
وعلى مقربة من ساحل أوسكودار في الشطر الآسيوي للمدينة، يتدفق السياح لرؤية البرج ومن خلفه جمال إسطنبول، من أجل التقاط الصور التذكارية للمكان الذي بات معلما سياحيا هاما للمدينة.
وفي الوقت الذي يخضع فيه البرج للترميم، وهو يستخدم كمطعم أيضا، يتدفق الزوار وعشاق المدينة للساحل من أجل التمتع بالمشهد الجميل والتقاط الصور التذكارية مع الأحبة، وتخليد زيارتهم. وفق تقرير لوكالة الاناضول.
** روايات عديدة
بين الأسطورة والحقيقة، يتألق برج الفتاة الذي ارتبطت به الكثير من القصص الغريبة، والتي أبقته لغزاً غامضاً في عرض الماء، ومكاناً مميزاً يجذب آلاف السياح، وحفلات الأعراس التركية.
وأشهر الحكايات حول بنائه هي أنه كان هناك سلطاناً يحب ابنته كثيراً، راوده حلم، رأى فيه أنه في عيد ميلادها الـ 18 سوف تلدغها أفعى وتودي بحياتها.
وما أن استيقظ السلطان حتى قام بإبعاد ابنته عن اليابسة لحمايتها، حيث ردم جزءًا من مضيق البوسفور، وشيد لها برجًا وسط المضيق، للحيلولة دون وصول أي أفعى إليها.
تلقت ابنة السلطان هدية عبارة عن سلة مليئة بالفاكهة، كان يختبئ فيها ثعبان تسلل إليها، فلدغ الفتاة وقتلها، ولشدة حزن والدها عليها، تم تسمية المكان "برج الفتاة"، كي يتذكر زوار البرج العبرة من القصة بأنه لا مفر من قضاء الله.
ظل البرج مهجوراً لسنوات طويلة، إلى أن استخدم عام 1110 ميلادي، محطة مخصصة للسفن القادمة عبر البحر الأسود.
** استخدامات عديدة
واستخدم البرج سابقا من قبل حكام المدينة على شكل موقع لإغلاق البوسفور بوجه حركة الملاحة عبر السلاسل الحديدة، من خلال ربطه بالضفة الأوروبية، ولتنظيم التجارة ومرور السفن.
وكان يسمح عبر ممر صغير بعبور السفن من أجل إحكام السيطرة على المدينة، ومنع دخول الأعداء لها وخاصة في سنوات الحرب حيث يتميز بشُرفة تحيط بقمته وهي ذات إطلالة فريدة.
يتألف البرج، من 6 طوابق يبلغ ارتفاعها 23 مترًا، يربط بينها درج لولبي يمكن من خلاله التنقل بسهولة، للاستمتاع بالمطاعم والمقاهي.
وأثناء فتح القسطنطينية عام 1453 استخدم برج مراقبة وبقي كذلك إلى أن وقع زلزال عام 1509 أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، وعقب إصلاحه، استخدم منارة حتى عام 1829، وحينها بدأ يستخدم بمثابة حجر صحي.
وعام 1832 تم ترميمه من قبل السلطان محمود الثاني، الذي أضاف الدعم الصلب حوله، كإجراء احترازي ضد الزلازل، وحاليًا، تحول إلى مقصد سياحي يصله الزوار عبر القوارب في رحلة تستغرق 10 دقائق فقط.
كما تنتشر على الساحل المقابل للبرج مقاهٍ ومطاعم يأتي روادها للاستمتاع بمنظر البرج بشكل بانورامي ساحر.
** رحلة ترميم
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأت وزارة الثقافة والسياحة التركية، أعمال ترميم البرج، وقال وزير الثقافة والسياحة محمد نوري أرصوي، إن الوزارة تبذل جهودا حثيثة من أجل اكتشاف المزيد من الآثار التاريخية، والحفاظ على الآثار الحالية.
وأضاف أن الوزارة أطلقت مشروع ترميم برج الفتاة، الذي يعد من أهم الرموز السياحية في إسطنبول، مشيرًا أنه من الأبراج النادرة حول العالم بسبب موقعه المميز وسط البحر، موضحا أنه جرى استخدامه لأغراض مختلفة عبر مئات السنين.
وأشار إلى أن البرج كان يستخدم بداية لضبط حركة السفن عبر المضيق، ومن ثم تحول إلى قلعة، وبعدها إلى منارة بحرية، ومستودع لحفظ السيانيد لفترة قصيرة، فضلا عن استخدامه للحجر الصحي، قبل أن يأخذ شكله الحالي كمطعم بعدما خضع للترميم بين عامي 1995 و2000.
وأوضح أن البرج تعرض لتغيرات مادية ومكانية بسبب استخداماته المختلفة عبر التاريخ، وأن وزارته أطلقت عملية ترميم فيه لهذا السبب، ومن المنتظر انتهاء أعمال الترميم وافتتاحه أمام الزوار مجددا في أبريل/ نيسان 2022.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!