خير الدين قرمان - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
تعود عبارة "قل خيرا أو اصمت" إلى النبي صلى الله عليه وسلم. في الستينات من القرن الماضي أفطرت مع عالِم يقصد علمه اليوم آلاف الطلبة. ذلك المرحوم لم يقل سوى جملتين كانتا دعاء ما قبل الإفطار ودعاء ما بعده.
قبل مدة قرأت قصة "المرأة التي لا تتكلم إلا بالقرآن" في مختارات اسمها "المستطرف". هذه المرأة المتدينة عندما قرأت آية: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (ق 18)، قطعت على نفسها عهداً أن تعبّر عن كل ما تريده باستخدام الآيات القرآنية فقط. وقامت بذلك فعلا.
عندما استمعت إلى الدروس الدينية الخاصة والعامة وجدت بعضها مجرّد أحاديث فارغة، أو غير مهمة، أو مكررة، أو حتى أحاديث مضرة، عندما شاهدت هذا المستوى تذكرت تلك القصة.
في الأشهر الأخيرة أصبح بعض "المتدينين" و"المشايخ" لا يتكلمون إلا عن أنّ "الرشوة، السرقة، أكل حقوق العباد، الاستفادة من الأموال عامة كلها أمور محرمة". استدلّوا على ذلك بالآيات والأحاديث وكأنّ تلك المواضيع المعروفة تحتاج إلى دليل أو إثبات. هذا ما يسمّى "إثبات المثبت".
ربما يكون مُهمّا تكرار بعض المواضيع، ولكن يجب أن لا يكون ذلك من أجل قرصنة دور لممارسة السياسة، أو اتهام الناس بصورة واضحة أو مضمنة، أو لقذف الناس. يكون تكرار المواضيع مشروعا إذا كان الهدف "تحذير بعض الناس الذين يكررون نفس الأخطاء برغم معرفتهم بذلك".
كل مسلم يعلم جيدا أن الأفعال التي ذكرتها في الأعلى هي أفعالٌ مُحرّمة. كل إنسان يعرف دينه، يعلم أن من يمارس تلك الأفعال يشوه سمعته، بل ويرغب في أن يرى عواقب أفعاله، لهذا يعمل كل شيء من الواجب عليه فعله.
لكن البعض في هذه الدولة يتهم الشرفاء بـ"السرقة" ثم بعد أشهر عديدة يخرج كل فترة في التلفاز وفي الصحف ليَعِظ الناس بحُرمة السرقة والفساد. هذه المواعظ خرجت من إطار "النصيحة الصادقة للمؤمنين"، لتصبح اتهاماً باطلاً، وافتراءً، وتشويهاً وظلماً.
عندما نقول "هناك اتهامات طفت على السطح، يجب الاستقصاء عن صحتها من جهة محايدة وعادلة لمعرفة الحقيقة" يكون الأمر منطقياً ومشروعاً. لكن التداول المستمر للاتهامات غير المثبتة وخدش الشرفاء أمر آخر وغير مشروع.
على الوعّاظ أيضا في هذه الأيام أن يعظوا الناس أكثر عن هذا النوع من "الافتراءات" لأننا بحاجة ماسة إلى تلك النصائح!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس