ترك برس
اعتمدت وزارة التجارة التركية إجراءات صارمة، في مطلع أغسطس/آب الماضي، لإعادة ضبط أسعار السيارات محليا من خلال حظر بيع السيارات المستعملة بثمن أعلى من السيارة الجديدة، وهو ما ساهم في تراجع الأسعار.
وتراجعت أسعار السيارات المستعملة في تركيا بنحو 10% لأول مرة منذ عامين بعد أن تحولت السيارات خلال الفترة الماضية إلى أداة للاستثمار وسط الصعود الجنوني في أسعارها، لتنهال عليها المضاربات بهدف تعظيم الأرباح.
وبحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد، تراجع إنتاج السيارات الجديدة في تركيا بسبب شح أشباه الموصلات وغيرها من لوازم الإنتاج أدى إلى زيادة الطلب على السيارات المستعلمة لتتجاوز أسعار المركبات الجديدة.
وعملت وزارة التجارة أيضا على اتباع نظام جديد لتتبع حالة مخزون السيارات الجديدة من خلال نظام تتبع إلكتروني مشابه لنظام الباركود المطبق على الأدوية، ما مكن الجهات الرقابية من تتبع المركبات الجديدة منذ خروجها من خط الإنتاج أو استيرادها من الخارج وحتى وصولها إلى العميل.
ويهدف هذا الإجراء إلى منع اكتناز العاملين في القطاع أو الموردين، للسيارات الجديدة، وتخزينها بهدف تعطيش السوق والتلاعب في الأسعار بغية تعظيم أسعار السيارات.
الإعلانات الوهمية
وأكدت صحيفة العربي الجديد في تقريرها أن أحد أبرز أسباب تنامي أسعار السيارات المستعلمة بشكل فج هو انتشار الإعلانات الوهمية على المواقع الإعلانية بأسعار خيالية أسهمت في الإخلال بمتوسط أسعار المركبات وعدم معرفة القيمة الفعلية لها خاصة مع تهاوي الليرة خلال العامين الماضيين.
وهو ما دفع وزارة التجارة لفرض عقوبات جزائية على من يقدم معلومات كاذبة في الإعلانات، فضلا عن إلزام صاحب الإعلان تقديم بيانات شخصية واضحة، على أن تقوم منصة الإعلان من التحقق من كون الشخص هو شخص حقيقي أم اعتباري، وتغريم كل صاحب مركبة انتهك قواعد البيع والشراء 300 ألف ليرة (11.18 ألف دولار).
ونقلت الصحيفة عن أوفوك كوتاي، أحد أصحاب معارض السيارات بمنطقة أفجيلار بمدينة إسطنبول، قوله إن أسعار السيارات المستعملة بدأت في التراجع بعد موجة أسعار عالية استمرت على مدى عامين واصفا إياها بالاستثنائية، مشيرا إلى أن أسعار السيارات المستعملة تراجعت بين 8% و10%.
وأضاف كوتاي أن هناك تراجعاً في أسعار السيارات الجديدة أيضا ولكن ليس بمستوى السيارات المستعملة التي أصبحت متوفرة بسهولة، مرجعا أسباب تلك الزيادات الكبيرة في أسعار السيارات المستعملة إلى العقبات العديدة التي كان يواجهها المستوردون بسبب تأخر وصول السيارات الجديدة.
وأشار إلى أن تأخر وصول السيارات الجديدة من الخارج ليس هو السبب الوحيد في عزوف العميل عن شراء السيارات الجديدة، "بل تقلبات أسعار صرف العملة المحلية وتغيرات أسعار المركبات في منشأها الأم قبل وصولها مع بداية أزمة الإنتاج في 2021 أدت إلى فقدان ثقة العميل في تلك السيارات".
ارتفاع المبيعات
وفي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/ آب من عام 2023، ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة 64.3% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 582,419 وحدة، كما زاد سوق المركبات التجارية الخفيفة بنسبة 66.4% ليصل إلى 172,863 وحدة، بحسب بيانات رابطة موزعي السيارات والنقل (ODMD).
