ترك برس
لكل مدينة من المدن التركية، تاريخها وتراثها المميز لها، ولسكانها نمط الحياة الخاص بهم، يتلاءم مع حضارتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم المعتادة، كما هو الحال في مدينة أنطاكيا (Antakya)، وهي مدينة تاريخية، تقع على الضفة اليسرى لنهر العاصي، وعلى بعد 30 كم من شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وقد كانت أنطاكيا عاصمة سوريا قبل الفتح الإسلامي، في القرن السابع، وما زالت حتى الآن عاصمة للكنائس السورية المسيحية.
كانت أنطاكيا محط أنظار للجميع، لهذا تعرضت المدينة لعدة غزوات، من الروم، والصليبين، والفرنسيين، قبل انتقالها تحت السيطرة التركية، سنة 1939م، وتم الفتح الإسلامي لهذه المدينة مبكرا جدا، في سنة 15 هجري، 636م، على يد المجاهد أبو عبيدة عامر بن الجراح، وتعزز الإسلام فيها وازدهر، بفضل معاوية بن أبي سفيان، الذي شجع ترحال المسلمين من الشام والعراق ولبنان، ليستوطنوا في هذه المدينة، حتى أصبحت منطقة إسلامية آمنة.
وفي وقتنا الحاضر يسكنها، المسلمون والنصارى الأرثوذكس، لأهميتها الدينية لدى المسيحيين، فهي أول مدينة أطلقت اسم المسيحيين على أتباع المسيح، وأسس القديس بطرس أول أسقفية له، ويعتمد سكانها بمعيشتهم على الزراعة، مثل زراعة القطن والعنب والزيتون، والقمح والأرز والخضار، وصناعتها شبه حرفيه، فهي تنتج الحرير والصابون، والجلد والخيوط القطنية.
ما يميز هذه المدينة، أنها محصنة طبيعيا وبقوة كبيرة، فهي محاطة بالجبال العالية من الجنوب والشرق، ومن الغرب نهر العاصي، ومن الشمال مستنقعات وأحراش، ومحاطة المدينة بأسوار عالية، من كل جانب، وعلى هذه الأسوار ثلاثمائة وستون برجا للمراقبة، ولها أهمية سياحية كبيرة، لما تحتويه من غابات وكهوف وتاريخ ومدن عتيقة، ولجمالها الطبيعي سميت "بالريفييرا" التركية.
تفتح المدينة أبوابها للزوار على مدار العام، خاصة في فصل الصيف، لتظهر للسياح والزوار أجمل ما لديها، من معالم بارزة منها، متحف أنطاكيا الأثري، الذي يحتضن اكبر مجموعة من الفسيفساء الروماني في العالم، ويعرض عملات معدنية تاريخية، والعديد من التحف التي تعود لمختلف العصور، كما يوجد خلف المتحف وعلى ضفاف نهر العاصي، حديقة أنطاكيا، المليئة بالزوار والسكان المحليين، خصوصا في الصباح الباكر، لممارسة الرياضة، حيث هناك العديد من المقاهي التي تقدم الشاي والقهوة في الهواء الطلق. وتضم المنطقة نفق "تيتوس"، الأعجوبة الهندسية الرومانية التي تستحق المشاهدة، تم انجازه بحفر الجبال، لحماية المدينة والميناء من الفيضانات، ويبلغ طوله 1000م، وارتفاعه 7م، وعرضه 6م، والمشي بالممر صعب جدا، وبني بأمر من "سيليوكوس بنكاتور"، ويحتوي على قبور في الصخور والكهوف.
تمتلك المدينة مشهد رائع لشلالات حربية، ومسجد منارة يلفي، الذي يمتلك مئذنة مزينة بالبلاط، يبلغ ارتفاعها 38م، وترتكز على قاعدة حجرية مربعة. وتحتوي المدينة على العديد من الأسواق، والفنادق خمسة نجوم، مثل فندق "ديفان"، بني بحرفية وذوق رفيع، ويطل على أفضل مكان، للبحر عند خليج أنطاكيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!