ترك برس

شهدت قوائم مرشحي الأحزاب التركية للانتخابات البرلمانية المقبلة، بروز وجوه لم يعتد عليها عالم السياسة في البلاد، وتميزت بأنها تضمنت العديد من الشخصيات الفنية والرياضية، فضلاً عن المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي.  

مع تسليم الأحزاب السياسية التركية المشاركة في الانتخابات المرتقبة قوائم مرشحيها إلى اللجنة العليا للانتخابات في التاسع من أبريل/نيسان الجاري برزت العديد من المفاجآت في ما يتعلق بأسماء المرشحين، فيما أظهرت تركيبة القوائم التكتيكات التي اتبعتها الأحزاب لكسب أصوات الناخبين، وفي مقدمتها ترشيح المشاهير والمؤثرين لعضوية مجلس النواب.

ومن المعتاد في الانتخابات التركية أن ترشح الأحزاب على قوائمها أسماء وازنة وذات شعبية، لكن خصوصية الانتخابات المزمع إجراؤها في 14 مايو/أيار المقبل والتنافس الشديد بينها دفع هذه الأحزاب إلى تطوير هذه الإستراتيجية لتشمل مؤثرين من خارج عالم السياسة.

ورغم أن حزب العدالة والتنمية كان قد رشح المغني التركي الشهير إبراهيم تاتليسس عدة مرات عن ولاية أورفا فإن قوائم الحزب الحاكم -كما أحزاب المعارضة- شهدت تعاظم هذه الظاهرة لتشمل فنانين ورياضيين وكتّابا ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبالإضافة إلى ذلك سعت معظم الأحزاب إلى ترشيح أسماء تمثل شرائح متنوعة بما في ذلك الشرائح التي تصوت تقليديا للأحزاب المنافسة، في محاولات مستميتة لكسب أي صوت إضافي ممكن في الانتخابات.

مشاهير الفن والرياضة

وفي مقدمة الأسماء التي وصفتها الصحافة التركية بالمفاجأة لاعب كرة القدم الألماني التركي مسعود أوزيل (34 عاما) نجم نادي أرسنال الإنجليزي، والذي ختم مسيرته بالانتقال إلى نادي فنربخشة التركي، قبل أن يعلن اعتزاله كرة القدم في الثاني من مارس/آذار الماضي.

وقدم حزب العدالة والتنمية مسعود أوزيل -الذي واجه سابقا بعض المتاعب مع المنتخب الألماني بسبب علاقته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- مرشحا له عن ولاية إسطنبول.

ويحظى أوزيل بشعبية استثنائية في البلاد بسبب تعرضه لما وصفه هو نفسه بالعنصرية من قبل زملائه في الاتحاد الألماني لكرة القدم، واختياره اللعب أخيرا في بلده الأم، وتبنيه قضايا تحظى بإجماع في الشارع التركي مثل قضية الإيغور في الصين.

ومن عالم الفن، رشح حزب العدالة والتنمية الممثل الشهير بهادير يني شهيرلي أوغلو (المعروف بدور تحسين باشا في مسلسل السلطان عبد الحميد) عن مانيسا، أما حزب العمال التركي فقد رشح الممثلة والكاتبة المسرحية أسمراي أوزاديكتي عن إسطنبول.

مفاجآت المعارضة

في المقابل، قدم حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) على قوائمه البرلمانية المحامية سفغي كلج البالغة من العمر 27 عاما مرشحة عن إسطنبول، لتكون أول مرشحة محجبة في تاريخ الحزب.

وفي الوقت نفسه، حرص الحزب ذاته على عدم إدراج أسماء أعضائه الذين ظهروا في صور مع زعيم الحزب كمال كليجدار أوغلو قبل أيام وهم يقفون بالحذاء على سجادة الصلاة، مما أثار الجدل والانتقادات بحقه.

من جهته، قام حزب الجيد (ثاني أكبر أحزاب المعارضة) بترشيح اليوتيوبر ومؤسس قناة "إيلافي تي في" (İlave TV) على قوائمه عن أنطاليا.

وفي تحليل أسباب ظاهرة ترشيح المشاهير والمؤثرين على قوائم الأحزاب الانتخابية، يرى الكاتب والمحلل السياسي التركي في وكالة الأناضول محمود عثمان أن أغلبية الشعب تتابع المشاهير عن قرب وتتأثر بما يقولونه، وبالتالي ترشيح مثل هؤلاء ربما يجلب تأييد هذه الجماهير وكسب أصواتها.

وأضاف عثمان في حديث للجزيرة نت أن ثمة شريحة تثق بهؤلاء المشاهير وتعتبرهم يمثلون وجهة نظرها، وبالتالي يتم ترشيحهم للاستفادة من تأثيرهم على الجماهير.

اصطياد المؤثرين

ولفت عثمان إلى أنه "أحيانا يحدث ما يشبه عملية اصطياد لممثل أو رياضي من الطرف الآخر"، وضرب على ذلك مثلا بحزب يميني يرشح شخصية مشهورة محسوبة على اليسار، ليتمكن من خلالها من التأثير على الجمهور المقابل، خاصة أولئك الذين لا تستهويهم سياسة الحزب.

وفي السياق نفسه، اعتبر عثمان أن أغلبية المشاهير القادمين من عالم الفن في تركيا أقرب إلى التيارات اليسارية التي بدورها تؤمّن لهم الشهرة، وقلة قليلة منهم ينتمون إلى التيارات المحافظة، مما يجعل البحث بينهم عن حلفاء أمرا مطلوبا في أي معركة انتخابية.

وقال "تصريح من رياضي أو فنان مشهور قد يؤثر في الرأي العام أكثر بكثير مما يقوله السياسيون، لأن ما يقوله السياسيون دوما محل شك وتمحيص".

ولم تتوقف تكتيكات الأحزاب على ترشيح المشاهير والمؤثرين من عالم الفن والرياضة والإعلام، بل ذهب بعضها إلى دخول عالم التواصل الاجتماعي كما فعل زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو حينما أعلن عن فتح حساب له على منصة تيك توك على أمل الوصول إلى شريحة الشباب والمراهقين.

على أنغام الترند

وللغرض نفسه حاول زعيم حزب البلد محرم إنجه دخول عالم تيك توك عبر مواكبة أساليب مستخدميه، ولا سيما بتصوير أنفسهم وهم يؤدون رقصات أو حركات تتصدر المنصة باعتبارها ترندا.

وبينما يعتمد إنجه توجيه معظم رسائله السياسية إلى الشباب عمد إلى القيام بنفسه بأداء إحدى الرقصات الشهيرة في المنصة بشكل متكرر، وقام أعضاء من حزبه بالأمر ذاته، وهو ما تحول إلى ترند بين المستخدمين الأتراك على تيك توك.

وإذا كانت أحزاب المعارضة أظهرت حرصا خاصا على دخول عالم الجيل "زد" (Z) عبر ولوج منصة تيك توك ومخاطبة مستخدميه، فضلا عن ترشيح شخصيات قد تكون مؤثرة فيه فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم ركز على بعث رسالة تنوع وتمثيل أوسع شريحة ممكنة من المجتمع، خاصة الشباب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!