ترك برس
تشترك الصومال وتركيا في تاريخ طويل يعود إلى العهد العثماني، فقد لعب الأتراك دورًا كبيرًا في نضال ذلك البلد الإفريقي من أجل الاستقلال عن الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية.
كان للصومال قوات تسمى "الدراويش" بقيادة السيد محمد عبد الله حسن، أحد أبطال الاستقلال، وكان الأخير متديناً وقائدًا عسكريًا لحركة الدراويش من 1856 إلى 1920، مدعومًا من جانب العثمانيين للقتال ضد الحكم البريطاني.
ووفقًا للرئاسة الصومالية، يمكن العثور على مساجد تاريخية في البلاد يعود تاريخها إلى مئات السنين بناها العثمانيون.
كما يمكن العثور على المباني والمساجد التاريخية في مدينة بربرة الساحلية في منطقة "أرض الصومال"، والتي تعد مثالاً على التأثير التركي المرئي في أنحاء البلاد.
لم يكن لتركيا تأثير ثقافي في الصومال فقط، ولكن العلاقات الجيدة بين البلدين، والتي تطورت على مدى عقد من الزمان، مكّنت الشعبين التركي والصومالي من الاندماج بسهولة.
تعيش نسبة كبيرة من المغتربين الصوماليين في تركيا، وهناك أيضاً عدد كبير من المغتربين الأتراك في الصومال، منهم رجال أعمال وأطباء ومهندسون وعاملون في المجال الإنساني.
متحدث الرئاسة الصومالية عبد الرشيد محمد حاشي، قال لوكالة الأناضول: "إذا ذهبت إلى تركيا ووجدت فرصة لزيارة إسطنبول أو أنقرة، سترى أن المغتربين الصوماليين اندمجوا بسلاسة في المجتمع، من خلال ممارسة الأعمال التجارية والالتحاق بالجامعات للدراسة".
وأضاف: "هناك شركات طيران تركية تحلق فوق مقديشو يومياً لتنقل الركاب الصوماليين، وهذا أمر جيد بالنسبة إلى اتفاقية التكامل الثقافي التي تم توقيعها بين الصومال وتركيا منذ سنوات".
** إحياء السينما الصومالية
تخطط مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية الحكومية "تي آر تي" للقيام بأعمال من شأنها مساعدة الثقافة الصومالية على الازدهار مرة أخرى عن طريق تدريب صانعي الأفلام على إنتاج أعمال درامية عالية الجودة، والتي كانت يوماً ما تحظى بشعبية كبيرة، ولكنها اختفت بعد الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1990 بعد انهيار النظام العسكري.
وقال حاشي: "التقينا بمديري قناة تي آر تي وسوف يساعدوننا في إعادة ثقافتنا وموسيقانا وصناعة الأفلام إلى المسار الصحيح، كما سيتم ترجمة الأعمال الدرامية التركية في الصومال لضمان ازدهار التبادل الثقافي بين البلدين".
طوّرت الصومال وتركيا صداقتهما الوثيقة في العام 2011، بعدما قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة إلى البلاد كأول زعيم غير إفريقي يقوم بذلك منذ أكثر من 20 عامًا.
وبسبب السينما التركية، تضاعف الطلب خلال هذا العام على تعلم اللغة التركية بين الشباب، وخاصة النساء والفتيات.
زينب عبدي أدان، فتاة صومالية تحب الدراما التركية، قالت إنها تتابع الدراما في بلاد الأناضول منذ نحو ثلاث سنوات، كما أنها تعلمت أيضًا كيفية التواصل باللغة التركية.
وقالت أدان للأناضول: "أحب الطريقة التي يتصرفون (الممثلون الأتراك) بها بجدية عندما يتحدثون في شؤون الحب، أنا أحبها ومدمنة الآن على مسلسل درامي تاريخي جديد يسمى ألب أرسلان، وأفضل فنان بالنسبة لي هو فرات توبكورور، الممثل الذي يقوم بدور الباغوت (في ذات المسلسل)".
من جهته، قال أحمد عثمان، رجل مسن في مقديشو: "إذا كنت تريد معرفة مدى تأثير تركيا في الصومال، فما عليك سوى التحقق من أسماء النساء في البلاد".
ولفت عثمان إلى أن من أشهر الأسماء النسائية في البلاد هو اسم "إسطنبول".
وأضاف: "نحن مرتبطون من حيث الدين، ويسعدني أن أرى بلدًا إسلاميًا كبيرًا لديه هذا النوع من التأثير علينا، لأنه قبل جيلنا كان لدينا تأثيرات غربية مثل الثقافة الإيطالية، ولكنها لم تعد موجودة".
وقال فيصل علي، أحد الشباب الصوماليين، إنه يترجم الأفلام التركية من العربية إلى الصومالية، إذ شاهد خمس أعمال درامية مختلفة، بما في ذلك المسلسل التاريخي "أرطغرول".
وتابع: "شاهدت كل المواسم الخمسة من مسلسل أرطغرول في ثلاثة أشهر فقط، وشاهدت أيضًا مسلسلًا عسكريًا بعنوان الوعد، وأنا أشاهد حاليًا مسلسل بربروس".
** احتفال خاص
احتفلت الصومال هذا العام بالذكرى العاشرة لعلاقتها الخاصة مع تركيا، وكان دبلوماسيون أجانب ومسؤولون صوماليون كبار وسفير تركيا لدى مقديشو من بين الشخصيات المرموقة الذين حضروا الاحتفال.
وأدى خلال الاحتفال "الدراويش" الأتراك الرقصات الحية في "مجمع هالان" الذي يضم مقر الأمم المتحدة في العاصمة مقديشو.
وقال حاشي: "تمت دعوة المطربين الصوماليين والموسيقيين الأتراك لعرض مدى تأثير التبادل الثقافي بين الصومال وتركيا، وقد دُهش جميع الحاضرين والمشاركين من العروض".
ورأى أن السينما التركية غيرت قواعد اللعبة في البلاد، إذ فقدت أفلام أجنبية أخرى هيمنتها، مشيراً إلى أن الصوماليين أحبوا في السابق مشاهدة أفلام "بوليوود"، لكن الأفلام التركية تجاوزت ذلك الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!