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 5 سبتمبر/أيلول الجاري، إن حكومته غرمت تجار السيارات الذين يتصرفون بطريقة تؤدي إلى الإخلال بتوازن العرض والطلب 221 مليون ليرة (8.23 ملايين دولار) حتى الآن، فيما تجاوزت الغرامات المفروضة على تجار التجزئة بسبب الاكتناز ورفع الأسعار الباهظة 188.5 مليون ليرة (7.02 ملايين دولار).
بدوره رأى راجيب جينار، صاحب محل سيارات في إسينيورت بمدينة إسطنبول، أن تراجع أسعار السيارات المستعلمة في تركيا يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع معدل الفائدة في البنوك، مشيرا إلى أنه عندما كان معدل الإقراض في البنك المركزي عند 8% كانت تكلفه قروض السيارات عند متوسط 20% في حين أنه بعد الزيادات الأخيرة في معدل الفائدة من قبل المركزي أصبحت تكلفه الإقراض على السيارات تزيد عن 40%.
وأضاف جينار، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع تكلفه الإقراض على السيارات أدى إلى تراجع الطلب على السيارات المستعملة ما دفع التجار لخفض أسعار السيارات في محاولة للحفاظ على جاذبية القطاع، مشيرا إلى أن ما يحدث من تراجع في الأسعار يتماشى منطقيا مع عودة السيارات إلى كونها بالأصل سلعة استهلاكية وليست استثمارية.
السيارات الكهربائية
ومع زيادة الإقبال التدريجية على السيارات الكهربائية التي تشهدها تركيا، مازالت المركبات الصديقة للبيئة بعيدة عن أسواق المستعمل في ظل محدودية انتشارها وسط توقعات بزيادتها في الفترة المقبلة خاصة مع بداية انتشار سيارات توغ التركية الصنع بالشوارع.
وقال جينار، إن انتشار السيارات الكهربائية محليا يحتاج عدة سنوات، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب تغير الثقافة لدى المستهلكين فضلا عن ضرورة توفير البنية التحتية اللازمة لتلك النوعية من السيارات، متوقعا أن يبدأ تداول السيارات الكهربائية في أسواق المستعمل بعد 5 سنوات من الآن.
وتمكنت السيارة التركية توغ من تحقيق أعلى مبيعات في شريحة السيارة الكهربائية خلال شهر أغسطس إذ جاءت توغ T10X في مقدمة السيارات الكهربائية الأكثر مبيعا بواقع 1965 سيارة، بينما جاءت رينو ميجان E-Tech في المرتبة الثانية بواقع 918 سيارة، وفي المرتبة الثالثة جاءت MG 4 بواقع 412 سيارة، وفق بيانات رابطة موزعي السيارات والنقل (ODMD).
من جهته، قال باساران سايلر، أحد وكلاء سيارات إم جي في إسطنبول، إن السيارات الكهربائية تمتاز بأنها لا تحتاج لكثير من الإصلاحات فضلا عن كونها تعد اقتصادية من حيث الاستهلاك، لذا فإن تواجدها في السوق المستعملة قد يكون في 2025 إذ من المتوقع أن يكون هناك إضافات جديدة في الموديلات الأحدث ما سيدفع أصحاب تلك السيارات للتخلي عن سياراتهم الحالية.
وأشار سايلر، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن السيارات الهجينة أو ما يطلق عليها Hybrid، التي تجمع بين الكهرباء والوقود، هي الأكثر رواجا في السوق التركي في الوقت الحالي فضلا عن توافرها في سوق المستعمل إذ يميل إليها أغلب العملاء "في ظل التنامي التدريجي للبنية التحتية اللازمة للسيارات الكهربائية.
وبلغ إجمالي عدد محطات شحن السيارات الكهربائية 3 آلاف و790 محطة شحن تقدم خدمات الشحن بينها 6 آلاف و112 مقبس شحن يعمل بالتيار المتردد (AC) و1889 مقبس يعمل بالتيار المباشر (DC).
ووفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي فإنه مع نهاية يونيو/حزيران الماضي بلغ عدد السيارات الكهربائية في تركيا 27 ألفًا و476 سيارة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!